بنسليمان: هل يحقق مونديال 2030 ما عجز عنه المسؤولون والمنتخبون؟

إقليم بنسليمان، الذي يقع بين الرباط والدار البيضاء، يتمتع بموقع استراتيجي ومؤهلات طبيعية مميزة، ومع ذلك ظل يعاني من تهميش واضح وفشل في التدبير لسنوات طويلة. ومع إعلان المغرب استضافة كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، برزت آمال جديدة بأن يتحول هذا الحدث إلى منقذ حقيقي يعوض الإقليم عن عقود من الإهمال والتخبط.
الإقليم عاش أزمات انتخابية وتنموية مستمرة، ولعل أبرزها تحطيمه الرقم القياسي في إعادة الانتخابات البرلمانية. وعلى الرغم من أن جميع نواب الإقليم ينتمون إلى أحزاب الأغلبية الحكومية، فإنهم لم يستغلوا مواقعهم لطرح أسئلة على الوزراء أو جلب مشاريع تنموية تعود بالنفع على الساكنة. هذا الغياب شبه الكامل لدورهم التنموي أثار استياء السكان وأكد الفجوة بين الناخبين وممثليهم في البرلمان.
إضافة إلى ذلك، يعاني الإقليم من مشاكل هيكلية متعددة، يأتي في مقدمتها ملف النقل العمومي الذي يعتبر أكبر معضلة تواجه السكان. النقل ضعيف وغير منظم، مما يعزل الإقليم عن محيطه ويؤثر سلبا على حياة المواطنين اليومية، سواء في التنقل للعمل أو الدراسة.
على صعيد آخر، جل المشاريع التنموية التي كانت تعد بأهمية كبيرة إما علقت أو تبخرت تماما، ومن أبرزها مشروع إنشاء نواة جامعية كانت ستوفر فرصا تعليمية للشباب داخل الإقليم. المشروع ظل حبيس الأوراق دون تنفيذ، مما حرم الإقليم من رافعة تنموية حقيقية.
شهد الإقليم أيضا تغييرات جوهرية على مستوى الإدارة المحلية، حيث تم إعفاء وتغيير عدد كبير من المسؤولين نتيجة لضعف أدائهم أو لسوء تدبيرهم لبعض المشاريع التنموية. بالإضافة إلى متابعة عدد من رؤساء الجماعات في قضايا فساد أدت إلى عزلهم، فيما يتابع آخرون قضائيا بتهم فساد. هذه التغييرات العميقة في المسؤولين والمنتخبين تعكس تحديات كبيرة في الحكامة التسييرية ، مما يزيد من تعقيد الوضع ويساهم في تراجع الثقة لدى السكان.
ورغم كل ذلك، يبدو أن مونديال 2030 ينوب عن المسؤولين والمنتخبين في تحقيق التنمية للإقليم. تحضيرات المونديال جلبت معها مشاريع ضخمة قد تغير وجه المنطقة بالكامل. من بين هذه المشاريع إنشاء أكبر ملعب رياضي في جماعة المنصورية، إلى جانب قرية رياضية حديثة وقطار فائق السرعة يربط الإقليم بالمدن الكبرى. هذه المبادرات لا تقتصر على تحسين البنية التحتية فقط، بل يمكن أن تسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي، خلق فرص عمل جديدة، وجذب الاستثمارات.
المونديال يقدم للإقليم فرصة استثنائية لاستغلال موقعه الاستراتيجي ومؤهلاته الطبيعية للنهوض به. إن ما فشل المنتخبون والمسؤولون في تحقيقه من تنمية يمكن أن يتحقق من خلال هذه المشاريع الضخمة التي ترافق تنظيم كأس العالم، لذا فإن مونديال 2030 قد لا يكون مجرد حدث رياضي عالمي، بل نقطة تحول تاريخية تعيد الحياة لإقليم بنسليمان وتفتح أفقا جديدا لتنميته.
المونديال اليوم يحمل رسالة واضحة بأن عجلة التنمية قد تدور من خارج مكاتب المسؤولين المنتخبين، ليصبح حدثا رياضيا عالميا فرصة غير مسبوقة لتحسين واقع الإقليم وإعادة صياغة مستقبله.


الكاتب : إلياس الحرفوي

  

بتاريخ : 03/01/2025