يقضي اليوم أكثر من عشرين ألف مواطن أمريكي وأجنبي حياتهم في أحياء الإعدام بسجون مختلفة على امتداد الولايات المتحدة الأمريكية، ويمتاز النظام القضائي الأمريكي بهيئة المحلفين التي تكون في احيان كثيرة معرضة للخطأ وتحث تأثير الرأي العام في إصدار قراراتها في القضايا الخطيرة والتي غالبا ماتكون نتائجها الحكم بالإعدام، وغالبا ماتطول المدة التي يقضيها المحكوم بالإعدام في ممرات الموت قبل مراجعة الحكم أو تنفيذ الإعدام
واذا كانت الجريمة الموسومة بالإعدام تكتبي خطورة كبيرة ، فإنها تترك في الآن نفسه نذبا كبيرا في نفسية المتهم وعائلته ،كما عائلة الضحية ، مما يقود المدان في احيان كثيرة إلى ابداء علامات الندم بعد قضائه مدة طويلة أو عندما يتم تحويل عقوبة الإعدام إلى المؤبد مع عدم إمكانية الاستفادة من السراح المشروط لخطورة المدان على المجتمع وايضا لخطورة الجريمة ٠
الاتحاد الاشتراكي تسبر أغوار بعضا من هاته الجرائم وتسافر رفقة القارئ مع بعض من هؤلاء لتستمع إليهم وإلى عائلاتهم وعائلات الضحايا وأحيانا إلى الذين تركوا بصماتهم على ملفاتهم من المحققين والمدعين العامين والمحامين والمحللين النفسيين والاعلاميين
عندما شغل المعلم (سان انطونيو) جهاز التلفاز لسماع أخبار الصباح لم يكن ينتظر سماع خبر من نوع خاص، فقد أطلق المديع اسم (ليو ليتل) الذي لم يكن سوى أحد تلاميذته«لقد اندهشت بشدة وقلت ليس (ليو) لقد كان أحد تلاميذتي لم يبرز أي شيء بشأنه لقد كان مجرد صبي صغير وهادئ، ليس طفلا سيئا وليس بلطيف يقول انطونيو، ويضيف عندما تكون في مدرسة ثانوية، يمكن أن تشعر بالضياع تلك كانت مشكلة ليو كان فتى صغيرا وضائعا٠
في 23/01/1998 أطلق (ليو ليتل) رصاصة على (كريستوفر تشافيز) فأرداه قتيلا، كان (ليو) يومها شابا لم يتجاوز سنه 18 سنة، حيث كان قد ازدان في 14/07/1980في مدينة سان انطونيو في ولاية تكساس، كان والده هادئا لكن سكيرا في نفس الآن وفي سن التاسعة انفصل والداه وحصل طلاق رسمي، غياب الوالد عن المنزل خلق فراغا ملحوظا بالمنزل وقد انعكس ذلك عليه كشاب، إذ بوصوله سن المراهقة افتقر إلى الانضباط حتى أن الزمن أصبح عصيبا بالنسبة إليه إضافة إلى المشاكل التي كان يتسبب فيها في المدرسة، لقد كان دوما الفتى القصير والقزم ، أنها السخرية في أقصى تجلياتها، لكن (ليو) ظل ذاك الشاب الذي لا يتنازل عن حقه ، دائم التشاور مع رفاقه في المدرسة كما في الشارع، ودائم الغياب عن المدرسة أيضا، حيث بدأ يتعاطى للسرقات البسيطة في الشارع وبالمتاجر ومنها إلى التعاطي للمخدرات ٠
