بعد 25 سنة عن نجاته من مذبحة «تبحرين» الجزائرية .. الراهب «بيير جون شوماخر» يفارق الحياة بميدلت عن عمر 97 سنة

عن عمر 97 سنة، توفي يوم الأحد 21 نونبر 2021، بمدينة ميدلت، الراهب الأب بيير جون شوماخر، الشهير بالناجي الوحيد من المذبحة التي استهدفت الرهبان السبعة بمنطقة «تبحرين»، جنوب العاصمة الجزائر، خلال فترة العشرية السوداء، وحينها تمكن الراهب بيير جون شوماخر من الهرب نحو أقرب منطقة من الحدود الجزائرية – المغربية، وتحديدا بمنطقة «تاعكيت»، التابعة لإقليم ميدلت شرق المغرب، حيث استقر بدير «سيدة الأطلس»، رفقة ثلاثة رهبان فضلوا الاستقرار بهذه المدينة المغربية، في مناخ من التعايش والوئام والاحترام والعيش المشترك مع المسلمين.
وكان الراحل شوماخر قد نجا من عملية اختطاف تمت في 27 مارس 1996، جنوب العاصمة الجزائرية، والتي طالت 7 رهبان من الترابيست من ديرهم، تم اقتيادهم معصوبي الأعين، وتعذيبهم وقتلهم، قبل العثور على رؤوسهم على جانب الطريق يوم 30 ماي 1996، ولحظتها كان شوماخر محتجزا هو وراهب آخر يدعى أميديه (توفّي عام 2008)، وقد تمكنا من الإفلات من أيدي الخاطفين بأعجوبة، حيث بلغ الأب بيير جون شوماخر مدينة ميدلت ، قبل أن يلتحق ببعض إخوانه الرهبان بمدينة فاس، ليعود عام 2000 إلى ميدلت ويستقر به المقام بدير «سيدة الأطلس» أو «قصبة مريم سابقا» التي كانت عبارة عن دير لعدد من الراهبات اللواتي لجأن إلى مكان آخر.
وكان الراهب الأب بيير جون شوماخر يردد دائما، حسب قس كاتدرائية سان بيير بالرباط، أن «نجاته من المذبحة كانت دعوة من الله من أجل تقديم شهادته حول الواقعة»، بوصفه الشاهد الذي عايش الفاجعة الرهيبة ومراحل العشرية السوداء بالجزائر. وخلال زيارة البابا فرانسيس للمغرب، خلال نهاية مارس 2019، فاجأ الجميع بانحنائه للراهب الأب بيير جون شوماخر، وتقبيل يده، أمام حشد من قادة الطائفة الكاثوليكية والإكليروس الكاثوليكيين ممن تجمعوا يومها بكاتدرائيّة الرباط، وهي الزيارة التي جاءت» من أجل السلام وتعزيز الحوار والتعايش بين الديانات».
وخلال أبريل 2020، أشارت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية لتقرير وارد من قلب المخابرات الجزائرية، والذي قوّض الرواية الرسمية بشأن مذبحة الرهبان السبعة، ما أضعف «رواية تورط الإسلاميين» في العملية، وعزز فرضية «تلاعب أجهزة المخابرات بالتقارير»، وفي تقرير بقلم كريستوف كورنيفين، قالت الصحيفة «إنها اطلعت على مذكرة استخباراتية فرنسية، مؤرخة بـ 17 يناير 2020، تكشف عن رواية العميل كريم مولاي الذي يقول إنه عمل بين عامي 1987 و2001 في مديرية المخابرات الأمنية السابقة، خاصة دائرة الاستعلام والأمن التي حُلّت عام 2015، قبل أن يطلب اللجوء السياسي في المملكة المتحدة منذ بداية عام 2001.
ولم يفت الكاتب، وفق المصدر ذاته « الكشف عما تعرض له كريم مولاي من تهديدات منذ اتهامه لدائرة الاستعلام والأمن الجزائرية بالتورط في مقتل الرهبان السبعة الذين كانوا يتمتعون «بسمعة طيبة في المنطقة» لما يقدمونه من مساعدات للسكان المحليين»، كما سبق لمحامي أُسر الضحايا، باتريك بودوان، أن أشار إلى مجموعة شهادات تؤكد «أن بعض الجماعات الإسلامية المسلحة قد استغلها الأمن العسكري الجزائري»، وهو ما أكده العميل كريم مولاي الذي كشف عن «اجتماع مهم» جرى بالبليدة، عام 1996، بدعوة من «ضباط بدائرة الاستعلام والأمن للإعداد لاختطاف الرهبان، من أجل توريط أعداء النظام وتأمين الدعم الفرنسي في محاربتهم، بحجة مكافحة الإرهاب».
كما سبق لصحيفة «لابراس» الكندية، أن نشرت تقريرا حول قضية مقتل الرهبان السبعة، مشيرة إلى «أن المحققين توصلوا إلى أدلة قوية» تفيد بـ «أن الجيش الجزائري هو من قام بالعملية لتوريط الجماعة الإسلامية المسلحة»، وأضافت في تقريرها، أن «الأدلة تشير إلى أن عملية قطع رؤوس الرهبان تمت بعد قتلهم»، وأن هذه العملية «لا تحمل بصمات المجموعات المتشددة دينيا، وهو ما دفع بالخبراء الفرنسيين إلى طرح شكوك حول الرواية الرسمية للسلطات الجزائرية التي رفضت أصلا السماح للمحققين بأخذ عينات من الحمض النووي وبقايا جماجم الضحايا، من أجل فحصها في المختبرات الفرنسية».


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 25/11/2021