كيف طورت المؤسسة الامنية عقيدتها الامنية للتفاعل مع تحدي الارهاب باعتباره آفة دولية؟
ما هي اهم المحطات التي عرفتها هاته المسيرة، وطنيا وقاريا ودوليا؟
بداية وجب التأكيد بأن إعادة هيكلة مصالح الأمن الوطني لم تكن مرتبطة حصريا بسياق ما بعد أحداث 16 ماي الإرهابية، وإنما شكلت هذه الأحداث وقتها مناسبة لتحيين المنظومة الأمنية وتطويرها لمواجهة خطر التهديد الإرهابي الذي أصبح حقيقة وتجسد وقتها في خمس عمليات متفرقة ومتزامنة استهدفت مدينة الدار البيضاء.
والحديث عن الأحداث الإرهابية الغاشمة ليوم 16 ماي 2003 يحيلنا بالضرورة لاستعراض العديد من المؤشرات المهمة التي ارتبطت بالإصلاح الأمني الذي أعقب هذه الأحداث، ومن بينها تأهيل الفرق التقنية لتدبير مسرح الجريمة. فقد كشفت تلك الأحداث الإرهابية عن وجود .عدم توازن. بين الفرق العلمية التي تشتغل في مختبرات الشرطة بالدار البيضاء والرباط .والتي كانت مؤهلة وتضم دكاترة ومختصين. وبين الفرق التقنية المكلفة بتدبير مسرح الجريمة بما فيها مسرح الجريمة الإرهابية . ومرد هذا الاختلال إن صح التعبير كان راجع إلى النقص المسجل وقتها في تقنيي مسرح الجريمة مقارنة مع العاملين في مختبرات الشرطة، وكذا للنقص في التحهيزات ومعدات العمل، وهو ما جعل من الصعب فة، دون الاستعانة بفرق من دول أجنبية.التعامل حينئذ مع عدة مسارح لعمليات إرهابية مختل
كما كشفت تلك الأحداث أيضا عن غياب مسطرة محددة للبحث التقني في مكان وقوع الانفجارات الإرهابية، وكذا عن نقص حاد في الخبرة بشأن المواد المستعملة في صنع المتفجرات، مما استدعى إعادة التفكير في الجانب التقني المرتبط بمنظومة تدبير مسرح الجريمة والعمليات الإرهابية
وهنا أؤكد لكم بأن تلك الأحداث شكلت فعلا منعطفا حاسما في تطوير فرق تدبير مسرح الجريمة، حيث تم فصلها تنظيميا عن منظومة خدمات البطاقة الوطنية بعدما كانا يجتمعان معا في منظومة التشخيص القضائي، وصارت بعد ذلك وحدات تدبير مسرح الجريمة التي سميت وقتها .وحدة خبراء مسرح الجريمة.مستقلة ولا ممركزة في عدة جهات من المملكة.
كما تم إحداث وحدة مركزية للتدخل التقني الميداني لمعاينة الجرائم الإرهابية والمعقدة، وتقديم الدعم التقني للوحدات الجهوية، فضلا عن إحداث وحدة لمعالجة الإرهاب البيولوجي والنووي NRBC التي تحددت مهمتها في تدبير مسارح الجريمة التي يحتمل أن تضم موادا إشعاعية أو بيولوجية أو نووية، وهي وحدات متخصصة للتعامل مع مسرح العمليات الإجرامية غير الكلاسيكية.
لكن اعتقد في المقابل بأن السياق المهم في إصلاح منظومة الشرطة التقنية والعلمية كان في مرحلة ما بعد 2015، أي بعد تعيين السيد عبد اللطيف حموشي في منصب المدير العام للأمن الوطني، حيث تم تغيير فلسفة عمل الشرطة التقنية والعلمية في منظومة العمل الأمني، وتمت المراهنة على تحقيق هدفين متلازمين. الأول هو ضمان الركون الممنهج للشرطة العلمية والتقنية في مختلف التحقيقات الجنائية، والهدف الثاني هو تعميم فرقة تدبير مسرح الجريمة على مجموع الحواضر المغربية.
وتتويجا لهذا المشروع، أصبحت المديرية العامة للأمن الوطني تتوفر اليوم على 131 فرقة لتدبير مسرح الجريمة، موزعة على مختلف ولايات الأمن والمناطق الأمنية والمفوضيات الشرطية، ويعمل بها أكثر من 800 تقني متخصص. كما أصبحنا اليوم نتوفر على عدة مختبرات علمية وتقنية ورقمية متطورة، تلتئم جميعا تحت مظلة معهد العلوم والأدلة الجنائية للأمن الوطني الذي يضم مختبر وطني للشرطة العلمية بالدار البيضاء ومختبر للشرطة التقنية بالرباط، وخمس مختبرات رقمية جهوية.
