بينهم أطفال صغار : بني ملال.. مشردون ازدادت أوضاعهم قساوة تحت وطأة البرودة الشديدة

في ظل قساوة التقلبات المناخية الحالية، باتت العديد من شوارع وفضاءات مدينة بني ملال ومداراتها الطرقية تحتضن «حالات إنسانية» من الجنسين ومن مختلف الأعمار، تشكو العوز وتتوسل المساعدة. وضعية تطرح أكثر من سؤال بشأن تداعياتها القاتمة المتعددة الأوجه أمام غياب البدائل الناجعة؟
حالات تزداد قسوة في ساعات الليل الباردة من خلال أعداد الأطفال المشردين والمتخلى عنهم، والتي تشكل «غصة إنسانية» بالنسبة للمتتبعين لشؤون المواطنين بالمدينة ، حيث أنه كلما أسدل الليل ظلمته إلا ويعاين المرء أطفالا، ما بين 10 سنوات فما فوق ، يبحثون عن أماكن بها أركان وزوايا لممارسة عملية اختباء تسمح لهم بتجرع «الهيكون» أو «السيليسيون» المخضب بوسط أكياس بلاستيكية، وبالتالي الاحتماء حتى الثمالة من شدة البرد وقسوته. وتختلف الأماكن التي تأوي هؤلاء الأطفال الذين وجدوا أنفسهم بالشوارع بملامح بريئة غيرتها قسوة الحياة وغابت بالنسبة لهم الشمس واحتضنتهم برودة الأرض؟
بمدينة بني ملال وبأمكنة معلومة بشارع محمد الخامس، وبالقرب من مجمع الصناعة التقليدية وقبالة إحدى الوكالات البنكية ، توجد «محطة أطفال النسيان» وسط مناظر متناقضة، وبالقرب من إحدى المقاهي يحتمي هؤلاء قبل الانتقال إلى قبو لبناء غير مكتمل في آخر شارع العيون بحي الرشاد، حيث يختلط الأطفال واليافعون والكبار… في مشاهد تؤشر على أمور تنذر بالخطر، ضمنها ما قد يقع من استغلال، بل وحتى اغتصاب؟
إن المتتبع لا ينكر انخراط مؤسسات رسمية في برامج وخطط اجتماعية لرعاية هذه الفئات الاجتماعية الهشة ، ولكن ينبغي التنبيه إلى أن الاكراهات المتزايدة تجعل المقاربة المعتمدة غير كافية للحد من هذه» المعاناة الانسانية»، والتي يمكن اعتبارها من بين أحد أهم الأعطاب الاجتماعية والتنموية.
فمن غير المقبول أن يظل هؤلاء الأطفال و«البدون مأوى» يعيشون ظروفا قاسية في الوقت الذي كان من المفروض تعبئة الامكانيات المادية والادارية والمؤسساتية لتوفير أبسط شروط العيش والرعاية الصحية والتنشئة الاجتماعية وإعادة ادماجهم وفق خطة مدروسة وفاعلة، علما بأن إحداث مركب سوسيو – اجتماعي بحي المسيرة 2 لم يعد قادرا على استيعاب العدد الكبير لمثل هذه الحالات في ظل ازدياد حالات التشرد للعديد من الوافدين على المغرب من دول افريقيا جنوب الصحراء وكذا بفعل الهجرة من العالم القروي.
لقد أصبحت الحاجة ملحة إلى خطط واقعية تروم معالجة الظاهرة من جذورها، وذلك بتوفير بنيات استقبال منظمة واستراتيجيات استباقية، مع الرفع من الطاقة الاستيعابية لأماكن الايواء وتوفير الحماية والرعاية الاجتماعية، كما ينص على ذلك القانون المنظم، دون إغفال حث المسؤولين الاداريين المكلفين بهذه المؤسسات، على الحكامة الجيدة في تدبير شؤون هذا النوع من المرافق، عكس ما نراه على أرض الواقع، ووضعية دار الطالب والطالبة ببني ملال تعتبر نموذجا للارتجال التدبيري وما ينتح عنه من تداعيات لا تيسر أداء المرفق لأدواره الاجتماعية المنوطة به بالشكل السليم والقويم، انسجاما مع التوجهات الرسمية للبلاد في هذا المجال؟


الكاتب : حسن المرتادي

  

بتاريخ : 19/01/2021