بنية المكان وأبعاده في رواية «الخالة أم هاني» لربيعة ريحان

«الخالة أم هاني» هو العنوان الذي اختارته الروائية المغربية ربيعة ريحان لعملها الروائي، الصادر ضمن منشورات دار العين بالقاهرة، في طبعة أولى عام 2020، وقد توزع هذا المتن على ثلاثمائة وست وعشرين صفحة، من الحجم المتوسط، مشكلا التجربة الإبداعية الثانية للكاتبة، عقب روايتها الأولى «طريق الغرام

 


تتوشج رواية “الخالة أم هاني” بوشائج عميقة في المجتمع المغربي، انطلقت فيها ربيعة ريحان من واقع المرأة المغربية المطلقة في علاقتها بنظرة المجتمع، التي سرعان ما تتحول إلى جحيم يؤرق مسارها الطبيعي في الحياة، ويلقي بثقله على نفسية غالبا ما تغدو هشة بعد ماض وحاضر مشبعين بالألم والمعاناة، ما يجعل الوقوف عند هذا المنجز الأدبي ضرورة تستمد قيمتها مما تضمنه من قضايا وتيمات، إلى جانب ما يتصل بمكونات العمل الإبداعية، وبؤره القصدية.
وقد اتخذ المنجز النقدي حول هذه الرواية مسارين اثنين، الأول ركز أصحابه على القضايا الموضوعاتية التي يطرحها هذا المتن، وفي هذا الصدد أذكر على سبيل المثال: قضايا المرأة في الرواية النسائية المغربية الخالة أم هاني أنموذجا، للطيفة زعري.
الثاني اهتم بالبحث في سمات الشخصية وآليات اشتغال السرد في الرواية، حال: دراسة في السمات والأبعاد الثقافية لرواية “الخالة أم هاني” لحسن اليملاحي.
وأرى أن هذه الرواية في حاجة ليس فقط إلى مقاربة واحدة، بل الى مقاربات متعددة، تختلف باختلاف مكونات العمل الروائي واتجاهات البحث فيها، وفي هذا الصدد سأتناول في هذه الدراسة بنية المكان ودلالاتها في رواية الخالة أم هاني، ذلك لأن المكان من وجهة نظري له حضور بارز، ويشكل القلب النابض لهذا العمل، ما جعله يمارس سطوة على الفعل القرائي. فكيف يتمظهر المكان في رواية “الخالة أم هاني”؟ وإلى أي حد استطاعت هذه البنية بما نسجته من علاقات داخلية وخارجية أن تؤسس فضاءات بأبعاد وقيم خاصة؟
يتناول العمل الروائي سيرة أم هاني، امرأة مغربية جميلة ذات أصول أندلسية، تقيم في آسفي، يتيمة الوالدين، ما جعلها تعيش ومنذ صغرها حياة غير مستقرة، متنقلة بين أفراد عائلتها، عرضة للحسد والغيرة، متى تعلق الأمر بخوف ربات البيوت وهن يرينها شابة وفاتنة، ما كان سببا في زواجها المبكر، الذي لم يدم طويلا، كذلك الحال بالنسبة لزواجها الثاني، والثالث، والرابع، والخامس، لتنتهي وحيدة، وتصبح حياتها بين قيل وقال أهل المدينة ومجالس الصديقات والأصدقاء، فيغدو التغاضي تارة والردود القوية المباشرة تارة أخرى سبيل المرأة في التعايش مع محيطها، وهو الأمر الذي جعل من حياة أم هاني حلبة صراع، ستنخرط في معاركها قريبتها شيماء، التي تربت بين منزل والديها وأحضان أم هاني، ما جعلها تكن كل المحبة للخالة، وتلج دائرة المواجهات مساندة ومدافعة عن خالتها، “لا أعرف كيف كان يمكن للخالة أن تواجه الحياة من دوني ومن غير والدتي، وأن تتقدم فيها يوما بعد آخر، بتلك الخطوات المرتبكة التي صاحبتها من أـيام اليتم إلى الزواج وإلى الطلاق”، تتمسك شيماء بالخالة رغم عدم رضاها عن قرارات خالتها الكثيرة والمفاجئة، في تغيير مكان سكناها بين الفينة والأخرى “جئت يا خالة، مبروك الدار، أتمنى أن يكون هذا آخر رحيل، يكفيك طوافا”، فتستقبل الخالة كلام شيماء مبتسمة دون تقديم وعد بذلك، ليظل الرحيل والطواف عند أم هاني سمة حاضرها، وربما مستقبلها.
تمثل شخصية أم هاني نموذج المرأة المغربية ولم لا المرأة العربية -خلال فترة تاريخية معينة-في رحلة صمودها، وكفاحها، ورغبتها في إثبات وجودها، لكن سرعان ما نسجل احتفاء من نوع آخر، احتفاء ربيعة ريحان بمدينة آسفي وأمكنتها الخالدة، فإذا كانت الشخصية “أم هاني” قد شكلت البؤرة المعجمية للرواية، فإن المكان قد شكل بؤرتها المقصدية، ما جعله يشكل بؤرة خطابية، تستمد تأويلها من نوايا المتكلم (الكاتبة) والمتلقي (القارئ) معا، فالبنية النفسية حاضرة داخل أي خطاب لغوي، الأمر الذي ساهم في شحن أمكنة الرواية بأبعاد وقيم خاصة.
يشكل المكان محورا أساسا من المحاور التي تقوم عليها نظرية الأدب، ولعل الاهتمام المتزايد بهذا المكون أفضى إلى تسجيل وظائف جديدة تتجاوز مستوى الخلفية في تأطير الأحداث الدرامية إلى اعتباره عنصرا شكليا وتشكيليا من عناصر العمل الفني، ينسج مع مجموعة من المكونات علاقات وثيقة كالعاطفة، والإحساس، والحلم…
تحضر مدينة آسفي داخل المتن الروائي باعتبارها الفضاء الذي تتأطر داخله أحداث الرواية، حيث تتعدد الأمكنة، فإلى جانب ما يقيمه الفعل السردي من فضاءات بصرية متخيلة، تشكل منازل لإقامة الشخصية الرئيسة، تتعضد الرواية بالعديد من الأمكنة الوجدانية، المجسدة رمزيا لمشاعر الكاتبة وأحلامها، نحاول في الأسطر الموالية رصد بعض معالمها وقيمها.

