شهدت، مؤخرا، الساحة السياسية بإقليم بنسليمان صراعا بين حزبي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة، تجسد في تبادل الاتهامات والتصريحات النارية بين قياديي الحزبين. فخلال لقاء تواصلي مع الساكنة، نظمه رئيس جماعة أولاد علي الطوالع، بحضور برلماني من “حزب الأحرار “يشغل أيضا منصب رئيس جماعة موالين الواد، لم تخلُ الكلمات من انتقادات لاذعة لممثلي المعارضة، ما دفع المنسق الإقليمي “للبام”إلى الرد بقوة. هذا التوتر يعكس المنافسة الشرسة بين الحزبين على مستوى الإقليم، في وقت تتزايد فيه تساؤلات المواطنين حول الجدوى من هذه الصراعات ومدى تأثيرها على التنمية المحلية التي تبقى المطلب الأهم للساكنة.
تداول نشطاء الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي فيديوات توثق التراشق والاتهامات المتبادلة، حيث أظهر فيديو، البرلماني المشار إليه الذي يشغل أيضا منصب رئيس جماعة مولين الواد في لقاء تواصلي بجماعة اولاد علي الطوالع التي يسيرها حزبه وهو يقوم بالترويج لما اعتبره إنجازات لمكونات حزبه بالإقليم أمام الحاضرين ، ويتحدث عن أنه يلعب دورا في جلب المشاريع التنموية للجماعة من خلال المجلس الإقليمي وممثل الجهة. كما وعد بالعمل على معالجة عدد من المشاريع المستقبلية التي يسعى لتحقيقها.
واستغل البرلماني الفرصة عند حديثه عن المجال الفلاحي بالمنطقة لمهاجمة ممثل الجماعة في الغرفة الفلاحية الذي ينتمي لحزب “البام” وهو بالمناسبة أستاذ محامي منسق حزب الأصالة والمعاصرة بالإقليم، ومستشار جماعي بفريق المعارضة بجماعة اولاد علي الطوالع وممثل بالغرفة الفلاحية بها، معتبرا (البرلماني) “أن هذا الأخير يجب أن يكون فاعلًا ميدانيًا في القطاع، مشددًا على “أن المحامي لا يمكنه أن يمثل الفلاحة. ومضيفا: “أنه ينبغي على هذا الشخص، أن يخلع بذلته الرسمية ويركب الجرار ليعمل في الميدان، بدلا من الاكتفاء بالتمثيل دون دراية بمشاكل الفلاحين”.
وبدا واضحًا، حسب المتتبعين للشأن المحلي بالإقليم، أن البرلماني عن “حزب الأحرار” يستغل الفرصة للقيام بحملات انتخابية مبكرة وسابقة لأوانها لصالح حزبه، وذلك في مواجهة المنسق الإقليمي للبام، الذي يمثل المعارضة داخل الجماعة ذاتها.
هذه الحملة التي اتسمت بالحدة والتراشق في الكلام، فسرها البعض “بأنها تندرج ضمن صراع سياسي حزبي وانتخابي مستمر بين الحزبين، والذي أصبح ينعكس بشكل جلي على المستوى المحلي، حيث انطلقت هذه الصراعات منذ تشكيل المكتب المسير لجماعة اولاد علي الطوالع واستمرت طيلة الثلاث السنوات الأخيرة، لتتزايد حدتها بين ممثلي الحزبين مع اقتراب موعد الانتخابات، مما كان لها تأثير سلبي على مختلف المجالات التنموية التي تهم الساكنة”.
رد المنسق الإقليمي لحزب الأصالة والمعاصرة جاء سريعا عقب عقد دورة فبراير العادية الأخيرة بجماعة اولاد علي الطوالع، حيث استغل هذا الأخير تواجد ممثلي وسائل الإعلام ليدلي بتصريح ناري، تجاه البرلماني، معتبراً “أن جماعة مولين الواد الذي يسيره ذات البرلماني: “تسيرها نفس العائلة منذ أكثر من 40 سنة “أبًا عن جد”، دون أن تشهد أي تنمية حقيقية. وأشار إلى أن الجماعة لم يتم فيها غرس حتى “شجرة واحدة”، “وأن الشجرات المتواجدة بالمنطقة تعود لفترة الاستعمار”. ومتسائلا في نفس الوقت “عن الأسباب التي دفعت رئيس جماعة إلى الحديث عن مشاكل جماعات أخرى، بينما لا تزال جماعته تعاني من غياب أبسط المرافق الأساسية، مثل(الواد الحار)، وسوق نموذجي، وقاعة للرياضة، ومكتبة، ومحطة بنزين لائقة، وأشار أيضا في تصريحه:ّ “أن البرلماني “يتبجح ويتطاول على جماعات أخرى بدلًا من معالجة المشاكل التي تعاني منها الجماعة التي يسيرها”.
وانتقد المنسق الإقليمي “للبام” بقوة تدبير البرلماني لجماعة موالين الواد، مشيرا إلى “أنه يتجاهل المشكلات الحقيقية التي تواجه الجماعة في مجالات أساسية، بما في ذلك ضعف البنية التحتية”. وتابع قائلاً: “رئيس جماعة مولين الواد منشغل بتنظيم المهرجانات التي لا يستفيد منها أحد، بينما السكان في حاجة إلى مشاريع تنموية حقيقية تترك أثرًا واضحًا وتعود بالنفع على الجميع”.وأشار المنسق الإقليمي “للبام ” في تصريحه لوسائل الإعلام إلى: ” أن رئيس جماعة مولين الواد ظهر خلال زيارة عامل الإقليم لمشاريع تنموية ببنسليمان بشكل أثار الكثير من الجدل، معتبرًا أنه “افتُضح أمره” أمام كاميرات الصحافة، حيث بدا عاجزًا عن تبرير الوضع. وأضاف أنه “على أي مسؤول جماعي أن يحاسب أولاً على حصيلته قبل أن يسمح لنفسه بتقييم أداء الآخرين”، ومضيفا :” أن البرلماني لا يملك الحق في تحديد من يصلح ومن لا يصلح لتمثيل الفلاحين، مبرزًا أنه فلاح أب عن جد، ويمتلك أراضي شاسعة حصل عليها بالشراء وليس بالإرث، ما يجعله أكثر دراية بقضايا الفلاحين مقارنة بمن يحاول التشكيك في أهليته. ويعرف كيف يوازن بين مهنته والفلاحة، الأمر الذي يمنحه الدراية الكافية لتمثيل الفلاحين”.
هذه التصريحات والتراشق السياسي والحزبي يعكس عمق التحديات التي تواجه إقليم بنسليمان في مجال التنمية، وهو ما يبين أيضًا حالة من انعدام التنسيق بين الأحزاب السياسية، وغياب الرؤية الموحدة لتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة.