بوح قاتل يكسر صمت حي الإعدام 15 -ديفيد لويس الطفل المدلل الذي اغتال الجارة من أجل سرقة بندقياتها

يقضي اليوم أكثر من عشرين ألف مواطن أمريكي وأجنبي حياتهم في أحياء الإعدام بسجون مختلفة على امتداد الولايات المتحدة الأمريكية، ويمتاز النظام القضائي الأمريكي بهيئة المحلفين التي تكون في احيان كثيرة معرضة للخطأ وتحث تأثير الرأي العام في إصدار قراراتها في القضايا الخطيرة والتي غالبا ماتكون نتائجها الحكم بالإعدام، وغالبا ماتطول المدة التي يقضيها المحكوم بالإعدام في ممرات الموت قبل مراجعة الحكم أو تنفيذ الإعدام
واذا كانت الجريمة الموسومة بالإعدام تكتبي خطورة كبيرة ، فإنها تترك في الآن نفسه نذبا كبيرا في نفسية المتهم وعائلته ،كما عائلة الضحية ، مما يقود المدان في احيان كثيرة إلى ابداء علامات الندم بعد قضائه مدة طويلة أو عندما يتم تحويل عقوبة الإعدام إلى المؤبد مع عدم إمكانية الاستفادة من السراح المشروط لخطورة المدان على المجتمع وايضا لخطورة الجريمة ٠
الاتحاد الاشتراكي تسبر أغوار بعضا من هاته الجرائم وتسافر رفقة القارئ مع بعض من هؤلاء لتستمع إليهم وإلى عائلاتهم وعائلات الضحايا وأحيانا إلى الذين تركوا بصماتهم على ملفاتهم من المحققين والمدعين العامين والمحامين والمحللين النفسيين والاعلاميين

 