وإيمانا بأهمية الدليل العلمي في البحث الجنائي، فقد أفردت المديرية العامة للأمن الوطني منذ سنة 2015، وهذا هو السياق الزمني الفاصل، أهميةً فائقة للاستثمار في الشرطة العلمية والتقنية، وشمل هذا الاستثمار جميع المحطات التي يمر منها الدليل العلمي. وبتعبير أكثر وضوحا، فقد تم تطوير فرق مسرح الجريمة التي تعتبر أول متدخل في مكان تسجيل الجرائم أو العمليات الإرهابية، وتم تخصيص كذلك مركبات لنقل وتخزين الأدلة المرفوعة من مسرح الجريمة وخفرها بطرق تقنية لضمان عدم تعرضها للتلف، كما تم تجهيز بنايات لتخزين جميع أنواع الأدلة، قبل عرضها على مختبرات الشرطة من أجل التحاليل والخبرات اللازمة.
والهدف من .تسييح. وتقنين جميع محطات رفع ونقل وتحليل الدليل العلمي هو ضمان وصول الدليل المرفوع من مسرح الجريمة، على حاله وفي وضعيته الأولى، إلى قاضي النيابة العامة وقاضي الحكم، وهو ما يشكل واحداً من مدخلات ومرتكزات المحاكمة العادلة.
ومما يعضد مفصلية ومحورية سنة 2015 في تاريخ الأمن الوطني، هو أن المديرية العامة للأمن الوطني حققت طفرة نوعية بعد هذا التاريخ في مجال تطوير الشرطة العلمية والتقنية، تكللت بالحصول على شهادة المطابقة والجودة للمختبر الوطني للشرطة العلمية وفق معايير الجودة العالمية إيزو 17025، وهي الشهادة التي حافظ عليها المختبر لست سنوات متتالية وعممها على مختلف التخصصات التقنية والعلمية في مجال البيولوجيا والكيمياء الشرعية والمخدرات والسموم وغيرها.
وبالرجوع إلى سؤالكم المرجعي بشأن سياق ما بعد أحداث 16 ماي الإرهابية، يمكنني القول بأن تلك العمليات الإرهابية شكلت فعلا مناسبة لمواكبة مصالح الأمن للمستجدات التشريعية التي أوجدها قانون 0303 المتعلق بمكافحة الإرهاب، وقانون مكافحة غسيل الأموال، والاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي صادق عليها المغرب أو انضم إليها لاحقا.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، بادرت المديرية العامة للأمن الوطني وقتها بإعادة هيكلة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بشكل يسمح بإحداث فرقة متخصصة في مكافحة الإرهاب، حيث أصبحت تضم حينئذ مكاتب وطنية للبحث في مختلف الجرائم المستجدة والمعقدة، من بينها المكتب الوطني لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة الذي تخصص في معالجة قضايا الإرهاب بالمغرب، قبل أن تحدث المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني لاحقا المكتب المركزي للأبحاث القضائية المعروف اختصاراً ب .البسيج.، والذي أصبح يباشر التحقيقات في مختلف التهديدات والجرائم الإرهابية.
أيضا، فرضت أحداث السادس عشر من ماي الإرهابية التفكير في تغيير طبيعة الوثائق التعريفية الوطنية والدخول في مرحلة الوثائق البيومترية، وذلك تحصينا لهذا النوع من الوثائق من جهة، وضمانا لإساءة استعمال هوية الغير لأغراض إجرامية أو إرهابية. وقد تم في المرحلة الأولى إصدار الجيل الجديد من البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، التي شكلت وقتها قفزة نوعية في تأمين سندات الهوية الشخصية، قبل أن يتم تدعيم عناصر الأمان وتحديث منظومة الخدمات الرقمية من خلال الجيل الثاني من البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية التي تم إصدارها في سنة 2019.
كذلك شكلت تلك الأحداث مناسبة لتدعيم التعاون المؤسسي بين مختلف الأجهزة الأمنية، وتنشيط آليات التنسيق الميداني فيما بينها، قبل أن تأخذ هذه العلاقة .منحى اندماجيا. تتمثل في التعاون الوثيق بعد تعيين السيد عبد اللطيف حموشي في منصب المدير العام لقطب المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في سنة 2015.
مكافحة الإرهاب..
مؤشرات دالة
أفردت المديرية العامة للأمن الوطني مخطط عمل متكامل لمكافحة الإرهاب ضمن استراتيجيتها العرضانية والمندمجة لتدعيم الإحساس بالأمن وتحييد مختلف المخاطر الإجرامية والإرهابية التي تحدق بأمن المغرب وبسلامة مواطنيه.
