بعد طردهم من نظام «أمو تضامن» بسبب خوارزميات المؤشر غير الاجتماعية .. مرضى «الدياليز» .. خدمات صحية مقدّمة وفوترة علاجية مؤجّلة

يواصل مرضى القصور الكلوي المنحدرين من أسر معوزة وهشّة تلقي علاجاتهم بالمؤسسات الصحية العمومية منذ دخول العمل بنظام التغطية الصحية الإجبارية، تفعيلا للورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، وذلك بعد أن تقرّر الانتقال من نظام المساعدة الطبية «راميد» نحو «أمو تضامن»، في حين أن الأشخاص الذين وجدوا أنفسهم خارج تصنيفات «المؤشر» فقد أصبحوا تلقائيا موجّهين نحو نظام «أمو الشامل»، الذي يعني ضرورة تقديم اشتراكات شهرية من اجل الاستفادة من التغطية الصحية.
هذا الانتقال خلق جملة من العراقيل أمام عدد ليس بالهيّن من المواطنين، خاصة الذين يعانون من أمراض مزمنة، ومن بينها ما يتعلق بمرض القصور الكلوي المزمن الذي يتطلب خضوع المريض لحصص تصفية الدم بمعدل حصتين أو ثلاثة في الأسبوع الواحد، حسب وضعية كل مريض. عراقيل انطلقت فصولها بإزاحة العديد من المرضى من خانة «أمو تضامن» بسبب حسابات خوارزمية لاتعي ولا تستحضر المعطى الاجتماعي للعديد من الأسر التي يحضر فيها البعد التضامني بقوة، فوجدوا أنفسهم غير قادرين لا على تحمّل الاشتراكات الشهرية ولا نفقات العلاجات التي هم في حاجة إليها، وهو ما دفع وزير الصحة والحماية الاجتماعية السابق إلى الحث على الاستمرار في تقديم الخدمات الطبية، ومن بينها ما يتعلق بتصفية الكلي، للمرضى إلى حين تصحيح هذه الوضعية وذلك من أجل ضمان انتقال سلسل بين الأنظمة.
هذا الحلّ الذي كان يجب أن يكون مؤقتا في انتظار تصحيح الوضعية الاجتماعية للمرضى المعنيين اتخذ طابع «الديمومة» وبات إجراء مستمرا، لكن الملاحظ أنه في الوقت الذي اتخذ عدد من مسؤولي المؤسسات الصحية العمومية قرارا بعدم حرمان المرضى من حصص التصفية نظرا لخطورة أي تأخير أو تأجيل لها على صحة وحياة المرضى، فإن الاستفادة من هذه الخدمات الصحية تم التأسيس لها بناء على معطى إداري يجعلها تتلازم مع ملاحظة «في انتظار»، أي أن المطلب الصحي تتم الاستجابة له لكن الفوترة تبقى مؤجّلة؟
تأجيل يفتح الباب وفقا لعدد من المتتبعين للشأن الصحي لإمكانية مطالبة هؤلاء المرضى في أي فترة من الفترات بأداء المقابل المادي نظير تلك الخدمات الصحية التي استفادوا منها، بما أنه لم يتم تقديمها لهم بالمجان ولم يتم التنصيص على ذلك في الشقّ المتعلّق بالفوترة على المستوى المعلوماتي، وهو ما يجعل عددا من الفاعلين وضمنهم اطر صحية ينتقدون هذا الأمر، مشددين على أن هؤلاء المرضى وغيرهم الذين يتطلب وضعهم الصحي الخضوع لعلاجات ثقيلة ومكلّفة يجب تسوية ملفاتهم بالشكل الذي يضمن تمكينهم من العلاج بعيدا عن كل هاجس يرخي بظلاله على يومياتهم ويجعلهم قلقين من إمكانية مطالبتهم بأداء مبالغ في يوم من الأيام لا طاقة لهم بها، وهو ما يعكسه عدم قدرتهم على تسديد واجبات الاشتراك في نظام «أمو الشامل» الذين يرون بأنه لا يعنيهم لأن أوضاعهم المادية تعكس حقيقة عيشهم ووضعهم الاجتماعي.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 27/10/2025