لايعرف لويس أيهما الأسوأ، أن يتم إعدامك، أو أن تقضي بقية حياتك في السجن ، إنه الان يجلس وحيدا في طي النسيان ، فلايوجد امل بالنسبة إليه، فعندما يكون الإنسان مذنب عليه تقبل ذلك ٠
لويس يفتي للجميع أنه إذا فمرت في سلب أحد حياته عليك أن تفكر مليا قبل إقدامك على هذا الفعل ، ولأن المضي في هذا للفريق يحمل الكثير من الأسى، قد تظن أنك قوي عندما تكون قاتلا ، لكنك ما أنت سوى نكرة ليس إلا ٠
كانت الساعة تشير إلى الثامنة صباحا عندما توجه مأمور الشرطة إلى ويلز البلدة الصغيرة التي تشبه مئات البلدات والت لا يتعدى سكانها الالف ، كان جميع سكان بلدة ويلز يعرفون بعضهم البعض ، ولم تكن تعرف جرائم قتل حتى أعلن في ذلك اليوم عن وفاة ميرتل روبي التي تبلغ 74 سنة ولم يكن مطلق النار في عملية اقتحام منزلها سوى ديفيد لويس الذي قضى اليوم أكثر من ثلاثون سنة في ممر الإعدام ٠
ديفيد الذي مر من حياة مترددة بين السلبي والايجابي فقد تنقل كثيرا بين تكساس وشيكاغو مع والديه وازواج والدته، فعائلته لم تكن متماسكة وعاشت اضطرابات كثيرة، لذلك لم يحض لويس برعاية خاصة بل أعطيت له الحرية الكاملة لدى أصبح طفلا طائشا، يتصرف بسلوك غير مبال خاصة وأنه كان يشعر بأن لا أحد يهتم به لذلك كان يفعل مايريد٠كان يعيش حياة التشرد في الشوارع والطريقة الوحيدة التي يعيل بها نفسه هي السرقة، لأنه ببساطة لم يكن متعلما أو ذو مهارة حتى يتم تشغيله من طرف الغير ٠
في سن العشرين انتقل الى لوفكين، حيث كان مدمنا على الكحول والحشيش والفطر المهلوس، إلا أنه عندما تعاطى الماريخوانا أصبح اسيرا لها ، لقد ساعدته على الهروب من واقع الحياة ووضعه في حالة دهنية أخرى، إلا أنه انتقل مرة أخرى إلى احتساء الخمور وعندما كان يصل إلى الثمالة ، كان لايدري ماذا يفعل ، كان يرافق جماعة من الشبان وعندما يحتسون الخمر في ساعات متأخرة من الليل كانوا يقومون باي شيء، كالسرقة أو السطو أو اعتراض المارة من أجل العيش ٠
يوم الحادثة اقتنى الجعة من متجر القرية وبعدها ذهب ليصطاد في النهر وتناول الفطر إلى أن وصل حد الثمالة وعاد إلى المنزل لينتظر جده من أجل أن يرافقه في رحلة صيد بري وعندما تأخر حمل البندقية وتوجه وحيدا خلف منزل روبي ، فرأى النوافذ مفتوحة ليقفز إلى المنزل دخل إحدى غرفه حيث جمع البندقيات التي عثر عليها وحاول معرفة من يوجد في المنزل وماهي إلا لحظات حتى ظهر طيف روبي فرفع بندقيته وأطلق النار ، سمع صراحا فضرب صاحبه بماسورة البندقية ولما أضاء المكان كان مفاجأته أن المصاب جارتهم روبي ، ترك كل شيء بما فيه مفاتيح سيارته ،عاد إلى مقصورة جده حيث حضر لنفسه القهوة وأشعل سيجارة وماهي إلا لحظات حتى كانت الشرطة في عين المكان ، خاصة وأنها تتبعت أثار ارجل من منزل روبي إلى المقطورة ، وبمجرد أن رآه أحد المحققين اخبر زملاءه أنه عثر على الهدف ، تم اقتياده إلى مركز الشرطة ،وظل ينكر إلى أن اخبره المحققون أنه سيلصقون الأمر بجده ، لينهار بعد ذلك ويعترف انه من فعلها ولا علاقة لجده بالأمر ٠
ظن بداية الأمر أنه سيمضي أربعون سنة على الأكثر في السجن ، لكن عندما قابل المحامي أخبره أن الأمر يتعلق بجريمة عقوبتها الإعدام، حينها أصيب لويس بالصدمة لأنه لم يكن يفكر في عواقب ذلك ، ولم يسترجع شريطة جريمته الا عندما اغلقت خلفه الزنزانة ٠
عندما وضع على طابور الإعدام لم يكن مقتنعا بافكاره ولم يوجه حقا ما فعله الا سنة 2004 عندما شعر حقا بواقع الأمر، ليتقبل الأمر لوحده ، وعنها عرف سواء حكم بالإعدام، أو بالسجن الطويل الأمد فكلتا الحالتين كان يجب عليه تقبل الأمر، فليس هناك امل عندما تكون مذنبا
دفاع لويس أكد أنه طرح العديد من الأسئلة من قبيل هل ارتكب لويس جريمته عنىسبق وإصرار ؟ وهل يشكل خطرا على المجتمع مستقبلا ؟ ومسألة الكفة العقلية وقدرة المدعي عليه على فهم ما فعله ؟ خاصة وأنه يعاني من ضعف عقلي ، فكيف له أن يفهم ما قرأه عليه المدعي العام ويتنازل عن حقوقه ويعطي تصريح . لذلك كانت هناك حجة ٠على أنه لم يكن على دراية عقلية بما يقول وكان يدلي باعتراف يتنازل بموجبه عن جميع الحقوق ، لأجل ذلك كان الدفاع يطلب من هيئة المحلفين أن تنظر إلى هذا الملف بناء على افتقار موكله إلى الفهم بشكل عام لكي تمنحه المحكمة ظروف التخفيف وتحكم عليه بالسجن المؤبد ، بدلا من الإعدام ٠
لندا لويس والدة لويس أكدت أن ولدها ازداد سنة 1965بولادة عسيرة حيث لمةيتم إخراجه سوى بملقاط، مما أدى إلى ضرر في دماغه وعينه ولم يتم ادراك ذلك الا عندنا ذهب لويس إلى المدرسة سواء العمومية أو الخصوصية، حيث اجمع مدرسوه أن متخلف دراسيا ، حتى أن والدته كانت تحاول أن تمكنه من التعلم دون جدوى وقامت بإجراء اختبار على قدرته العقلية واكتشفت أنه كان يعاني من بعض المشاكل .وعندما كان يرتكب بعض التفاهات كان الجميع يعتبره وحش الا أن والدته تثبت عكس ذلك وتؤكد أنها تحبه وستظل كذلك ، ومهما بلغ من العمر سيظل مدللها ٠


الكاتب : مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 20/04/2023