وفي هذا الصدد، ولتحقيق الفاعلية المطلوبة في مجال مكافحة مخاطر الإرهاب ومختلف صور الجريمة، راهنت مصالح الأمن بداية على التخصص في مجال مكافحة الإرهاب، من خلال إسناد البحث والتحقيق في هذا النوع من القضايا للمكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، والمكتب الوطني لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة التابع للمديرية العامة للأمن الوطني.
ولإسناد عمل هذه المكاتب في الميدان ، تم إحداث فرق متخصصة في التدخل والاقتحام مهمتها مباشرة عمليات التدخل والتوقيفات في مسرح العمليات الإرهابية والجرائم المنظمة، وتتمثل هذه الفرق أساسا في القوات الخاصة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، والتي تضم فرقا متخصصة في التدخل والاقتحام والقناصة، وكذا الفرق المركزية والجهوية للتدخل التابعة للأمن الوطني، والتي تم إحداثها على مستوى مختلف ولايات الأمن على الصعيد الوطني.
وفي سياق الرغبة لتحقيق الجاهزية التقنية للتعاطي مع مسرح الجريمة الذي يضمن عبوات ناسفة أو أجسام متفجرة، فقد أحدثت المديرية العامة للأمن الوطني الفرق الجهوية لتقنيي المتفجرات، مع تجهيزها بمختلف الروبوتات والمعدات اللوجيستية، لرصد ومسح وإبطال مفعول المتفجرات التي قد تستعمل في ارتكاب عمليات إرهابية.
واضح أن سنة 2015 كان سنة مفصلية في هذا المسلسل المتراكب المستويات؟
وهنا أفتح قوسا لأطرح التساؤل التالي. لماذا أشدد، بشكل متواتر، على أن سنة 2015 كانت هي السنة الفاصلة في إعادة هيكلة العمل الأمني؟ والجواب ببساطة لأن هذه السنة شكلت محطة حاسمة في إدماج العمل الاستعلامي والبحث الجنائي في مجال مكافحة الإرهاب ومختلف الجرائم الأخرى..
فقد أصبح جهاز المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني يعمل بتنسيق ميداني وثيق ودائم مع ضباط الشرطة القضائية العاملين في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، ويضع رهن إشارتهم بشكل قبلي جميع المعلومات الاستعلاماتية والاستخباراتية الخاصة بالتنظيمات المتطرفة والمشتبه في ارتباطهم بالخلايا الإرهابية، وهو ما شكل قطب الرحى في المقاربة الاستباقية التي اعتمدتها المملكة المغربية في مجال مكافحة الإرهاب.
وتعزيزا لهذه الآليات التقنية والميدانية، أحدثت المديرية العامة للأمن الوطني كذلك منذ سنة 2018 الفرق الجهوية للاستعلام الجنائي والدعم التقني، في خطوة جديدة لتسخير العلم في خدمة التحقيقات الجنائية، ولتنشيط كذلك قنوات الاستعلام في مجال مكافحة المخاطر الإجرامية والإرهابية.
كما تم أيضا خلق فرق مركزية وجهوية لمكافحة الجريمة المعلوماتية والجريمة المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة، والتي عززت بدورها اليقظة المعلوماتية لرصد وكشف ومحاربة الدعاية الإرهابية ومخاطر التطرف السريع عبر الأنترنت. وفي سياق متصل أيضا، طور خبراء الأمن الوطني في السنة الجارية .2024. منصة معلوماتية تفاعلية للتبليغ عن المحتويات الإرهابية والإجرامية على شبكة الأنترنت تسمى منصة .إبلاغ..
وتنطلق هذه المنصة من واجب .التحذير. الذي يفرض علينا جميعا أن نساهم في حماية أمننا الجماعي، من خلال التبليغ عن كل محتوى رقمي يتضمن تحريضا أو إشادة بعمل إرهابي أو إجرامي.
وعلاقة دائما بهيكلة العمل الأمني في مجال مكافحة الإرهاب، لا بد من التنويه إلى أن تغييرات جوهرية مهمة طرأت على فلسفة وعقيدة المؤسسة الأمنية بعد سنة 2015، والتي كان لها وقع إيجابي على مخططات عمل مكافحة الجريمة والإرهاب.
ففي مجال التواصل مثلا، غيرت المؤسسة الأمنية عقيدتها السابقة التي كانت تنص على .أنه لا يمكن التواصل إلا بشأن ما يفرض القانون التواصل بشأنه. لتصبح حاليا .لا نحجب عن المواطن إلا ما يفرض القانون حجبه.، أي أن التواصل أصبح قاعدة عامة وليس مجرد استثناء كما كان في السابق.
