بوشعيب الطالعي يلج عالم النشر ب: «المسرح وأسس فن التمثيل المسرحي»

تعززت الخزانة الوطنية، وساحة النشر، بإصدار هام، رأى النور أخيرا، بقلم الكاتب والمخرج المسرحي، وقيدوم مدرسي التعليم الفني بالمغرب، الأستاذ بوشعيب الطالعي، الذي آثر أن يطلق على مولوده الورقي الأول، العنوان التالي: ” المسرح وأسس فن التمثيل المسرحي “.
صدر الكتاب في حلة جميلة، عن مطبعة بلال بفاس، بلغ عدد صفحاته 175 صفحة، من القطع المتوسط. وقد أنجز لوحة غلافه الأخاذة والمعبرة، كما صمم الغلاف ككل، الفنان المسرحي والتشكيلي حسن عين الحياة.
يعتبر بوشعيب الطالعي، مؤلفه هذا بمثابة، دليل مبسط لدارسي وهواة الفن المسرحي، والمهتمين به. ولبلوغ هذه الغاية، قسم مؤلف ومخرج مسرحية ” جحا في سوق المزاد ” ، ” المسرح وأسس فن التمثيل المسرحي” إلى خمس محاور، جاءت عناوينها كالاتي:
– مفهوم المسرح.
– تطور المسرح عبر العصور.
– التمثيل، تطور فن التمثيل المسرحي.
– أسس فن التمثيل المسرحي.
– مناهج التمثيل.