*منازل الإقامة:

شكلت الخيط الناظم لحياة أم هاني، الخالة الحنون، والمرأة المتمكنة من أعمال البيت، صاحبة الذوق الرفيع، والمهاجمة الشرسة متى تعلق الأمر بالسخرية منها، امرأة عاشت بداياتها بين أحضان الجدة للاهشومة، حيث الإحساس بالألفة والانتماء، متنقلة بعد ذلك بين منازل قريباتها، على طول شهور عدتها، فيتساوق الزمان والمكان لخلق فضاء للإقامة الجبرية المحروسة “لم يسمح أحد لأم هاني أن تخرج وحدها أبدا، ولا أن تسافر بمفردها إلى أي مكان، كانوا باستمرار حولها…مختزلين وجودها في سلسلة من النظرات القلقة”، بخلاف منزل خالتها للازينوبة، والذي ستتمتع داخله الخالة بنوع من الحرية، والإحساس أخيرا بالذات كما تتذكر عقب طلاقها من زوجها الأول “كنت أنام وأشبع نوما دون تلك الأشياء التي لم أكن أحبها، المنغصات التي تحدث كل ليلة وأحيانا في واضحة النهار”.
منغصات جنسية وأخرى مادية شكلت سمة أماكن الإقامة الزوجية، ما جعلها أماكن معادية بامتياز، حيث ذكريات الهزيمة والإحباط “خمسة زواجات وخمسة طلاقات… حاولت فيها أم هاني يائسة أن تتحول من طفلة إلى ربة بيت، دون ان يفكر أحد من أهلها في العواقب”.
تصمد الخالة أم هاني أمام كل الأزمات، لتقرر أخيرا الإمساك بزمام أمورها والعيش بمفردها، فارضة اختياراتها في تحديد منازل إقامتها، فتبدأ مرحلة جديدة من البحث والتفاوض والتنقل بين أحياء مدينة آسفي، تارة تختار القرب من أفراد عائلتها، وتارة أخرى تنزوي إلى الأحياء البعيدة، والأكيد أن المكان يصبح معادلا موضوعيا للوجود، بكل إكراهاته: تحرش، القيل والقال…الأهم أن تستشعر الخالة حريتها، فتشرع في إضفاء لمساتها الفنية، محولة المكان على صغر مساحته إلى تحفة “غرفتان ومطبخ وباحة ومرحاض ودوش، هذا هو كل البيت، ورغم ذلك ستصنع منه الخالة تحفة، ستبيض باحته وستملؤها بأصص الزرع ونباتات الظل…”.