تعرف (ليو) في هذه اللحظات على أشخاص سيئين، يقضون معظم اوقاتهم في الشارع يدخنون الماريخوانا ويتسكعون في الشارع بدلا من الذهاب إلى المدرسة، لينتقل إلى الاهتمام بفرق الهيب هوب، وأمام كل هذا كانت والدته قد اهتدت إلى اقصر الطرق حيث تخلصت منه بارساله إلى بيت والده بجنوب سان انطونيو حيث الحقه والده بالمدرسة الريفية ، لحظتها التقى بالصدفة صديقه (روب) الذي كان يقطن المنطقة الشمالية عندما كان( ليو) يقطن رفقة والدته فانسجما على الفور٠
(روب) وصديق آخر جعل( ليو) جزء من عصابتهما التي كانت تدعى (كربس) والتي كانت مجرد اسم عصابة ليس إلا، إلا أن(ليو) كان سعيدا كونه جزء منها ، وكان يتباهى بذلك حتى يخشاه الناس إلى حد ما، تدخينه للمخدرات القوية قادته إلى البحث عن المال بكل الطرق، فقرر الخروج إلى الشارع لاعتراض سبيل المارة،رافقه في جولاته بالشارع صديقه (خوسي زافالا) الذي أصبح أيضا رفيقه في الجرائم، خرجا معا تلك الليلة يتجولان بالشارع وأثناء توقف (زفالا) بإحد مطاعم ماجي للدخول إلى المرحاض بقي (ليو) بالسيارة لحظتها نزل رجلا بحالة جيدة من سيارته ولم يغلق الأبواب استجمع (ليو) شجاعته وهي مسدسه وقرر أن يركب المقعد الخلفي لسيارته ، تاركا ورقة لرفيقه بالسيارة يخبره بالذي قرره، بعد دقائق عاد الرجل الانيق للسيارة، ففاجأه( ليو) في المقعد الخلفي، حيث كانت خطته اصطحابه إلى صراف آلي، لكنه لم يكن لديه حساب ائتماني، لذلك تجولا قليلا في السيارة إلى أن قال له إن كان في حاجة الى المال فإنه يوجد بمحفظة بالمقعد الخلفي للسيارة حيث عثر ليو على مبلغ 400 دولار تقريبا بها ، في تلك اللحظة كان يعتبر( ليو) أن الأمر انتهى وخطته كانت تقتصر على أن يسرق الرجل ويترك السيارة في الطريق السريع ويتخلص منه بانزاله منها ويتخلص من السيارة بعد ذلك ويفر عبر سيارته التي كان يتولى سياقتها (زافالا)، وفي لحظة كان مؤشر البنزين يفيد قرب نفاده، حيث اضطر الرجل إلى الانعراج نحو محطة البنزين، وبعد ذلك ساق الرجل الانيق السيارة إلى أبعد ماهو مخطط له، كان الجو باردا وطريق الريف مظلما الا من أضواء الطوارئ ، كان الأمر سهلا بالنسبة إلى (ليو) وهو أن يترك الرجل يعود راجلا إلى بلدته الا ان خلال جزء من الثانية، قرر فيه أن يرفع مسدسه، رغم أن رهينته كان راكعا على رجليه فقد ضغط على الزناد فيما كان (زافالا) يردد « ما الذي فعلته ؟»، فبدأ يساعده (زافالا) في سحب جثة الرجل إلى جانب الطريق٠ بعد يومين على ارتكابه هذا الفعل تم اعتقاله بعد أن اوشى به أحدهم إلى رجال الشرطة.
في يوم 05/03/1999 حكم على (ليو) بالإعدام لارتكابه جريمة قتل عمد واقتيد إلى جناح الإعدام ٠طوال فترة اعتقاله والتي تفوق العشرون سنة لم يمر يوم دون أن يفكر فيما فعله، أو فيما تراه عائلة القتيل (تشافيز)في فعله أو إلى ماذا ينظرون في هذه المرحلة، اعتقاد (ليو) بالمسيحية ومعتقداتها جعله حسب زعمه يتصالح مع لله، ويريد اليوم أن يتصالح مع الأشخاص الذين أصابهم اداه بشدة لأنه يعتبر ذلك أمرا جميلا معتقدا أن وقت ذلك قد حان ٠