بمناسبة اليوم الدولي لحفظة السلام (29 ماي) … غوتيريش يسلم «ميدالية داغ همرشولد» للجنود المغاربة الشجعان

الأمم المتحدة تعرب عن «امتنانها الكبير» للدور الهام للمغرب

تعمل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة كل يوم لحماية الأشخاص المستضعفين في أكثر الأوضاع السياسية والأمنية هشاشة في العالم، وقد أضحت الأخطار التي تواجهها أكبر من أي وقت مضى، ويرافق ذلك تزايد في التوترات العالمية والتهديدات الأكثر تعقيدًا من الهجمات الإرهابية إلى الجريمة المنظمة واستخدام العبوات الناسفة، بالإضافة إلى زيادة المعلومات الخاطئة والمضللة التي تستهدف بعثاتنا والمجتمعات التي نخدمها. ورغم هذه التحديات، فإن حفظة السلام يثابرون جنبًا إلى جنب مع العديد من شركائنا في السعي الجماعي لتحقيق السلام، واليوم نشكرهم على مساهمتهم الهائلة، ونتذكر بحزن شديد زملاءنا الذين قدموا تضحياتهم الكبرى أثناء خدمة قضية السلام

أكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أول أمس الخميس بنيويورك، أن المنظمة الدولية «جد ممتنة» للدور الهام الذي يضطلع به المغرب في عمليات حفظ السلام.
وقال دوجاريك إن «قوات المملكة المغربية تضطلع بدور هام في العديد من عمليات حفظ السلام، ونحن جد ممتنين لذلك».
وأشار المتحدث إلى أن دعم المغرب لعمليات حفظ السلام يعود إلى بداية القبعات الزرق، مبرزا أن المملكة تقدم أيضا معرفة ميدانية ومساعدة «جد قيمة» على مستوى الخدمات الطبية، من خلال إقامة مستشفيات في عمليات عديدة.
وأضاف دوجاريك أن «المغرب يقدم أيضا مساعدة تكنولوجية، من خلال رقمنة بعثاتنا، بالإضافة إلى المساعدة في ترجمة الوثائق والترجمة الفورية».
علاوة على ذلك، أشاد المسؤول الأممي بجنود حفظ السلام المغاربة الذين «قدموا تضحيات جسام باسم الأمم المتحدة. هؤلاء الجنود المغاربة الذين غادروا البلاد من أجل خدمة قضية السلام. لهذا نحن ممتنون لهم إلى الأبد».
وفي وقت سابق اليوم، تسلم السفير، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، من يد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ميدالية داغ همرشولد، باسم جنود حفظة السلام المغاربة الشجعان، اعترافا بتضحياتهم وشجاعتهم ونكرانهم للذات وحسهم العالي بالمسؤولية.
وخلال حفل أقيم بمناسبة اليوم الدولي لحفظة السلام، كلف غوتيريش هلال بنقل تعازيه القلبية إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، في وفاة الجنديين المغربيين الملازم محمد زريك والرقيب رشيد مرغيش، وكلاهما مع بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى (مينوسكا).
في هذا السياق، وضع غوتيريش إكليلًا من الزهور تكريما لحوالي 4200 من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة الذين فقدوا أرواحهم منذ عام 1948، كما ترأس مراسم منح ميدالية ‘داغ هامرشولد’ بعد الوفاة لـ117 من العسكريين والشرطة والمدنيين من قوات حفظ السلام الذين فقدوا حياتهم أثناء أدائهم للواجب تحت علم الأمم المتحدة العام الماضي.
إلى ذلك، أوضح بلاغ للأمم المتحدة بمناسبة «اليوم الدولي لحفظة السلام» أن المغرب يعتبر ثاني عشر أكبر مساهم في القوات النظامية للأمم المتحدة لحفظ السلام، وينتشر حاليا أكثر من 1700 فرد من الجيش والشرطة المغاربة في عمليات الأمم المتحدة في جمهورية إفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجنوب السودان.
وأضاف البلاغ أنه «خلال موكب خاص، سيمنح الأمين العام ميدالية «الكابتن امباي دياني للشجاعة الاستثنائية» بعد الوفاة للنقيب عبد الرزاق حميد بحر من تشاد، الذي عمل ضمن بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما).