* الأمكنة الوجدانية:

– الأضرحة: تتفرد مدينة آسفي بكثرة ما يحتويه ترابها من أضرحة الأولياء والصالحين “أولياء ووليات بلا حصر يتوزعون في أرجاء المدينة، وربما عدد الوليات أكثر: لالة أم علي، لالة هنية الحمرية، لالة شتية، لالة صفية، لالة ميرة… عالم من البركات، موزع على شتى العلاجات: الأمراض الجلدية، أمراض العيون، الجعرة، العنوسة، الإكتئاب…كل تلك المقامات حظيت من الخالة بزيارات متكررة”، حال زيارتها لضريح سيدي بوشتى وما عاشته من أحداث مضحكة وهي تصارع لتعبر زاحفة على بطنها من فتحة “ويعلم الله ماذا اعتبرته شيئا روحيا أو حاجة تشبه الخوارق…المهم أن تتصور أي شيء إلا أن تفترض أنها مجرد فتحتة نحتتها الريح في صخرة”، فدلالة البركة والخير والعطاء التي يحملها اسم الولي أبعد من أن تجعل تفكير الخالة ينزاح في اطار تفسير منطقي جغرافي، الأمر ذاته وهي تعاتب أحد أزواجها بعد علمها بِسُكره في ضريح سيدي بوزكري، “قالت في نفسها، هذا الرجل سيصبح كافرا، فها هو يستهين بسيدي بوزكري سلطان الصالحين”، فحرمة المكان واحترام قدسيته تغدو معادلا موضوعيا لهوية الزوج في اسلامه وعروبته.
ومعلوم أن سيدي بوزكري هو أبو زكرياء يحيى من أبناء الشيخ أبي محمد صالح، هذا الأخير الذي تكن له ساكنة آسفي محبة وقدسية خاصة، ما جعلها تقيم ضريحه بالمدينة العتيقة، داخل منظر خلاب وآسر يطل على المحيط الأطلسي، حيث تطالع الزائر بوابة الضريح بطراز معماري قديم يؤرخ لقرون خلت، تحمل اسم هذا العلامة الجليل، الذي بولوج ضريحه يلج الزائر زمنا من الراحة، وإحساسا أكبر بالوجود، فضاء يتعالى على الأفضية الواقعية المدنسة بالقيم المادية الفاسدة، ليرسم لنفسه شكل الإطلاق والصفاء، تقصده الخالة أم هاني لتجدد نشاطها، تجلس على حصيرة من حصائره، مستشفة ما أمكن من عبق عود القماري.
يؤثث ضريح الشيخ أبي محمد صالح فضاء الرواية، شاهدا على تاريخ يمتد لقرون عدة، وموثقا لغنى وثراء التصوف المغربي، فلا عجب أن يسجل الزائر الحرص الشديد في الحفاظ على الروح والهوية التاريخية للزاوية، في ظل حداثة لم تستطع طمس معالم أصالة هذه الأمكنة، التي لا يمكن أن تكتسب قيمتها الموضوعية والفنية، إلا بوصفها وعاء للزمن بأبعاده الدينية، والثقافية، والاجتماعية، بعيدا عن الانزياح وراء الخرافات وتصديق الأوهام.
وغير بعيد عن الأضرحة، تحتفي الكاتبة ببعض الساحات الشهيرة بمدينة آسفي، منها: ساحة شارع الرباط، أشهر محج في مدينة آسفي، والذي ينسب إلى واحدة من أقدم الرباطات التي ظهرت بمجموع المغرب رباط الشيخ أبي محمد صالح، ما جعل المكان وعلى مر العصور يشكل مركزا للإشعاع الديني والثقافي والسياسي، تستشعر على طول طريقه أم هاني راحة نفسية، في إطار ذكريات تستحضر معها باب الشعبة حيث الأعين الشاخصة المنبهرة بحلقاتها، وما تراه من خدع، فقد كانت ساحة الشعبة مكانا للاستثمار في مجالات التراث والثقافة والهوية الحضارية للمدينة، تاريخ يحتم آنيا ضرورة التخطيط والتفكير في تهيئة الساحة، ورد الاعتبار لتراث الحلقة وروادها، في ظل ما يعيشه حاضر المكان من تهميش أفضى إلى ساحة خاوية تبدو بدون هوية أو شخصية.