كما تم تغيير فلسلفة التعاون مع وسائل الإعلام، من خلال إيجاد أرضية للتعاون وآلية للتوفيق بين .علنية الصحفي. و.سرية العمل الأمني. دون خرق القانون ودون حجب الحق في الوصول للمعلومة. وفي هذا الإطار، أحدثت المديرية العامة للأمن الوطني خلية مركزية وخلايا جهوية للتواصل مع ممثلي وسائل الإعلام، لتلقي طلباتهم وتوفير الأجوبة الخاصة بها، وتيسير عملهم كلما تعلق الأمر بمجال تدخل مصالح الأمن.
وفي نفس السياق، كثفت المديرية العامة للأمن الوطني من آليات التواصل في مجال مكافحة الإرهاب، وراهنت على البعد التوعوي في حملاتها التحسيسية في الوسط المدرسي، وفي اللقاءات المباشرة مع المواطنين في تظاهرات الأيام المفتوحة للشرطة المقامة بشكل تدريجي في عدة جهات من المملكة، وكذلك من من خلال إصدارات مجلة الشرطة والمحتويات المنشورة على الحسابات الرسمية للأمن الوطني على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد ساهمت هذه المقاربة التواصلية في تعزيز المناعة الذاتية ضد مخاطر التطرف عند المواطنين، وكشف زيف الدعاية الإرهابية، وتحصين الناشئة ضد مخاطر التطرف السيبراني عبر شبكة الأنترنت.
أصبح الامن فاعلا ديبلوماسيا او جيوسياسيا،وصار دوره واضح في تكريس مكانة المغرب الدولية . ما هي اهم ملامح القفزة النوعية دوليا ، وكيف يخدم الامن بلاده وقضاياها المصيرية من قبيل القضية الوطنية الاولى انطلاقا من مجهوداته الامنية؟
ثالثا. ريادة المغرب في مجال التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب.
ليس هناك أي سر وراء ريادة المغرب في مجال مكافحة الإرهاب على الصعيد الاقليمي والدولي. فهذه الريادة هي نتيجة حتمية للتجرية المغربية المتميزة التي تم ترصيدها في مجال مكافحة الإرهاب، وهي أيضا نتاج للانخراط الجدي للمملكة المغربية ومؤسساتها الأمنية في الحرب العالمية ضد مخاطر التطرف والإرهاب، وهي كذلك تتويج لفلسفة الأجهزة الأمنية المغربية القاضية بتبادل جميع المعلومات الاستخباراتية مع مختلف الدول بشأن مخاطر الإرهاب وتهديداته العابرة للحدود الوطنية.
فالمملكة المغربية صادقت على جميع الاتفاقيات والصكوك الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، وقامت بتحيين وملاءمة ترسانتها التشريعية مع هذه الصكوك الدولية، وتعتبر كذلك فاعلا نشيطا ومحوريا في مختلف المنظمات الدولية والجهوية المعنية بمكافحة الإرهاب، وتحتضن مكتبا جهويا لمكافحة التطرف والإرهاب، كما ترأست عدة اجتماعات دولية لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي.
وتكريسا منها لمبدأ .التحذير بشأن مخاطر الإرهاب.، حرصت مصالح الأمن المغربية على تقاسم جميع المعلومات الاستخباراتية المتوفرة لديها بشأن التنظيمات الإرهابية مع الأجهزة الأمنية في مختلف دول العالم، وهو ما مكن من إجهاض العشرات من المشاريع الإرهابية في عدة دول صديقة وشقيقة.
وقد تجسد هذا التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف من خلال تبادل مكثف للمعلومات الاستخباراتية، والقيام بعمليات مشتركة مع الأجهزة الأمنية الصديقة والشقيقة، وهو الشيء الذي جعل من المغرب شريكا إستراتيجيا مهما في منطقة حوض المتوسط سواء للحلف الأطلسي أو لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا أو بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.
وبفضل هذا الالتزام الراسخ، تبوأ المغرب رئاسة العديد من الاجتماعات والمنتديات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب، بما فيها اجتماع التحالف الدولي ضد تنظيم داعش المنظم بمدينة مراكش في ماي 2022، واجتماع مجموعة التركيز الخاصة بافريقيا المنعقد في مارس 2023، وأشغال الدورة الثانية للاجتماع رفيع المستوى لرؤساء وكالات مكافحة الإرهاب والأمن بافريقيا في يونيو 2023.
