بمناسبة يومها العالمي… خبراء يناقشون في خنيفرة الإعاقة، تشخيص صعوبات التعلم والفشل الدراسي




يخلد العالم في الثالث من دجنبر من كل عام «اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة»، وهو موعد أممي أقرته الأمم المتحدة منذ 1992 دعما لحقوق هذه الفئة وتعزيز حضورها داخل المجتمع، ويأتي تخليد سنة 2025 تحت شعار «تعزيز المجتمعات الشاملة لمسائل الإعاقة من أجل النهوض بالتقدم الاجتماعي»، وفق خلاصات مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية المنعقد بالدوحة، حيث جددت الدول التزامها بتحقيق الإنصاف والمشاركة الكاملة للأشخاص في وضعية إعاقة.
وفي هذا الإطار، أعطت جمعيتا «تدبير مركز تأهيل وإدماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة» و»دار الأمان للإعاقة والتربية ما قبل المدرسية»، بخنيفرة، يوم الأربعاء 3 دجنبر 2025، الانطلاقة الرسمية للنسخة الرابعة من مهرجانهما الإقليمي، بتنظيم ندوة علمية تكوينية حول «مشكلات تشخيص ذوي صعوبات التعلم وظاهرة الفشل الدراسي»، احتضنتها رحاب «المركز الثقافي أبو القاسم الزياني»، وأدارتها سعيدة حجوط، مديرة مشروع برنامج تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة.
وعرفت الندوة حضورا نوعيا من خبراء وأخصائيين وعدد من ممثلي المؤسسات العمومية والجمعوية إلى جانب أسر المستفيدين والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، لتشكل فضاء للتفكير المشترك في سبل تحسين آليات التشخيص والدعم البيداغوجي والنفسي.


مدرسة دامجة ومسارات تكوين متجددة

في كلمتها، شددت المديرة الإقليمية للتعاون الوطني، سعاد الزاهية، على ضرورة النهوض بحقوق الأطفال في وضعية إعاقة داخل المنظومة التعليمية، مؤكدة أهمية تطوير المقاربات البيداغوجية، ومعالجة المعلومات المتعلقة بالتلاميذ الحاملين لصعوبات التعلم، وتمكين أسرهم من مواكبة البرامج التي تستهدف أبناءهم، ودعت إلى تعزيز آليات التعليم الدامج وتوفير أدوات التكييف والتكوين المستمر لفائدة الأطر التربوية المتخصصة، معتبرة المناسبة فرصة لتمرير رسائل إنسانية واجتماعية داعمة لمدرسة أكثر عدلا وإنصافا.
من جهتها، تناولت ممثلة قسم العمل الاجتماعي بعمالة الإقليم، سهيلة الغزال، مفهوم الإعاقة من مختلف زواياها الجسدية والنفسية والذهنية، قبل أن تنتقل إلى إبراز علاقة الإعاقة بالتعثر الدراسي وصعوبات الإدراك، واستعرضت المتدخلة البرامج التي تعتمدها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مؤكدة أن الأشخاص في وضعية هشاشة يشكلون محورا أساسيا ضمن تدخلاتها منذ انطلاقتها سنة 2005، كما قدمت معطيات حول المراكز الثلاثة المحدثة بالعمالة لاستقبال هذه الفئة وتوفير خدمات التوجيه والدعم والتأهيل.

الرياضة والصحة كرافعة للإدماج

بدوره، أبرز ممثل مديرية التعاون الوطني، مصطفى بلحسن، الدور الحيوي للرياضة في بناء شخصية الطفل في وضعية إعاقة، وتطوير مهاراته الاجتماعية والنفسية، كما ذكر المتدخل بمقتضيات القانون 97-13 والمرتكزات الأساسية التي تؤطر الحق في الحياة الرياضية، مشددا على ضرورة توفير فضاءات رياضية آمنة ومجهزة، وتكوين أطر قادرة على مواكبة حاجيات الأطفال. كما أعلن عن إعداد دليل جديد خاص بالأنشطة البدنية الموجهة للأشخاص ذوي الإعاقة.
أما ممثلة مندوبية الصحة والحماية الاجتماعية، مليكة العروسي، فسلطت الضوء على دور القطاع الصحي في الكشف المبكر عن الاضطرابات المرتبطة بالتعلم، مشددة على أهمية الوقاية والتشخيص والتأهيل الطبي والنفسي، وأشارت إلى البرامج الصحية الموجهة للأطفال، وإلى الشروط الجديدة في تسليم «شهادة الإعفاء من التربية البدنية»، مؤكدة ضرورة الحفاظ على الحق في ممارسة الأنشطة الرياضية داخل المؤسسات التعليمية.

تفكيك الاضطرابات وصعوبات التعلم

وفي مداخلته العلمية، تناول الأخصائي في علم النفس، بدر الحواز، الفروق بين الصعوبة والفشل الدراسي، محذّرا من مخاطر التشخيص المتسرع أو غير الدقيق، وشدد على أهمية الاختبارات العلمية المعتمدة، ودور الذاكرة والانتباه في تقييم القدرات التعليمية، وختم مداخلته بدعوة الأسر إلى اعتماد مواكبة هادئة ومنتظمة لأطفالهم لتجنب الآثار النفسية المصاحبة لصعوبات التعلم.
من جانبها، قدمت الأخصائية النفسية، سلمى عمري علوي، قراءة منهجية في الاضطرابات العصبية والبيولوجية المرتبطة بصعوبات التعلم، وتحدثت عن الانعكاسات النفسية للتنمر، وكيفية تعامل الأسرة مع الأطفال الذين يُظهرون أعراض الهروب المدرسي، مع استحضار نماذج ملهمة تمكن أصحابها من تجاوز إعاقاتهم وتحويلها إلى قوة.
كما تناول أخصائي تقويم النطق، يوسف جوهاري، مفهوم الاضطرابات اللغوية والحركية الدقيقة، وتوقف عند صعوبات القراءة والكتابة والتمييز السمعي والبصري، مبرزا الفرق بين الاضطراب الذي قد يلازم الطفل، والصعوبة التي يمكن تجاوزها عبر التأهيل المناسب.
وقدمت الأخصائية النفسية ورئيسة جمعية دار الأمان، ماجدة الهكاوي، مداخلة حول مراحل نمو الطفل، من مرحلة ما قبل التمدرس إلى غاية المراهقة، مسلطة الضوء على مؤشرات التعثر المصاحبة لصعوبات القراءة والحساب وفهم المقروء، وأبرزت أهمية التقييم المبكر ودور الأسرة والمدرسة في دعم الطفل، مستعرضة نماذج من التكوينات الجامعية المغربية في مجال التشخيص النفسي والتربوي.

فقرات فنية وتربوية


واختتمت الفعاليات في اليوم الموالي بحفل تربوي وفني استهلته سعيدة حجوط بكلمة ترحيبية، قبل تقديم مسرحيتي «ولادة ميسرة» و»لغة القلب» من طرف مستفيدي جمعية تدبير، ثم فقرة فنية لأطفال جمعية دار الأمان بعنوان «حنا وليدات المغرب»، وعُرض شريطان بصريان يوثّقان أنشطة الجمعيتين، تلاهما موكب احتفالي بفضاء المركز الثقافي أبو القاسم الزياني احتفاء بالإعلان عن «عيد الوحدة»، قبل أن يُختتم الحفل بفقرات بهلوانية وترفيهية لفائدة الأطفال.


الكاتب : أحمد بيضي

  

بتاريخ : 10/12/2025