دعوة إلى صحوة حقيقية لـ “الأنا” الآسفية وتوحدها مع “الأنت” الغيرية لتكوين “نحن” جديدة، على أسس المحبة والتعايش، في ظل ما يسم المكان من بساطة وشعبية.
وبتتبعنا لمسار حياة أم هاني في الانتقال من منزل إلى آخر، نجدها في إحدى المحطات تختار حي بياضة، فضاء لسكنها الجديد، تل أبيض مبهج، تسارع الكاتبة إلى إعادة تشكيله فنيا، في إطار فضاء يشع منه وهج الجمال والإثارة، معتمدة استراتيجية الانتقاء المكثف للعناصر المعبرة، القادرة بخصوصيتها على إثارة الفكرة الأساس “لا أعرف لماذا لا تتخذ البلدية من تل بياضة مشهدا مبهجا، بقليل من الخضرة والبياض؟…لو أنها عمدت إلى فرض طلاء البيوت بالأبيض، والنوافذ بالأزرق، لصارت قطعة من مدن تلك الدول المتوسطية التي تجلب السياح: اليونان، قبرص، كريت…”.
يلغي الخيال موضوع الظاهرة المكانية وهندستها، ويحل محلها ديناميته الخاصة، ملغيا في مرحلة أخيرة السببية ليحل محلها “التسامي المحض”، فقد لا يغري التل أو العقبة باعتبارهما مكانا مسطحا أحدا بتناولهما، لكن ربيعة ريحان تنجح في تذويب هذا التسطح المكاني، مقاطعة هذا التل بأعماقه الواقعية والممكنة أيضا، في إطار انفتاح وجداني على حلم يشع ألوانا ودلالات، بدءا بالأبيض لون الفجر والبدايات، ما يجعله لونا يبعث على المتعة والجمال، مرورا بالأخضر لون الاستفاقة والحياة، تعود معه الأرض حاملة الأمل، خصبة ومرضعة، وأخيرا اللون الأزرق، أعمق الألوان، يدخل النظر دون أية عوائق، ويسرح فيه إلى ما لانهاية، فالبيئة الزرقاء تهدئ، وتمنح هروبا بعيدا عن الواقع، ما يجعله لونا للحلم بامتياز، تستشرف من خلاله الكاتبة فضاء سياحيا رحبا، يعمه التواصل والتفاعل الإيجابي بين مختلف الشعوب.
ولم تسدل الكاتبة الستار على الأمكنة التي احتضنت أحداث روايتها دون الوقوف عند كورنيش سيدي بوزيد، حيث ربطها تطور الأحداث وزمن الغروب، فالكورنيش هو الشرفة التي يستطيع الحال بها أن يمد بصره ويجول عالم البحر الواسع، مكان يتلاحم وزمن الغروب مشكلين لوحة فنية تتكسر أمواجها البعيدة لتبدو كرغوة بيضاء فوق سطح الماء الداكن، حيث يغطس قرص الشمس، باعثا نوعا من الارتياح في نفس الخالة أم هاني، ممهدا إياها لمرحلة البوح المسترسل بذكرياتها، تقول شيماء “بدأت أشعر أنني سأستأنف مسيرتي مع الخالة، التي جلست مستسلمة تتنهد بين الفينة والأخرى، ومنذ ذلك الحين، صارت تعرف أن شيئا غامضا ومريحا يمكن أن تجلبها لها تلك الجلسة”.
لم تكن تنهيدة أم هاني سوى مظهر من مظاهر سطوة المكان، الذي استطاع بخصوصياته الجغرافية من علو، وبعد عن صخب المدينة، وإطلالة على البحر، أن يكتسب اتساعا، يحوله إلى فضاء لا نهائي يمنح لمرتاديه الحرية والقدرة على الحركة، فتسارع الذات إلى التخلص من كل ما يثقل كاهلها، ويقض مضجعها، من أسرار وذكريات مؤلمة.
يغري كورنيش سيدي بوزيد الواقف في أعاليه، بجمالية علوه، واتساعه، وامتداد النظر في آفاق المحيط التي لا حدود لها، فيتحرر الزمن، وتتلاشى موضوعيته، كل ذلك بموازاة بياض أمواج البحر، وما يبعثه بياضها وسمفونيتها من متعة وجمال، تساهم إلى جانب ما سبق في تشكيل فضاء للتصالح الذاتي، والراحة النفسية.