وأفاد البلاغ بأن الميدالية سميت باسم جندي حفظ سلام سنغالي قتل في رواندا عام 1994 بعد أن أنقذ أرواح عدد لا يحصى من المدنيين، وتعتبر هذه المرة الثانية التي تُمنح فيها الميدالية منذ تقديم الميدالية الافتتاحية لعائلة النقيب دياني تكريما له عام 2016.
وورد ضمن البلاغ أن الأمين العام سيمنح أيضا لقب «داعية العام للمساواة بين الجنسين في صفوف العسكريين لـ2021» للرائد وينيت زهاراري، المراقب العسكري من الزيمبابوي، الذي عمل ببعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، مضيفا أن الجائزة أُنشئت في عام 2016، وهي «تعترف بتفاني وجهود أحد أفراد حفظ السلام لتعزيز مبادئ قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة رقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن».
وفي رسالته بالمناسبة، قال الأمين العام أنطونيو غوتيريش: «اليوم، نكرم أكثر من مليون امرأة ورجل عملوا في قوات حفظ السلام للأمم المتحدة منذ عام 1948، ونشيد بحوالي 4200 من الأبطال والبطلات الذين ضحوا بأرواحهم من أجل قضية السلام، ويتم تذكيرنا بحقيقة قديمة: لا يمكن أبدًا اعتبار السلام أمرًا مفروغًا منه، السلام هو المبتغى والمكسب؛ ونحن ممتنون للغاية لـ 87000 فرد مدني وشرطي وعسكري يعملون الآن تحت لواء الأمم المتحدة ويساعدون في تحقيق جائزة السلام في جميع أنحاء العالم».
من ناحيته، قال جان بيير لاكروا، وكيل الأمين العام لعمليات السلام: «تعمل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة كل يوم لحماية الأشخاص المستضعفين في أكثر الأوضاع السياسية والأمنية هشاشة في العالم، وقد أضحت الأخطار التي تواجهها أكبر من أي وقت مضى، ويرافق ذلك تزايد في التوترات العالمية والتهديدات الأكثر تعقيدًا من الهجمات الإرهابية إلى الجريمة المنظمة واستخدام العبوات الناسفة، بالإضافة إلى زيادة المعلومات الخاطئة والمضللة التي تستهدف بعثاتنا والمجتمعات التي نخدمها. ورغم هذه التحديات، فإن حفظة السلام يثابرون جنبًا إلى جنب مع العديد من شركائنا في السعي الجماعي لتحقيق السلام، واليوم نشكرهم على مساهمتهم الهائلة، ونتذكر بحزن شديد زملاءنا الذين قدموا تضحياتهم الكبرى أثناء خدمة قضية السلام».
وجاء ضمن البلاغ أن «الجمعية العامة قد قررت الاحتفال باليوم العالمي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة منذ عام 2002، وذلك للإشادة بجميع الرجال والنساء العاملين في عمليات حفظ السلام، ولتخليد ذكرى أولئك الذين فقدوا أرواحهم من أجل قضية السلام”.
وقد حددت الجمعية العامة يوم 29 ماي من كل سنة ليكون اليوم الدولي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة، إحياءً لذكرى اليوم الذي بدأت فيه بعثة الأمم المتحدة الأولى لحفظ السلام، وهي هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة، عملياتها في فلسطين في 1948، ومنذ ذلك الحين عمل أكثر من مليون امرأة ورجل في 72 عملية حفظ للسلام تابعة للأمم المتحدة.
وما زال الجنود المغاربة، خدمة للأمن والاستقرار بالقارة الإفريقية، ونهوضا برسالتهم النبيلة، يواصلون تقديم تضحيات مخضبة بالدماء وذلك في مختلف بؤر التوتر بالقارة التي تلتزم المملكة المغربية التزاما راسخا باستقرارها وتنميتها تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
ومن أجل تحقيق هذه الغاية السامية المتمثلة في توفير الأمن والاستقرار للساكنة في مناطق الصراع، يساهم ما لا يقل عن 1.610 من الجنود وعناصر الشرطة والمدنيين المغاربة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في إفريقيا. وتمثل هذه القوات عنصرا مهما في تواجد الأمم المتحدة في القارة.
وبهذا الانتشار، يعد المغرب من بين البلدان العشر الاوائل من حيث المساهمة في قوات حفظ السلام الأممية في جمهوريتي إفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية.
ومن ثم، فإن بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية تضم 834 من حفظة السلام المغاربة الذين يسهمون بفعالية في تحقيق أهداف هذه البعثة التي ترمي بصفة خاصة إلى ضمان حماية المدنيين وموظفي المساعدة الإنسانية والموظفين المسؤولين عن الدفاع عن حقوق الإنسان، وتقديم الدعم لحكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية في جهودها لتحقيق الاستقرار وبناء السلام.
كما تساهم المملكة في جمهورية إفريقيا الوسطى، بتجريدة قوامها 762 من قوات حفظ السلام كجزء من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في إفريقيا الوسطى، التي كلفها مجلس الأمن بحماية المدنيين ودعم عملية الانتقال في هذا البلد الواقع جنوب الصحراء الكبرى، والذي يعيش أوضاعا أمنية مضطربة.
وعرفانا بالتضحيات التي تقدمها قوات حفظ السلام المغربية، أعرب المتحدث باسم إدارة عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، نيك بيرنباك، عن امتنانه الكبير للمغرب لمساهمته المتواصلة في حفظ السلام والأمن، مبرزا أن المملكة تعد «شريكا أساسيا» في كل عمليات حفظ السلام .
وسجل بيرنباك أن «غالبية قوات حفظ السلام المغربية منتشرة في بعثاتنا في جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى، حيث تعمل في بيئات معقدة وتساعد على حماية المدنيين، وهي إحدى المهام الميدانية الرئيسية لقوات حفظ السلام».
كما أشاد بأفراد قوات حفظ السلام المغربية «الذين بذلوا أرواحهم من أجل السلام في إطار عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في جميع أنحاء العالم، ونحن ممتنون للمغرب على إسهامه المستمر في عمليات الأمم المتحدة».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، قد أشاد خلال الزيارة التي قام بها إلى جمهورية إفريقيا الوسطى في أكتوبر الماضي، بهذه المساهمة وبالتضحيات التي قدمها جنود حفظ السلام المغاربة.
كما قام الأمين العام بتكريم جنود حفظ السلام المغاربة الذين استشهدوا مطلع السنة الجارية خلال ممارسة مهمتهم النبيلة في حفظ السلام وحماية السكان المحليين في جمهورية إفريقيا الوسطى.
وقال غوتيريس في هذا الصدد، «لقد سنحت لي الفرصة لأخاطب جلالة ملك المغرب، وأن أقدم التعازي للشعب المغربي، وأريد أن أقوم بالشيء نفسه، هنا وبطريقة مباشرة، تجاه جميع الزملاء والجنود الأبطال الذين قضوا دفاعا عن السلام».
وخاطب الأمين العام قوات حفظ السلام قائلا، «إنكم تقومون بعمل بطولي استثنائي، وتوفرون الحماية للمدنيين في وضعيات يكون فيها السلام بعيد المنال، وتقدمون على ذلك بتضحية عز نظيرها».
وسجل المتحدث باسم إدارة عمليات حفظ السلام، في هذا السياق، أن التجريدة المغربية في جمهورية إفريقيا الوسطى تنتشر «في بعض أصعب المناطق في البلاد. وهي الآن متواجدة في الجنوب الشرقي بمناطق بانغاسو، وزيميو، ورفاي، وأوبو»، موضحا أن انتشار التجريدة المغربية بهذه المناطق جاء ردا على العنف المستشري في المنطقة ولسد الفراغ الناجم عن مغادرة القوات الاوغندية والامريكية المكلفة بقضية «جيش الرب للمقاومة».
كما أكد المسؤول الأممي، أن تواجد قوات حفظ السلام المغربية في جمهورية إفريقيا الوسطى هو جزء من الجهد العام الذي تقوم به بعثة الأمم المتحدة لتحقيق السلام والأمن في البلد وخدمة الساكنة المحلية.
يشار إلى أن شعار إحياء اليوم الدولي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة هذا العام هو «الناس والسلام والازدهار: قوة الشراكات»، وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أن «حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة يعملون في جميع أنحاء العالم، مع الدول الأعضاء والمجتمع المدني والعاملين في المجال الإنساني ووسائل الإعلام والمجتمعات التي يخدمونها والعديد من الآخرين لتعزيز السلام وحماية المدنيين وتعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون وتحسين حياة الملايين من الناس».


بتاريخ : 28/05/2022