توصّل عدد من المواطنين أول أمس الاثنين فاتح أبريل برسائل نصية تفيد بوقف استفادتهم من التغطية الصحية أو من الدعم الاجتماعي تحت مبررات مختلفة، وجد الكثير منهم بأنها لا تنطبق على حالاتهم، كما هو الشأن بالنسبة لما يتعلق بـ «أداء واجبات الاشتراك المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي»، وذلك بعلّة أن المعني بالأمر «هو عامل غير أجير»؟ وإذا كانت هذه الحالة يمكن أن تنطبق فعلا على البعض، فإن البعض الآخر لم يستطع فهم واستيعاب مضمون الرسالة لكونه يعيش خارج زمن الكسب عن طريق العمل، ومحروم من أي دخل مادي كيفما كان نوعه، بسبب التقدم في السن أو عطالة امتدت في الزمن، إلى جانب الإصابة بأمراض مختلفة، مما جعل الكثيرين يتمنون أن يكون الأمر مندرجا في إطار ما يعرف بـ «كذبة أبريل» وألا يستفيقوا على وضع جديد يزيد من معاناتهم ويفاقم من حدة مشاكلهم الاجتماعية.
رسائل توزعت في المضمون لكن تبين بأن غايتها واحدة، التي كان وقع التوصل بها على المعنيين بها مرعبا بالنسبة للبعض، كما هو الحال بالنسبة لأسرة تعيش في حي درب الفقراء بتراب درب السلطان في مدينة الدارالبيضاء، على سبيل المثال لا الحصر، التي توصلت برسالة تفيد بأنه «سيتم وقف استفادتها من نظام أمو تضامن لكون المؤشر الاقتصادي والاجتماعي للأسرة أصبح يتجاوز عتبة الأهلية لهذا النظام، ومن أجل الاستفادة يجب الانتقال إلى نظام أمو الشامل المخصص للأشخاص القادرين على دفع اشتراكاتهم الذين لا يمارسون أي نشاط مدفوع أو غير مدفوع الاجر». رسالة حين البحث في تفاصيل عيش هذه الأسرة سيتبين على أنها تكتسي غرابة كبيرة، فالأمر يتعلّق برجل مسنّ، بدون دخل ويعاني من مرض السكري المزمن، الذي يعيش في غرفة في سطح منزل رفقة زوجته المسنّة أيضا، التي تعاني من أمراض السكري والضغط الدموي والكلي والقلب والشرايين، وهما معا كانا إلى غاية يوم الاثنين يقيسان مستويات السكري في الدم ويراقبان ارتفاع الخزان، فإذا بهما يكتشفان أن السكري ليس وحده الذي يرتفع وينخفض، وإنما المؤشّر كذلك، الذي كلما ارتفع كان ذلك عنوانا على مصاريف أخرى يجب أن يسدّداها من أجل الاستمرار في الاستفادة من التغطية الصحية، التي هما في حاجة ماسة إليها بسبب وضعهم الصحي المتردّي، ونفس الأمر بالنسبة لمبلغ الدعم الاجتماعي الذي قد يحرمون منه، رغم أنه لن يكفي لسد الاحتياجات الأساسية، علما بأن المعنيين بالأمر، موضوع هذه الحالة، تعيش معهما تحت نفس السقف شقيقة الزوجة، وهي امرأة مطلٌّقة بدون معيل، المصابة هي الأخرى بأحد أمراض السرطانات، وهو ما تؤكده الملفات الطبية للمعنيين بالأمر، وبالتالي فالجميع مرتبط بشكل قوي بملحاحية مجانية العلاج وبذلك الدعم المعدودة دراهمه على رؤوس الأصابع، لمواجهة الحياة بكافة تحدياتها.
حماية اجتماعية، بات عدد من المواطنين اليوم، من الفئات الاجتماعية الهشة، التي تعاني على أكثر من مستوى، محرومين منها، سواء الذين لم يتم إدراجهم منذ البداية في البرنامج، لكون الأمر يتعلق بأشخاص وحيدين يعيشون بمفردهم على كرم وجود الجيران وغيرهم، خاصة الأرامل والمسنين والمطلّقات، أو تعلّق الأمر بمواطنين تم تمكينهم من الدعم خلال مراحله الأولى، وفُتح لهم باب الولوج إلى العلاجات من خلال «أمو تضامن»، فإذا بهم يجدون أنفسهم في لحظة مفاجئة على موعد مع حرمانهم من هذه الخدمات التي طالما انتظروها، والتي كانت خطوة للقطع مع «صندوق المقاصة» ورفع الدعم عن العديد من المواد الغذائية والاستهلاكية، التي سيقتنيها الكلّ اليوم بنفس السعر المرتفع، الامر الذي يتطلب تدخلا لتصحيح هذه «الاعطاب» التي تزيد من ارتفاع مستويات الضغط الدموي والسكري ومختلف العلل الصحية عند الفقراء والمعوزين الذين علّقوا آمالا عريضة على الحماية الاجتماعية وانتظروا أن تكون سقفا يأويهم ويحميهم من تقلبات الحياة الاقتصادية والاجتماعية الصعبة؟