بنسليمان: سكان دوار البيوض «الكصعة» …بين المساكن العشوائية والمعاناة اليومية

على بعد ثلاثة كيلومترات فقط من مدينة بنسليمان، حيث تستعد بلادنا لبناء أكبر ملعب في العالم من أجل استضافة كأس العالم 2030، يعيش سكان دوار البيوض «الكصعة» التابع لجماعة أولاد يحيى لوطا في ظروف مأساوية تعكس تناقضا واضحا بين الطموحات التنموية والواقع المحلي.
الدوار، حسب مصادرنا، «يقع بمحاذاة أراضي الجموع، ويعد من الدواوير الصفيحية، والذي نبت كالفطر في إطار تقسيم الأرض إلى بقع صغيرة تبلغ مساحتها ما بين 100 متر و400 متر من طرف بعض الملاك وبيعها إلى الخواص وإلى العائلات لإقامة مساكن عشوائية أمام أنظار السلطات المحلية وعلى مسامعها، التي اختارت نهج سياسة غض الطرف بدلا من التصدي للمتاجرة في البناء العشوائي»، مما جعل هذا الأخير – تضيف ذات المصادر- «يتوسع ويتمدد إلى أن أصبح الدوار يضم حوالي 100 عائلة تقطن في مساكن عشوائية، أغلبها عبارة عن «براريك» قصديرية تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة، بسبب البنية التحتية الهشة التي لا تتيح حياة لائقة للسكان».
والأسوأ من كل ذلك، وفق إفادة نفس المصادر للجريدة، «أن بعض هذه المساكن بُنيت فوق مسالك طرقية، مما عقد ظروف التنقل وزاد من معاناة القاطنين». الشيء الذي دفع بالساكنة إلى المطالبة بفك العزلة عنها من خلال إنجاز مسالك قروية لإيصالهم إلى الطريق الوطنية التي لا تبعد عن مساكنهم سوى بعشرات الأمتار إلا «أن إحدى القاطنات وقفت في وجه المسؤولين بالجماعة ورفضت السماح لهم بإنجاز مسلك قروي يربط الدوار بالطريق الوطنية، ومنعت أي محاولة لتحسين الوضع بالمنطقة».
الوضع البئيس بدوار البيوض يطرح العديد من التساؤلات حول غياب العدالة التنموية في الإقليم. ويدفع إلى إثارة قضايا حساسة حول هذا الواقع الذي تغيب فيه ظروف وشروط العيش الكريم، خاصة وأن بلادنا تتهيأ لاستضافة حدث عالمي كبير مثل كأس العالم، بينما يعيش سكان قريبون من المدينة في ظروف لا تليق بحياة الإنسان، وبالتالي أليس من الأجدر أن يتم استغلال مثل هذه التظاهرات الكبرى كفرصة لتغيير الواقع الاجتماعي في المناطق المهمشة؟ المسؤولية في هذا الوضع المزري، تقع بالدرجة الأولى على عاتق المسؤولين بالجماعة الترابية، وعلى عاتق السلطات المحلية والإقليمية، التي ينبغي عليها التدخل العاجل لإيجاد حلول عملية ومستدامة، من خلال وضع خطة لإدماج دوار «الكصعة» في التنمية الحضرية، بدءًا بتوفير وتأهيل بنية تحتية ملائمة، وإعادة تأهيل المساكن بما يضمن كرامة الساكنة، بالإضافة إلى فتح تحقيق في مسألة المتاجرة بالأماكن داخل الدوار، وضمان مراقبة صارمة على مثل هذه المواقع، وربط الدوار بالطرق الرئيسية كخطوة أساسية نحو تحسين ظروف السكان، مع ضرورة استغلال المشاريع المرتبطة بالمونديال لتحسين جودة الحياة في المناطق المهمشة.
فدوار البيوض «الكصعة» هو صورة مصغرة لتحديات التنمية المحلية التي يواجهها المغرب، وبينما تتجه أنظار العالم نحو بنسليمان في إطار الاستعدادات لكأس العالم 2030، ينبغي أن يكون تحسين حياة السكان جزءًا لا يتجزأ من هذه الاستعدادات، ومعالجة هذه القضايا ليست فقط ضرورة محلية، بل مسؤولية وطنية لضمان أن يكون الإقليم وجهًا مشرفًا للمغرب أمام العالم.


الكاتب : بوشعيب الحرفوي

  

بتاريخ : 08/01/2025