وإذا كانت الرواية عملا تخييليا فنيا، فإن ذلك لا يمنعها من استحضار التاريخ في إطار مبدأ الحوار والتفاعل، إذ يظل مادة أساسا لفهم الحاضر، وهو في رواية “الخالة أم هاني” يُستحضر بشكل متعمد للدلالة على هوية مدينة آسفي المركبة، والتي تشكلت عبر طبقات مختلفة يتداخل فيها الديني، والاجتماعي، والثقافي…”مدينة عريقة في القدم، أسفي، اسمها في أمهات المعاجم، ياقوت الحموي، وابن بطوطة، وحضيت بامتيازات كثيرة وسفارات وقناصل، مرساها خصصت للتصدير في الزمن الغابر…عبرتها جاليات بلا حصر أو استقرت بها…القائد الإسلامي عقبة بن نافع دخلها بنفسه”، هكذا تشكل مدينة آسفي هويتها، لكنها بدل أن تصعد بخطى ثابتة إلى الأعلى ها هي تنزل إلى الأسفل، فلا يسع أبناءها إلا الأسف والحسرة، تقول الخالة أم هاني “آسفي كانت شيئا آخر يا شيماء، مدينة خالية من المشاكل والعيوب، نجوبها كلها في ساعة أو ساعتين، ولم يكن أحد يستطيع أن يفترض أن تنتهي هذه النهاية القبيحة”.
عبارات مشحونة بالحسرة على ماضي المدينة الزاهر، والتوجع على حاضرها الأليم، ما يفرض النهوض بأحوال المدينة، والاهتمام بأمكنتها، في إطار رؤية تستحضر جغرافية المكان، ومؤهلاته الطبيعية، ومورثه الديني والثقافي.
يتسلل التاريخ إلى عالم الرواية، بعدما غدا المكان فضاء مشحونا ومليئا بالأسئلة والتناقضات، تسلل توازيه دعوة مضمرة للاهتمام بالمدينة، التي تمتلك من المؤهلات ما يجعلها تنافس أجمل وأقوى مدن العالم، فلا غرابة إذن أن تحتفي ربيعة ريحان بمدينة آسفي متدراكة أدبيا ما قد يطاله النسيان اجتماعيا وسياسيا…
وأختم هذه الورقة باستنتاجين اثنين:
-الأول: أن الفعل السردي شكل في العمل الروائي “الخالة أم هاني” آلية واعية، حملت من التساؤلات، ما جانب القراءة الماتعة، قراءة مسائلة، حاولت بسط بعض مضمر العمل على مستوى بنيته المكانية.
-الثاني: أن رواية” الخالة أم هاني” تميزت بأدبيتها وطريقتها في تشكيل خطاب مدينة آسفي، بمظاهر احتفائه ولحظات حسرته على أمكنة شكلت ولاتزال جزءا لا يتجزأ من هوية المدينة وتاريخها العريق، متأرجحة على الصعيد السردي بين الكشف العاري عبر فعل الشهادة، والحلم الذي يُفعل الخيال الإبداعي، في إطار وصف مختزل انبنى على مبدأ الانتقاء وتفادي الاستغراق في التفاصيل، الذي من شأنه التأثير سلبا على الوظيفة التواصلية.

مراجع:

بحث ماستر، كلية الآداب والعلوم الإنسانية تطوان، 2020-2021.
2 جريدة العلم، ع24890، 19نونبر، 2020.
3 رواية “الخالة أم هاني”، ص:176.
4 الرواية، ص:177.
5 الرواية: ص213.
6 الرواية، ص:214.
7 الرواية، ص:160.
8 الرواية، ص:176.
9 الرواية، ص:228.
10 الرواية، ص:77-78.
11 الرواية، ص:228.
12 الرواية، ص:176.
13 الرواية، ص:174-175
14 جماليات المكان: غاستون باشلار، تر: غالب هلسا، ط2، المؤسسة الجامعة للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 1984، ص:10.
15 الألوان (دورها، تصنيفها، مصادرها، رمزيتها، ودلالتها): كلود عبيد، مر وتق د.محمد حمود، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 2013، ص:56-81- 82-92-93.
16 الرواية، ص:278.
17 الرواية، ص:80.
18 الرواية، ص:281.

 

 


الكاتب : بقلم: د.سناء السلاهمي

  

بتاريخ : 10/09/2021