بمهرجان الموسيقى العريقة بفاس….نساء يضفين سحر صوتهن والقفطان المغربي يحظى باهتمام واسع

 

على وقع أنغام نسائية ساحرة وعبق تاريخي عريق،سافر موردو الموسيقى الروحية رحلة موسيقية عبر الزمن آسرة عبر مصادر إلهام الموسيقى الأندلسية، متنقلا بين السماء والأرض، والجبال والقصور، حيث شارك في رحلة الاستثنائية ثلة من الفنانات المرموقات من مختلف بقاع العالم، في حفل باسم “زرياب والوتر الخامس”، الذي أقيم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وأشرفت على افتتاحيه سمو الأميرة الجليلة لالة حسناء مضفية عليه رونقا خاصا ورمزية ثقافية عميقة، احتفاء مميزا بإسبانيا كضيفة شرف، بحثا عن روح الأندلس،لتعريف الجمهور بثراء الموسيقى العربية الأندلسية وإبراز دورها في التواصل بين الشعوب، من أجل تعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات، من خلال عروض للموسيقى العالمية العريقة في نسختها 27، التي تعد بمثابة رحلة موسيقية عبر الزمن والمكان.
وقد استقى الحفل إلهامه من عوالم الموسيقى العربية الأندلسية الغنية، وتحديدا من إرث الفلاسفة القدامى مثل الفردوسي والكندي، اللذين استلهما بدورهما من أفكار فيثاغورس وأفلاطون.
والمغنية سناء مرحاتي وغيرها من الفنانات، بمختلف فضاءات العرض ألهبن حماس الجمهور، لا سيما خلال الحفل الختامي، حيث على إيقاع الزغاريد وتصفيقات الجمهور، أتحفت الديفا الأمريكية كيم بوريل عشاق الموسيقى العريقة وعرجت بهم في العوالم الاستثنائية للموسيقى الكلاسيكية الأفرو-أمريكية والأوروبية، برفقة المغنية الكاميرونية “سارة سيبا”، وواصلت أداء سلسلة من الأوبريتاتمرفوقة بمجموعة الأوركسترا المعاصرة ومجموعة “كوسبلفيلهارمونيكإكسبرينس” في تناغم تام مع الحضور الذي رافقها بدوره وهو يغني معها أنغام الموسيقى الأمريكية والأوروبية الخالدة.
هذا، وقد عاش عشاق الموسيقى العريقة لحظة متميزة وأنشودة روحانية، مفعمة بمشاعر المحبة والسلام، حيث تعانق الروح روعة فاس مع التأثيرات الموسيقية والثقافية عبر هذه الأصوات الشجية متعددة التخصصات أحدثت عبر مزيج يجمع ما بين الأناشيد الكنائسية الزنجية، الحضرية والسمفونية، ضمن عرض موسيقي من نوع آخر يبقى خالدا بسجلات المهرجان وفي عالم الموسيقى الكنائسية الزنجية بشكل عام.
فن أحيدوس بصيغة النساء، كان من أبرز الفقرات الفنية، التي تميزت من خلالها المايسترو وأبهرت الحضور وهي تحمل “البندير” وتتوسط تارة المجموعة، وتارة تتحرك على الخشبة بتناغم مع الإشارات، التي تبعثها من حين لآخر، حتى أصبح معناها راسخا في أذهان أفراد الفرقة، ترسم لوحة فنية تعانق سماء القمم الأطلسية بحركات رشيقة ودقات الدفوف المسترسلة والمتناسقة، ميزت فنهم عن بقية فنون المغرب المتنوعة، فالإضافة إلى الإيقاع الذي تحدثه الدفوف، أو “البندير” باللهجة المغربية المستعملة في موسيقى الرقصة، تبقى لأحيدوس أشعاره الخاصة وهو “الإيزلان” بالأمازيغية، عبرها، يتغنى منشدو الفرقة بمختلف المواضيع المأخوذة غالباً من الحياة اليومية والمرتبطة بالوطنية ومقاومة المستعمر، كما بالحب والشغف.
فرصة، دون سابق إنذار وترصد، تألق القفطان المغربي خلال الدورة 27 للموسيقى الروحية، من خلال إطلالة بعض مقدمات الحفل بمختلف فقراته وهن يرتدين الزي الفاسي التقليدي، الذي يجسد أحد روافد الهوية المغربية ومهارة الصناع التقليديين المحليين، والذي يشكل تراثا حيا وطنيا، حاملا الجمهور المغربي والأجنبي في رحلة عبر الزمن تروي حكاية سحر تراث ورقي وطني تجاوز العصور مع الحفاظ على طابعه الأصيل، يؤكد علنا أن القفطان المغربي أو الزليج أو الفخار السلاوي أو “الزربية الزمورية”، كلها تنتمي إلى التراث المغربي، وأنها محمية بموجب عدد من اتفاقيات اليونسكو، وأن المغاربة معبؤون للحفاظ على تراثهم في مواجهة محاولات الاستيلاء عليه من قبل بعض الدول.


الكاتب : حسن عاطش

  

بتاريخ : 04/06/2024