بمشاركة وحضور باحثين ومهتمين وفاعلين مدنيين : «جمعية أمغار» بخنيفرة تناقش واقع «تدريس اللغة الأمازيغية بالمغرب بين الخطاب الرسمي ومعوقات التنزيل»

 

أمام توسع النقاش والجدال حول واقع تدريس اللغة الأمازيغية، بادرت «جمعية أمغار للثقافة والتنمية»، بخنيفرة مساء السبت 20 أبريل 2024، إلى تنظيم ندوة فكرية في موضوع «تدريس اللغة الأمازيغية بالمغرب بين الخطاب الرسمي ومعوقات التنزيل»، بمشاركة ذ مصطفى أوموشو، ذ خالد الزراري، وتسيير ذ محمد أبازى، وذلك في ضيافة «مركز تكوين وتأهيل المرأة» بخنيفرة، حيث عرف اللقاء حضورا لافتا من الفاعلين في الحقل التربوي، الجمعوي، الثقافي، فيما نجح في تشخيص عدة معطيات حول حصيلة وآفاق الموضوع، وتميز بتفاعل مثمر ونقاش غني بخصوص مدى إرادة مراكز القرار في تفعيل مخطط تدريس الأمازيغية بالمدرسة العمومية.
وبعد تقدم المسير ذ. محمد أوبازى لورقة افتتاحية وضع فيها الحضور في صميم موضوع اللقاء، مع تبيان مسار القضية الأمازيغية، ووضعيتها بين نصوص القوانين وواقع التطبيق، لم يفت رئيس «جمعية أمغار للثقافة والتنمية»، ذ. علال الحاج، التذكير بسياق الندوة «في ظل التراجعات التي يعرفها ملف الأمازيغية عامة، كمكون أساسي للهوية المغربية»، والتي «ما يزال تنزيلها عالقا في منتصف الطريق بشهادة الفعاليات الوطنية والتنظيمات الدولية»، فضلا عن وضعيتها المتعثرة على مستوى المنظومة التعليمية، ومتوقفا عند قرار ترسيم السنة الأمازيغية معتبرا الحدث «حقا أساسيا وليس مجرد حلم تحقق كما يجري تداوله».
من جهته، انطلق الباحث والمؤطر التربوي، ذ. مصطفى أوموش، في ورقته حول «إكراهات التنزيل وأفاق التعميم»، من وضعية تقهقر تعميم اللغة الأمازيغية في النظام التعليمي، دون أن يفوته التوقف عند مصطلح «إدماج» مفضلا تسميته ب «إدراج»، قبل استعراضه لمراحل عملية تدريس اللغة الأمازيغية التي انطلقت بعد حوالي سنتين من خطاب أجدير، أي عام 2003، تطبيقا لأحكام دستور المملكة التي جعلتها لغة رسمية، والتي توجت باتفاقية شراكة بين وزارة التربية الوطنية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وبتدشين العملية من منطلق 317 مؤسسة تعليمية بسلك الابتدائي، مع تناول المتدخل لمرحلة تكوين الأساتذة والمؤطرين لهذه الغاية.
وبينما أعرب ذ. أوموش عن قلقه حيال حالة «تعثر المكتسبات في كل تعديل وزاري»، أكد أن «اللغة الأمازيغية لم تعد لغة الجمعيات فقط حين أضحت لغة الدولة» وهو ما يتطلب القيام بمجموعة من التدابير والإجراءات لتحقيق ما كان منتظرا، ومن بينها أن تكون «مادة ضمن مواد امتحانات البكالوريا في أفق ولوجها قائمة الذات على المستوى الجامعي». وقام المتدخل باستعمال الشاشة الضوئية وبالاعتماد على مجموعة من الإحصائيات الرسمية، بقراءة مستفيضة في القانون التنظيمي المعني بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، والذي ينص على ضرورة تعميم الأمازيغية انطلاقا من تاريخ صدوره.