غنى وأهمية هذه المحاور، جاء عبر فصول بعناوينها الدقيقة، التي تخدم عبر تسلسل منطقي وفني، يعزز العنوان الأخير لكل محور. وفي مستهل المحور الأول، ومن بين التعاريف الكثيرة للمسرح. يشيد الطالعي ويتبنى ما خطه الدكتور شاكر عبد الحميد أثناء تقديمه لكتاب ” الأنا والآخر ازدواجية الفن التمثيلي”، للدكتور صالح سعد. وسبق لهذا الكتاب أن صدر في عدد 274 أكتوبر 2001 من سلسلة عالم المعرفة. من هذا التعريف نقتبس المقطع التالي: ” يختلف مفهوم المسرح، باختلاف التعاريف والمراجع، وإن أجمع بعضها على أنه شكل من أشكال التعبير عما يخالج الانسان، من مشاعر وأحاسيس وأفكار وإرهاصات. وظاهرة إبداعية فنية تتأسس على اللقاء المباشر- بين الممثل والمتفرج، بإبداع فني يعتمد فيه الممثل على جسده وصوته وحركاته وإيماءاته، مؤثثا بالمؤثرات التقنية، من إضاءة وصوت، بهدف خلق الفرجة والترفيه والاستمتاع. بما هو جمالي وفكري…”. عبر صور فوتوغرافية، وإن كانت ذات حجم صغير، يتعرف القارئ عبر هذا المؤلف الهام، على الاختلاف القائم في الشكل أوتصميم الخشبة، بين المسرح اليوناني، ونظيره الروماني، أو في بلاد الرافدين، أو في الحضارة الفرعونية، وكذلك في العصور الوسطى، أو عصر النهضة، وما بعده كذلك. وعبر صور أخرى، نتعرف على وجوه مجموعة هامة من رموز الحركة المسرحية، عالميا وعربيا ومحليا أيضا، معززة بنبذة موجزة، عن كل فنانة مسرحية أو فنان مسرحي منهم. توظيف الصور الفوتوغرافية، جاء كذلك مساهمة في توثيق مشاهد من مسرحيات فائقة الشهرة وذائعة الصيت منتمية لأقطار وبلدان مختلفة. الوضعيات المختلفة للممثل، بمفرده أو رفقة ممثلين آخرين، فوق الركح، حاضرة وموضحة ومبينة، عبر بعض الصور أيضا. تضاف إليها بعض الرسوم البيانية، بخط يد المؤلف، لبعض المواقف الإخراجية الأخرى.
صديقا ورفيقا بوشعيب الطالعي، في درب أب الفنون، المؤلف والمخرج المسرحي الدكتور أحمد أمل، والباحث والناقد المسرحي، الأستاذ سالم اكويندي، حاضران في هذا المؤلف، الأول منهما عبر المراجعة العلمية والأدبية لمضامينه، كما خط كلمة شاعرية، على ظهر الغلاف معتبرا هذا المؤلف ذخيرة ثرية شملت كل تجارب وبحوث المؤلف. وهو أيضا كتاب بيداغوجي، ضمنه مؤلفه معطيات قيمة عن تاريخ وفن التمثيل. فيما حضور الثاني عبر المقدمة الرصينة، التي خص بها هذا الإصدار والتي اعتبر في فقرة منها، أن الأستاذ بوشعيب الطالعي، عندما يبحث في هذا الموضوع، ويخص به كتابه هذا، فإنه يدخل في صلب المسرح وحقيقته من الباب الواسع، اعتبارا لكون المسرح فن إنساني بامتياز. وأن ما يعطي للمسرح وصفته تلك، إلا حضور الممثل وحضور جسده الذي يتباهى به.
الأستاذ والفنان بوشعيب الطالعي، مؤلف كتاب ” المسرح وأسس فن التمثيل المسرحي ” ، هو خريج قسم الفنون الدرامية، بالمعهد البلدي بالدار البيضاء. سبق واشتغل في مجال التأليف والإخراج والتشخيص والتكوين، ومختلف الخدمات الفنية. اشتغل أيضا كمساعد مخرج في حفل افتتاح الألعاب الفرنكوفونية في الدار البيضاء، سنة 1989. وبالمعهد البلدي ذاته الذي تخرج منه، متم موسم 1975، اشتغل كأستاذ بشعبة الفنون الدرامية، من 1980 إلى 2017. وبالقاعة حيث كان يدرس، تخرجت مجموعة من الوجوه التي تملأ الساحة الفنية الآن. من بينها على سبيل المثال لا الحصر، عائشة ماه ماه، حسن الفد، كمال كاظمي، نجوم الزوهرة، عزيز الحطاب، رفيق بوبكر.. وغيرهم كثير جدا. وجل أساتذة المسرح بمختلف معاهد الدار البيضاء، هم طلبة سابقين بقسمه. ويكفيني فخرا، أنا محرر هذه الورقة التعريفية المتواضعة، أنني أيضا من خريجي القاعة رقم 8. بكونسيرفاطوار شارع باريس بالدار البيضاء، بعد سبع سنوات دراسية. ولم أكتف بالتتلمذ على يد الأستاذ بوشعيب الطالعي، بل اشتغلت كممثل تحت إدارته في مجموعة من الأعمال المسرحية، ضمن فرقة أصدقاء المسرح بالمغرب.
إن كتاب ” المسرح وأسس فن التمثيل المسرحي” هو فعلا- كما أراد مؤلفه – دليل مبسط موجه لدارسي وهواة الفن المسرحي والمهتمين به.و من وجهة نظري، هو موجه أيضا لنساء ورجال التعليم، بمختلف أسلاكه. سيمكن الراغبين منهم في التوسع مع تلامذتهم، عندما تصادفهم في المقرر الدراسي، مادة لها ارتباط بشكل أو بآخر بالفن المسرحي. وهو مفيد خلال تنظيم ورشات بمؤسسات التعليم، وكذلك أثناء إخراج عمل مسرحي بها. سيلقى هذا الإصدار، الأدبي والفني الجميل، بكل تأكيد الاعتراف والترحاب المستحقين، بداية من قبل أهل الدرب المسرحي، العارفين أكثر من غيرهم أن مؤلفه قضى عمره متفرغا، لتدريس المسرح والاشتغال بالمسرح فقط. وإخراج هذا المولود إلى الوجود، جاء بعد سنوات من الاشتغال المضني، والتشاور، والبحث والتنقيب، عن المصادر والمراجع التي اعتمدها، والتي تجاوزت المائة، بأقلام فنانين ودارسين وازنين من كل أقطار المعمور.


الكاتب : عبد الحق السلموتي

  

بتاريخ : 23/07/2025