واعترافا بريادة المغرب في مجال التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب، وجهت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي FBI في سنة 2021 رسائل شكر وامتنان للمدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني عبداللطيف حموشي، على إثر المعلومات الاستخباراتية الدقيقة التي وفرتها الأجهزة الأمنية المغربية ومكنت الجيش الأمريكي ومكتب التحقيقات الفيدرالي من توقيف جندي أمريكي يدعى .كول بريدج .، كان بصدد تنفيذ مشروع إرهابي خطير يستهدف منشآت حساسة بمدينة نيويورك.
كما أشاد مكتب القضايا السياسية والعسكرية التابع لكتابة الدولة الأمريكية للشؤون الخارجية بتاريخ 8 أبريل 2024، بدور المغرب في جهود مكافحة الإرهاب، مؤكدا على أن .التعاون الأمني مع المغرب يهدف بشكل مشترك لضمان الاستقرار والأمن والسكينة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.، ومشددا على أن .التعاون الأمني بين الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب هو تعاون عميق ومتين، ويبتغي تدعيم الاستقرار الجهوي، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز التبادل التجاري، وتطوير الإصلاحات التي ينهجها المغرب..
ولم تكن تلك هي المرة الوحيدة التي تشيد فيها الولايات المتحدة الأمريكية بنجاعة التعاون الأمني مع المغرب، وباحترافية المؤسسات والأجهزة الأمنية المغربية، فقد سبق لوزارة الخارجية الأمريكية وللبنتاغون أن نشرا في يوليوز 2021 بلاغات صحفية يثمنون فيها التعاون الأمني مع المغرب، في أعقاب ترحيل عبد اللطيف ناصر، الذي كان يعتبر آخر مغاربة غوانتنامو، والمستشار السابق لزعيم تنظيم القاعدة الإرهابي.
وكأمثلة كذلك على دور المغرب في تحييد الخطر الإرهابي العابر للحدود الوطنية، فقد سبق لوزير الداخلية الإسباني في يناير 2024 أن نوه بما اعتبره .العمل المهم للغاية. الذي تقوم به الأجهزة الأمنية المغربية في مجال مكافحة الإرهاب ، مشددا على أهمية التنسيق الثنائي بين البلدين في هذا المجال، .والذي أثمر نتائج إيجابية خلال السنة الماضية، بعدما تم تنفيذ عمليات مشتركة ضد 14 خلية إرهابية، أسفرت عن اعتقال 80 شخصا..
وفي سياق ذي صلة، سبق للأجهزة الأمنية المغربية أن ساهمت في توقيف أحد قيادي تنظيم داعش بدولة اليونان في يوليوز 2021، بعدما وفرت معلومات دقيقة قادت الشرطة اليونانية لوضع اليد على مواطن مغربي سبق أن تقلد مناصب قيادية في تنظيم داعش الإرهابي. وفي نفس السنة أيضا، مكنت المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني للسلطات الإيطالية من تحديد مكان اختباء المدعو .أبي البراء. وتوقيفه بإيطاليا، في عملية نوعية استهدفت محاصرة قيادي تنظيم داعش الذين تسللوا إلى داخل العمق الأوروبي.
ما هي اهم عناصر الفعل الامني اليومي في العلاقة مع المواطنين؟
جوابا على سؤالكم بخصوص عناصر العمل الأمني اليومي في تقاطعه مع المواطن، اسمحوا لي أن أوكد لكم بأن العقيدة الأمنية تغيرت مع تعيين السيد عبد اللطيف حموشي في منصب المدير العام للأمن الوطني، وهذا هو السبب الذي يجعلني لا أنفك أشدد على أن سنة 2015 تعتبر محطة حاسمة في تحقيق الإصلاح الشامل والعميق للمرفق العام الشرطي.
فمناط وجود الوظيفة الأمنية أصبح هو خدمة المواطن، وهذا المناط يتماشى مع المقاصد الجديدة للمرفق الأمني الذي انتقل من جهاز مكلف حصريا بتطبيق القانون إلى مرفق عام مواطن يقدم خدمة عمومية تتمثل في الأمن.
فالأمن لم يعد يتجسم فقط في صورة المؤسسة الأمنية، وإنما أصبح بمثابة حق دستوري تتفرع عنه مجموعة من الحقوق الأخرى كالحق في الحياة والحق في السلامة الجسدية وغيرها، كما أصبح الأمن خدمة عامة تتطبع بالجودة، خصوصا في ظل تزايد الطلب العمومي على الأمن.
ولعل هذا هو السبب الذي جعل المديرية العامة للأمن الوطني تطور منظومات خدماتية متطورة لفائدة المواطن، تمثلت في منظومة الهوية الرقمية ومنصة الطرف الثالث الموثوق به التي تتيحهما البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية في صيغتها المؤمنة الجديدة.
