احتجز جنود متمردون، أمس الاثنين 24 يناير 2022، رئيس بوركينا فاسو روك كابوري في معسكر للجيش، وفق مصادر متطابقة.
يأتي ذلك غداة يوم حام تخلله إطلاق نار وتمرد في عدة ثكنات وقواعد عسكرية في البلاد بالإضافة إلى مظاهرات لمدنيين داعمين للعسكريين المتمردين.
وقال مصدران أمنيان ودبلوماسي من غرب إفريقيا الاثنين إن جنودا متمردين احتجزوا رئيس بوركينا فاسو روك كابوري في معسكر للجيش بعد إطلاق نار كثيف على منزله مساء الأحد في العاصمة واغادوغو.
وطوال نهار الأحد، نُظمت مظاهرات دعما للعسكريين المتمردين. وقطع متظاهرون طرقا عدة في العاصمة، إلى أن فرقتهم الشرطة.
وأفاد سكان ومصادر عسكرية بسماع «إطلاق نار كثيف» بدأ منتصف الليل واستمر خلال النهار في عدد من الثكنات في واغادوغو، بما في ذلك القاعدة الجوية، وفي كايا وواهيغويا في شمال بوركينا.
وأشار سكان منطقة غونغين في غرب العاصمة واغادوغو لحصول إطلاق نار كثيف في معسكر سانغولي لاميزانا. وبعد ظهر الأحد، كان نحو 40 جنديًا موجودين أمام هذه الثكنة يُطلقون النار في الهواء قرب مئات الأشخاص الذين كانوا يحملون الأعلام الوطنية وقدِموا لدعمهم، وفق ما أفاد مراسل وكالة الأنباء الفرنسية.
وأغلق جنود محيط هذه الثكنة التابعة لسلاح الجو. في الأثناء، توقفت خدمة إنترنت الهواتف المحمولة صباح الأحد.
وفي تسجيل صوتي قال عسكري من ثكنة سانغولي لاميزانا، رافضا كشف اسمه، «نريد إمكانات متكيّفة مع مكافحة» الجهاديين و»عديدًا أكبر» وكذلك «استبدال» كبار الضباط في الجيش الوطني.
وطالب بـ»رعاية أفضل للجرحى» خلال الهجمات والمعارك مع الجهاديّين وكذلك لـ»عائلات الضحايا». ولم يطلب هذا العسكري رحيل رئيس بوركينا فاسو الذي يتّهمه قسم كبير من السكان بأنه «عاجز» عن التصدي للجماعات الجهادية.
وأكدت مصادر عسكرية أخرى هذه المطالب، فيما كانت محادثات جارية بعد ظهر الأحد بين ممثلين عن المتمردين ووزير الدفاع الجنرال بارثيليمي سيمبوريه، حسب مصدر حكومي.
وأطلقت الشرطة صباح الأحد الغاز المسيل للدموع لتفريق حوالي 100 شخص تجمعوا في ساحة وسط واغادوغو دعما لتحرّك الجنود، وفق مراسل وكالة الأنباء الفرنسية في الموقع. لاحقًا، أحرق مؤيدون للعسكريّين المتمردين مقر الحزب الحاكم في العاصمة قبل أن تُفرقهم الشرطة.
ومساء الأحد عاد الهدوء إلى شوارع واغادوغو وثكناتها، لكن السلطات فرضت حظرا للتجول في البلاد اعتبارا من الساعة 20,00 (بالتوقيتين المحلي والعالمي) اعتبارا من الأحد و»حتى إشعار آخر»، فيما أعلنت وزارة التربية الوطنية في بيان أنّ المدارس ستُغلق الاثنين والثلاثاء في كل أنحاء البلاد.
ويضم معسكر سانغولي لاميزانا سجنا عسكريا يقضي فيه الجنرال جلبير دياندير، المساعد المقرّب للرئيس المخلوع بليز كومباوري، عقوبة بالسجن 20 عامًا على خلفيّة محاولة انقلاب عام 2015.
كما أنّه يخضع للمحاكمة على خلفية دوره المحتمل في اغتيال الزعيم الثوري للبلاد توماس سانكارا عام 1987، خلال انقلاب أوصَل كومباوري إلى السلطة.
وفر كومباوري الذي أطاحته انتفاضة شعبيّة عام 2014، إلى ساحل العاج، وتجري محاكمته غيابيًا على خلفيّة الاغتيال.
وأكد وزير الدفاع الجنرال بارتيليمي سيمبور في تصريحات متلفزة أن «أيًا من مؤسسات الجمهورية لا يُواجه اضطرابات في الوقت الحالي»، مشيرا إلى حوادث «محلية ومحدودة في بضع ثكنات». وشدد على أن التحقيقات جارية.
مظاهرات غاضبة
تأتي هذه التحركات في الثكنات غداة مظاهرات جديدة غاضبة نظمها سكان احتجاجا على عجز السلطات عن مواجهة أعمال العنف التي يقوم بها جهاديون في بوركينا فاسو. ووقعت حوادث السبت في واغادوغو ومدن أخرى في البلاد، بين قوات الأمن ومتظاهرين تحدوا حظر التجمّع للاحتجاج على انعدام الأمن.
وأعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في بيان أنها «تتابع بقلق بالغ الأوضاع في بوركينا فاسو»، معربة عن «تضامنها مع الرئيس روش مارك كريستيان كابوري ومع حكومة وشعب» هذا البلد.
على غرار مالي والنيجر المجاورتين، دخلت بوركينا فاسو في دوامة عنف نُسبت إلى جماعات مسلحة جهادية تابعة للقاعدة وتنظيم «الدولة الإسلامية».
وتتكرّر الهجمات التي تستهدف مدنيّين وعسكريّين بشكل متزايد وتتركّز غالبيّتها في شمال وشرق البلاد.
وقتل حوالي 2000 شخص، فيما أجبر العنف الجهادي حوالي 1,5 مليون شخص على الفرار من منازلهم في السنوات الأخيرة، وفق وكالة الطوارئ الوطنية «كوناسور».
وتُعد بوركينا فاسو الواقعة في غرب إفريقيا والتي لا تُطل على أي مسطحات مائية، بين أفقر دول العالم، ولم تتمتّع بكثير من الاستقرار منذ استقلّت عن فرنسا عام 1960.