الولايات المتحدة تدمر منشآت نووية إيرانية وسط مخاوف من حرب إقليمية أوسع
في تصعيد غير مسبوق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن القوات الأمريكية دمرت «بشكل تام وكامل» ثلاث منشآت نووية رئيسية في إيران، هي نطنز وفوردو وأصفهان، في ضربات جوية نفذت فجر أمس الأحد. وجاءت هذه الهجمات في اليوم العاشر من الحرب بين إيران وإسرائيل، التي بدأت في 13 يونيو، مما يعمق الأزمة الإقليمية ويهدد بتوسيع رقعة النزاع.
وبدأت الحرب عندما أطلقت إسرائيل حملة جوية واسعة النطاق على إيران، مدعية أن طهران على وشك الوصول إلى «نقطة اللاعودة» في برنامجها النووي. منذ ذلك الحين، ردت إيران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة على مدن إسرائيلية، بما في ذلك تل أبيب وحيفا وبئر السبع، مما أسفر عن مقتل 25 شخصًا وإصابة العشرات. في المقابل، أدت الضربات الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 400 إيراني، وإصابة 3056 آخرين، وفقًا لوزارة الصحة الإيرانية.
وكانت الولايات المتحدة، حتى الأحد، تقتصر على تقديم دعم دفاعي لإسرائيل ضد الصواريخ الإيرانية. لكن ترامب، الذي أعطى إيران مهلة أسبوعين لتجنب الضربات الأمريكية، قرر التدخل المباشر بعد تأكيدات إسرائيلية بأن إيران على بعد «أسابيع أو أشهر» من امتلاك سلاح نووي. وأفادت تقارير إعلامية أمريكية أن قاذفات «بي-2» شاركت في الهجوم، حاملة قنابل خارقة للتحصينات.
واستهدفت الضربات الأمريكية منشآت التخصيب النووي في نطنز، الموقع الأشهر في إيران، وفوردو، الواقعة تحت الأرض على بعد 180 كيلومترا جنوب طهران، وأصفهان، التي تضم مصنعا لتحويل اليورانيوم. وأكد ترامب، في خطاب من البيت الأبيض، أن الهجمات كانت «نجاحا عسكريا باهرا»، مشيرا إلى إسقاط «حمولة كاملة من القنابل» على فوردو. ومع ذلك، لم يتضح حجم الدمار أو عدد الإصابات، بينما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانية عدم رصد تلوث إشعاعي.
وردت إيران بإطلاق 40 صاروخا على إسرائيل، مما أدى إلى إصابة 23 شخصا وأضرار جسيمة في تل أبيب وحيفا ونيس زيونا. وأعلن الحرس الثوري الإيراني استخدام صواريخ باليستية متعددة الرؤوس لأول مرة، مستهدفا مطار بن غوريون الدولي. كما توعد الحرس بجعل الولايات المتحدة «تندم»، مؤكدا أن إيران ستستخدم «خيارات خارجة عن حسابات المعتدين». وأثارت الضربات الأمريكية ردود فعل متباينة. ففي شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ترامب، واصفا الهجوم بأنه «منعطف تاريخي» يقود الشرق الأوسط نحو السلام، أدانت إيران، عبر وزير خارجيتها عباس عراقجي، الهجمات، معتبرا أنها تجاوزت «خطا أحمر عريضا»، وأعلن عن زيارة إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يومه الاثنين.
من جهتها، أعربت دول خليجية، بما في ذلك السعودية والكويت والبحرين، عن عدم رصد أي تلوث إشعاعي، بينما دعت دول مثل قطر والعراق والإمارات إلى ضبط النفس. كما أبدت فرنسا قلقها، داعية إلى حل دبلوماسي عبر معاهدة منع الانتشار النووي، بينما وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الهجمات بأنها «تصعيد خطير» يهدد المنطقة بدوامة الفوضى.
وفي الولايات المتحدة، انتقد زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز ترامب، متهما إياه بدفع البلاد نحو حرب كارثية دون موافقة الكونغرس.
من جهة أخرى، أكدت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن الهجمات لن توقف برنامجها النووي، بينما شدد الرئيس مسعود بزشكيان على أن طهران لن توقف أنشطتها النووية «تحت أي ظرف». وفي إسرائيل، أغلقت السلطات المجال الجوي ورفعت مستوى التأهب، مع حظر الأنشطة غير الضرورية. كما أعلن الجيش الإسرائيلي عن ضربات جديدة في غرب إيران، مستهدفًا منصات صاروخية.
ومعلوم أنه قبل الضربات، كانت طهران وواشنطن تستأنفان مفاوضات نووية بوساطة عمانية، لكنها تعثرت بسبب رفض إيران وقف تخصيب اليورانيوم. واتهم عراقجي إسرائيل والولايات المتحدة بـ»نسف الدبلوماسية»، رافضا دعوات أوروبية لاستئناف الحوار. في الوقت ذاته، حث وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا إيران على العودة إلى المفاوضات خلال لقاء في جنيف يوم الجمعة.
يثير التصعيد مخاوف من حرب إقليمية أوسع، خاصة مع تهديدات الحوثيين وفصائل عراقية موالية لإيران باستهداف مصالح أمريكية. وفي هذا الإطار، خفضت الولايات المتحدة عدد موظفي بعثتها الدبلوماسية في العراق، فيما تعقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية اجتماعا طارئا يومه الاثنين لمناقشة الوضع.