وقد مكنت هذه المنظومة المعلوماتية من تسهيل وتسريع الانتقال الرقمي للخدمات المنجزة عن بعد، بالاستعانة بالهوية الرقمية التي وضعتها المديرية العامة للأمن الوطني رهن إشارة المواطنين ومختلف الوزارات والقطاعات العمومية والفاعلين الخواص مثل الأبناك ومؤسسات الإئتمان والموثقين وغيرهم .
كما أطلقت المديرية العامة للأمن الوطني في السنوات الأخيرة، مجموعة من المبادرات المجتمعية التي تعزز البعد المواطن للأمن الوطني. واستعرض منها على سبيل المثال لا الحصر المركبات المتنقلة لتسجيل المعطيات التعريفية، والتي تتحدد مهمتها في إنجاز وتجديد البطاقات الوطنية لساكنة المناطق القروية والنائية. وبلغة الأرقام، تتوفر مصالح الأمن حاليا على أكثر من خمسين مركبة محمولة من هذا النوع، وقد تم تسخيرها في أعقاب زلزال الحوز، وأنجزت أكثر من 14 ألف بطاقة وطنية بشكل مجاني لفائدة المتضررين من الزلزال.
أيضا تم خلال السنة المنصرمة إطلاق منصة طفلي مختفي التي طورتها الفرق التقنية لمصالح الأمن الوطني. وهي منصة معلوماتية لتسريع البحث حول الأطفال المصرح باختفائهم في ظروف غامضة أو مشكوك فيها عبر إشراك مواقع التواصل الاجتماعي في إجراءات البحث باستخدام الصور والنشرات الخاصة المستعجلة.
عرف المغرب تجربة فريدة عالميا تمثلت في التجربة التي قادها جلالة الملك في طي صفحة الماضي توجت بتقرير هيئة الانصاف والمصالحة، الذي تضمن شقا يتعلق بالحكامة الأمنية.
لوحظت دينامية خاصة من طرف مؤسستكم ازاء المؤسسات التي تعمل في المجال الحقوقي ومنها المجلس الوطني لحقوق الانسان ، وكذا هيئة محاربة الرشوة واللجنة المتعلقة بالمعطيات الشخصية. في اي سياق تضعون هاته المجهودات بالنسبة للجهاز الأمني؟
أين وصل تنفيد التوصيات ذات العلاقة بالحكامة الامنية الواردة في تقرير هيئة الانصاف والمصالحة؟
وما هي القرارات التي ترون انها ذات تأثير كبير في مستقبل عمل المؤسسة الامنية من هاته الزاوية؟
يطرح الانتقال الديموقراطي في المغرب ضرورة النجاح في الانتقال الأمني، الذي عرف تطورا مشهودا ومساهمة فعلية في تحقيق ما يريده ملك البلاد، الذي تعددت مناسبات إشادته بما يقوم به الامن المغربي لتطوير البلاد وضمان استقرارها، واحترامها للمعايير الدولية في تثبيت الأمن، أين وصل بالنسبة لكم مسار الانتقال الأمني، في ضمان احترام حقوق الانسان وضمان المناعة المجتمعية في نفس الوقت لا سيما والمغرب يعيش في وسط اقليمي وقاري صعب وموسوم بكل انواع الاضطراب؟
. لنقل إجمالا إن الحكامة الأمنية..المحدد الأساسي للوظيفة الأمنية. فما من شك أن الوظيفة الأمنية توجد في خط تماس مع حقوق وحريات المواطنين، بل إن المادة الخام التي تشتغل عليها مصالح الأمن تنصرف في كثير من الأحيان إلى مجالات تتقاطع مع فضاء الحقوق والحريات.
أكثر من ذلك، فالتدابير الاحترازية والمقيدة للحرية التي أوجدها القانون تفرض على مصالح الأمن إحاطة عمل موظفيها بسياج من الضمانات والشكليات الإجرائية والقانونية لتحقيق التوازن والتوفيق بين إلزامية صون الأمن من جهة وقدسية احترام الحقوق والحريات من جهة ثانية.
ومن هذا المنطلق، انخرطت المديرية العامة للأمن الوطني في مسلسل تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وكانت شريكا أساسيا في مسلسل العدالة الانتقالية من خلال الجهود والخبرات التقنية التي أنجزها المختبر الوطني للشرطة العلمية إلى جانب هيئة الإنصاف والمصالحة في مسطرة التشخيص الجيني لرفات الضحايا، وكذا من خلال ضمان التكوين الممنهج لموظفي الأمن في مجال حقوق الإنسان، وكذلك من خلال إرساء آليات متينة للقطع النهائي مع مختلف مظاهر .المقاومة المؤسسية. التي قد تسمح بالتطبيع مع انتهاك حقوق الإنسان.
