بعد سنتين على التعليمات الملكية الداعية لمعالجة اختلالاتها الهيكلية : الدولة ضخت 41 مليار درهم في ميزانية المؤسسات العمومية ولم تجن منها سوى 10.7 مليارا

 

رغم انقضاء أزيد من سنتين على خطاب العرش، ليوم 29 يوليوز 2020، الذي دعا فيه جلالة الملك إلى «الإسراع بإطلاق إصلاح عميق للقطاع العام، ومعالجة الاختلالات الهيكلية للمؤسسات والمقاولات العمومية». مازالت دار لقمان على حالها ومازالت العديد من المؤسسات والمقاولات العمومية تشكل عبئا ثقيلا على الدولة التي تضطر لضخ ملايير الدراهم في ميزانيتها دون أن يكون لها أثر ملموس.
ويخبرنا التقرير الذي نشرته أمس مديرية المنشآت العامة والخوصصة بأن الغلاف المالي المخصص للمؤسسات والمقاولات العمومية قفز بين 2017 و2021 من 28.8 مليار درهم إلى 40.7 مليار درهم. في المقابل لم تجن خزينة الدولة سوى 10.7 مليار درهم كعائدات.
وأوضح التقرير أن المدفوعات برسم الاستثمار على القروض الجديدة والمستحقات المتبقية بلغت 24,85 مليار درهم مقابل 19,04 مليار درهم في سنة 2020، بزيادة قدرها 30 في المائة.
بيد أن أهم ما سكت عنه التقرير هو أن جزءا كبيرا من قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية مازال يعاني من غياب استراتيجية واضحة، إضافة إلى مواكبة غير كافية وغير موحدة، فضلا عن غياب رؤية شاملة ومنسجمة مع مجموع القطاع العام. ونتيجة لذلك سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن أوصى بتصفية الوضعية المالية للمقاولات العمومية الاستراتيجية، وممارسة يقظة مستمرة على مديونية هذه المؤسسات، ومعالجة دين الضريبة على القيمة المضافة المتراكم لفائدة المؤسسات العمومية تجاه الدولة، إضافة إلى ترشيد التحويلات المالية للدولة نحو هذه المؤسسات وترشيد مردودية المحفظة العمومية.
وبالفعل فقد أصبحت محفظة المؤسسات والمقاولات العمومية قيد التصفية، تتكون من 76 هيئة، و13 مؤسسة عمومية، و14 شركة مملوكة للدولة، و24 فرعا عموميا، و25 شركة مختلطة.
ويشكل ارتفاع المديونية خطورة على الصحة المالية للقطاع وعلى الدين الخارجي بشكل عام، حيث أصبحت ديون المؤسسات والشركات العمومية تمثل 45 في المائة من المديونية الخارجية للمملكة.
وفي هذا السياق، جاء مشروع إحداث الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية كضرورة ملحة ضمن مقاربة إعادة هيكلة المؤسسات والمقاولات العمومية المذكورة، وتقييم مساهمات الدولة وتحسين أدائها من أجل جعل هذا القطاع محركا للتنمية الاقتصادية وقاطرة للقطاع الخاص.
وفي العديد من الحالات، ما زال دور «الدولة كمساهم» يظل غير محدد وغير واضح، أما دور «الدولة كمخطط» فيبقى أيضا غير محدد بالشكل الكافي. فالقيادة الاستراتيجية من طرف الوزارات ذات الاختصاص القطاعي غير مؤطرة قانونا، إذ أن الممارسات تعرف تباينا من قطاع إلى آخر، وذلك حسب الثقافة السائدة في كل وزارة على حدة ،وحسب مهارات المسؤولين المعنيين، ومستوى الأهمية التي يولونها لهذه المقاولات.
ونتيجة لكل هذا، فإن الدولة تجد نفسها مضطرة لأن تضخ في ميزانية هذه المؤسسات ملايير الدراهم دون أن تستفيد هي من الأرباح التي تجنيها هذه المنشآت العمومية، فمن أصل 269 مؤسسة ومقاولة عمومية وأزيد من 440 شركة فرعية ، فإن عدد المؤسسات العمومية المساهمة بأرباحها في ميزانية الدولة، لا يتعدى رؤوس الأصابع ، حيث إن أرباح المساهمات والحصص من الأرباح يبقى مصدرها الأساسي مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط ومجموعة صندوق الإيداع والتدبير ..
وقد فضحت تقارير المجلس الأعلى للحسابات مرارا تضخم أعداد الأعضاء داخل الأجهزة التداولية لبعض المؤسسات العمومية، علما بأن أكثر من 60 % من المؤسسات والمقاولات العمومية تضم أجهزتها التداولية أكثر من 18 عضوا ويصل العدد، في بعض الحالات، إلى 50 عضوا.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 15/10/2022