ومن خلال القانون التنظيمي26.16 الصادر سنة 2019، أبرز المتدخل «الهوة الواضحة بين مضامين هذا القانون واجراءات التنفيذ»، إن على «مستوى المرحلة الابتدائية وخطاب التعميم التدريجي للغة الأمازيغية بها»، وهو التدريج الذي ما يزال زاحفا منذ 21 سنة بشكل خجول ومرتبك، أو»مرحلة التعليم الأولي التي لم تعرف طريقها للانخراط في عملية تدريس اللغة الأمازيغية»، حتى ما بعد إضافة حقيبة هذا المستوى التعليمي للوزارة الحالية، علاوة على معاهد تكوين الأطر والموارد البشرية، إلى جانب مدارس أبناء الجالية المغربية، ثم برامج محو الأمية التي «كان من المفروض إدراج تدريس اللغة الأمازيغية بها، سيما بالمناطق الناطقة بها والمناطق الجبلية».
وفي ذات السياق، حرص المتدخل، ذ. أوموش، على تعميق قراءته في القانون التنظيمي، مذكرا بأنه «من أصل أزيد من 3 ملايين تلميذ (ة) لا يوجد بينهم سوى حوالي 746ألف مستفيد (ة) من اللغة الأمازيغية»، أي بنسبة لا تتجاوز 19,37 فقط، رغم وعود الوزارة ببلوغ نسبة التغطية إلى 50 بالمائة في عام 2026، على أن تصل إلى التعميم الشامل مع حلول عام 2030، ما رأى فيه المتدخل «نوعا من انعدام الإرادة الحقيقية، ومبررا لفقدان الثقة في الخطابات المتداولة»، دون أن يفوته الكشف عن مذكرة وزارية جديدة، ومخططات أخرى لسد الخصاص في عدد الأساتذة المختصين، بينما قام باستعراض مجموعة من المقترحات والتوصيات.
وعلى مستوى آخر، لم يفت ذ. مصطفى أوموش تثمين الجانب الأكاديمي والعلمي والاستشاري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بعيدا عن موقف هذه المؤسسة من الخوض في المعارك السياسية عبر حفاظها على حدود مهامها واختصاصاتها ومجال اشتغالها، وكذا على ما راكمته من مكاسب معرفية للمحافظة على الثقافة الأمازيغية والنهوض بها في جميع تعابيرها، مشيرا في السياق ذاته للقانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي لم يخرج لحيز الوجود رغم الإقرار بتشكيله قبل 13 سنة.
أما ذ. خالد الزراري فاختار المشاركة في الندوة من الزاوية السوسيولوجية، حيث انطلق بمنهجية نقدية من «المعيقات القائمة في طريق تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية»، موضحا «محدودية ما تم تحقيقه مؤسساتيا بالمقارنة مع كثرة الخطابات والمراسيم والمذكرات»، وما تعميمه في أسلاك التعليم، مستعرضا «العوائق التي تعيق تفعيل القانون التنظيمي للأمازيغية، وتحقيق ما تنادي به الحركة الأمازيغية»، مقابل الغياب الملحوظ للحكومة في هذا المجال، ولما يجب من الاستراتيجيات المنصفة للأمازيغية في الحياة العامة عموما، النظام التعليمي خصوصا.
ومن جهة أخرى، توقف المتدخل، ذ. الزراري، عند وضعية تدريس اللغة الأمازيغية، بدءً من مرحلة التعليم الأولي إلى التعليم الابتدائي، مرورا بجل المدارس الخصوصية التي لم تشملها اللغة الأمازيغية، فيما تطرق لعملية التصويت بقبة البرلمان على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها، مع وصفه لهذا القانون ب «الفضفاض الذي مر من دون مناقشة حقيقية»، وتركيزه على عبارات مهزوزة لا تقل عن عبارة «يمكن» عوض «يجب» أو غيرها من العبارات التي تلزم على التنفيذ، فيما أشار لجملة من القوانين التي ظلت دون لغة أمازيغية، وكذلك لمدى خلفيات رهان المغرب على عمقه الإفريقي.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 06/05/2024