وفي هذا الصدد، عقدت المديرية العامة للأمن الوطني اتفاقيات شراكة في مجال التكوين الممنهج في حقوق الإنسان مع المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وبعده مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتاريخ 14 شتنبر 2022. وقد شكلت هذه الاتفاقية الأخيرة إطارا للشراكة والتعاون المؤسسي في مجال التدريب وتوطيد احترام حقوق الإنسان في الوظيفة الأمنية.
وقد سطرت هذه الاتفاقية كأهداف لها، إرساء دعائم تعاون مؤسسي مستدام يروم تطوير العمل المشترك بين مصالح الأمن الوطني والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بغرض النهوض بثقافة حقوق الإنسان في مناهج التدريب والتكوين الشرطي، وجعلها مرجعا ودليلا مؤطرا لمهام موظفي الأمن الوطني المكلفين بإنفاذ القوانين، فضلا عن دعم الجهود التي تبذلها المؤسسة الأمنية لتعزيز الممارسات المهنية والتدخلات الميدانية التي تستند للمعايير الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان.
أما مجالات هذا التعاون، فقد تم تحديدها بشكل أساسي في تنظيم دورات وبرامج تكوينية لتعزيز المعارف والكفاءات في مجال حقوق الإنسان لفائدة أطر وموظفي الأمن الوطني، والاستفادة من الخبرات والمراجع ذات الصلة بالحقوق والحريات والأنشطة المؤسساتية، فضلا عن تكريس البعد الحقوقي كركيزة أساسية في مناهج التكوين الشرطي وفي سائر الممارسات الوظيفية.
وكترجمة آنية لهذه الاتفاقية، نظمت المديرية العامة للأمن الوطني والمجلس الوطني لحقوق الإنسان يوما دراسيا وطنيا بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، يوم الاثنين 20 شتنبر 2022، تناول المعايير والممارسات المتعلقة بالوقاية من التعذيب وغيره من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أثناء التوقيف والاستجواب والوضع تحت الحراسة النظرية. وقد حضر هذا اليوم الدراسي شخصيات وطنية وأخرى دولية تمثل الآليات الأممية المعنية بحقوق الإنسان، كما تم أيضا إطلاق برنامج تكويني مندمج يتضمن سلسلة ورشات للتدريب لفائدة موظفات وموظفي الأمن الوطني المكلفين بحراسة الأماكن المخصصة للإيداع والحرمان من الحرية، وذلك لتكريس البعد الحقوقي في عمل موظفي إنفاذ القوانين.
ويمكن الجزم بأن مصالح الأمن قطعت أشواطاً مهمة في مجال التكوين والتربية على حقوق الإنسان وفي تنفيذ توصيات الإنصاف والمصالحة، ويتجلى ذلك بشكل واضح في تدبير الشأن الأمني اليومي بالشارع العام، وفي تجويد الخدمات المقدمة للمواطنين، وفي إعمال مبادئ التخليق وربط المسوولية بالمحاسبة في صفوف منتسبي الأمن.
تدعيم الثقة في المؤسسة الأمنية
ما هي في تقديركم درجة و طبيعة تغير نظرة المغاربة إلى مؤسستهم الأمنية وكيف تم في رأيكم تغير نظرة الأمن الى نفسه ووظيفته مع مجيء العهد الجديد ؟
يتجلى ارتفاع منسوب الثقة في عمل المؤسسة الأمنية في عدة مجالات وعلى عدة مستويات. فالثقة المتبادلة بين المواطن ومؤسسته الأمنية تتجلى أولا في الإقبال الجماهيري الكبير عند تنظيم الدورات السنوية لتظاهرة أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني.
فمثلا في النسخة الخامسة لأيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني التي نظمت بمدينة أكادير، خلال الفترة الممتدة من 17 إلى 21 ماي 2024، زار فضاء التظاهرة أكثر من مليونين و 120 ألف زائر، دون احتساب ملايين الزوار الذي زاروا التطبيق المعلوماتي الذي وفر زيارة افتراضية لمختلف أروقة التظاهرة. وقبلها خلال النسخة الرابعة بمدينة فاس، زار فضاء التظاهرة أكثر من مليون و150 ألف زائر في خمسة أيام فقط.
كما تتجلى هذه الثقة كذلك في الاهتمام الكبير الذي يوليه الشباب المغربي للوظيفة الأمنية، ويبرز ذلك من خلال الإقبال على الترشيح لاجتياز مختلف مباريات الشرطة كل سنة، إذ تتراوح الطلبات المقدمة ما بين 300 ألف و400 ألف كل سنة، وهو مؤشر يوضح الانطباع الإيجابي للشباب حول وظيفة الأمن، كوظيفة نبيلة منذورة لخدمة أمن المواطنين وصون سلامتهم والذود عن مصالح الوطن.
ولا تقتصر ثقة المواطنين على هذه المجالات فقط، بل تتمثل أيضا في التفاعل الإيجابي مع جميع البلاغات والمحتويات التي تنشرها المديرية العامة للأمن الوطني على حساباتها في شبكات التواصل الاجتماعي، وقد لاحظنا كيف أن المواطن كان يتلقى هذه البلاغات والمحتويات باهتمام كبير ليبدد من خلالها العديد من الأخبار الزائفة التي يتم نشرها في الشبكات التواصلية.
وفي سياق متصل، تبرز كذلك ثقة المواطنين في مؤسسته الشرطية والأمنية من خلال التفاعل الإيجابي مع منظومة . إبلاغ. التي تم تطويرها مؤخرا للتبليغ عن المحتويات الإجرامية والإرهابية، وكذا من خلال حرص المواطن على التبليغ المباشر عن كل جريمة تستهدفه أو تستهدف الغير. فبفضل الثقة المتزايدة في نجاعة المقاربة الأمنية، تزايد عدد المبلغين، وتزايد معها معدل زجر الجرائم التي تم رصدها واستجلاء حقيقتها، وتناقصت في المقابل مؤشرات جرائم الظل التي كانت في السابق تبقى معلقة بسبب إحجام الضحايا عن التبليغ.
وقد بدا واضحا كذلك ارتفاع منسوب الثقة في المؤسسة الأمنية، في العديد من التقارير والدراسات الاحصائية التي قامت بها معاهد البحث في السياسات العمومية ذات الصلة بالقطاعات العمومية، حيث سجل جهاز الأمن نسب مرتفعة في مؤشر الثقة عند شرائح عديدة من المجتمع وعند فئات عمرية مختلفة.
لكن تحقيق المؤسسة الأمنية لهذا المستوى العالي من الثقة والمصداقية لدى المواطنات والمواطنين لم يكن وليد الصدفة، أو نتيجة لسياق عرضي، وإنما كان تتويجا لسياسة تواصلية ممنهجة ولمخططات عمل عرضانية كانت تضع المواطن في جوهر الخدمة العمومية للأمن.
فمنذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس لعرش أسلافه الميامين في سنة 1999، تم اعتماد المفهوم الجديد والمتجدد للسلطة في علاقته بالمواطن، وهو المبدأ الذي حرصت المديرية العامة للأمن الوطني على تنزيله على أرض الواقع، من خلال توطيد الانفتاح المؤسساتي والتواصل الإعلامي، والذي ارتقت به إلى بند ثابت في الاستراتيجية الأمنية لجهاز الأمن الوطني.
كما راهنت المديرية العامة للأمن الوطني على بلورة مفهوم أمني جديد يتمثل في .الإنتاج المشترك للأمن.، والذي ينظر إلى الأمن كمكسب جماعي يستفيد منه جميع المواطنين والمواطنات وكافة المؤسسات، كما يعتبر أيضا تكلفة جماعية يساهم الجميع في إرسائها وتدعيمها عبر التبليغ والتعاون والتحسيس والوقاية.
وإمعانا في تعزيز عامل الثقة، حرصت المديرية العامة للأمن الوطني كذلك على تدعيم آليات قوية للتخليق المرفقي، بشكل يقطع نهائيا مع كل التجاوزات الفردية التي قد تصدر عن موظفيها، كما عززت من أجهزة الرقابة والافتحاص لضمان ربط المسؤولية بالمحاسبة خلال النهوض بالمسؤوليات الأمنية.
ولم تكتف مصالح الأمن بإرساء هذه الآليات وتدعيمها، بل حرصت على التواصل الدوري بشأن نتائجها ومقرراتها. فالمديرية العامة للأمن الوطني تعتبر من حق المواطن أن يعرف مسطرة التشكي بالموظفين المخالفين، ومن حقه أيضا أن يعرف مآل شكايته، ونتيجة القرارات المتخذة بشأنها.
فمثل هذه القرارات هي التي تدعم الثقة وتوطد المصداقية المؤسساتية. لكن يبقى المدخل الأساسي لتسجيل مستويات كبيرة من الثقة في المؤسسة الأمنية، هي استراتيجية تجويد الخدمات الشرطية التي انخرطت فيها المديرية العامة للأمن الوطني في السنوات الأخيرة، والتي جعلت المواطن هو قطب الرحى في السياسة العمومية في مجال الأمن، بل هو مناط وجود المؤسسة الأمنية من أساسها.
بوبكر سبيك
الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني
والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني
نشر في خاص 29/07/2024