بين التقاليد المغربية والرسائل الدبلوماسية.. كيف يرى العالم مناسبة عيد العرش المجيد؟

في كل سنة، يعيد المغرب احتفاله بعيد العرش، ليس كمجرد طقس ملكي فحسب، بل كرمز لاستمرارية سياسية وتلاحم اجتماعي يمتد أثره داخل الوطن وخارجه.
وفي عام 2025، وتزامناً مع تحديات إقليمية ودولية متسارعة، يكتسب عيد العرش أبعادًا جديدة، حيث يتجاوز الطابع الاحتفالي إلى منصة استراتيجية تبرز من خلالها مكانة المغرب المتزايدة في المحافل الدولية. يشكل هذا الاحتفال السنوي الذي يجمع بين طقوس تقليدية، الخطاب الملكي البارز، والتفاعل الشعبي الواسع، مرآة لفهم كيف ينظر المغتربون، الجاليات الأجنبية، والعواصم الكبرى إلى المملكة ودورها المتنامي.
**ارتباط المغتربين والمهجر بالمناسبة الملكية
لا يقتصر عيد العرش على التراب الوطني، بل يمتد صداه عبر أوساط المغاربة في الخارج، الذين يعتبرونه فرصة لاستعادة الروح الوطنية وتعزيز الانتماء بالمملكة المغربية.
يرى أحد المغتربين المغاربة (مقيم بفرنسا)، أن «عيد العرش رمز لاستمرارية ومسيرة تحديث مستمرة، ويمثل نقطة تماس تجمع بين مغاربة العالم ووطنهم». وعبر منصات التواصل، تشهد هذه المناسبة مشاركة مكثفة تجسد دعم المغتربين لوطنهم، رغم تحديات الاغتراب وإحساس الإشتياق إلى الوطن، اللذان لا يمنعونهم من مشاركة الفرحة مع ذويهم في المملكة.
**الجاليات المقيمة: تنوع ثقافي ووحدة في الاحتفال
تبرز الجاليات الإفريقية والفرنكوفونية المقيمة في المغرب كجزء فاعل من الاحتفالات، حيث تعكس مشاركتهم التنوع الثقافي للمملكة. في أحياء الدار البيضاء والرباط، تنظم فعاليات موسيقية وثقافية تمزج بين التراث المغربي وثقافات بلدانهم الأصلية، معبرة عن تقديرها للعلاقات الطيبة التي تربطهم بالمغرب.
تقول نادية من الكاميرون (في هذا الصدد): «نحتفل بعيد العرش كشركاء في هذا الوطن، فهو أمان وفرصة لنا جميعاً». كما تشارك السفارات والمؤسسات الدولية في دعم فعاليات الجاليات، مما يعكس اهتمام المغرب الدائم بتوطيد روابط التعاون والتعايش.
**منصة دبلوماسية لتعزيز العلاقات الدولية
يستغل المغرب هذه المناسبة السنوية، لإطلاق رسائل دبلوماسية واضحة في خطاب العرش، تعكس أولويات السياسة الخارجية وتعزز الشراكات الاقتصادية والأمنية.
يزداد (كل سنة) التركيز على القارة الإفريقية، حيث يمثل المغرب قوة فاعلة في المنظمات الإفريقية، مع توثيق العلاقات الاقتصادية والسياسية مع دول القارة. وفي الجانب الأوروبي والدولي، تؤكد الرسائل الملكية على أهمية التعاون في مجالات الأمن، مكافحة الإرهاب، والطاقة النظيفة، بما يتوافق مع التحولات الجيوسياسية والتحديات العالمية.
**النظرة الأجنبية إلى طقوس البيعة الملكية
يرى باحثون ومحللون دوليون أن مراسم البيعة السنوية والاحتفالات الملكية ليست تقاليد فقط، بل تمثل استمرارية سياسية حقيقية، وأن «البيعة تبرز التوافق الداخلي والشرعية المستمرة للنظام المغربي، وهي ميزة نادرة في منطقة مضطربة»، و أن «الملكية المغربية استطاعت خلق توازن بين التقاليد والحداثة، مما وفر استقرارًا نادرًا في شمال إفريقيا».
**استمرار الملكية: ضمانة استقرار نادرة في المنطقة
يرى كثير من الخبراء الدوليين أن «الملكية المغربية – التي يحتفل بها سنويًا بعيد العرش – تمثل أحد الأعمدة الأساسية لاستقرار المغرب، وهذا ما ينعكس إيجابًا على الاستقرار الإقليمي». وأن «القدرة الملكية على التكيف والقيادة الحكيمة توفر للمغرب موقعًا فريدًا بين دول المنطقة، حيث يواجه تحديات دون المساس بصلابة مؤسساته».
إن عيد العرش (سواء لسنة 2025 أو للسنوات القادمة) ليس مجرد احتفال سنوي، بل هو انعكاس لواقع مغربي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، بين التراث والحداثة، وبين السياسة الداخلية والدبلوماسية الدولية. إنه مناسبة تنعكس من خلالها رؤية المغرب كدولة مستقرة وقادرة على لعب دور مؤثر في المنطقة وعلى الساحة الدولية.


الكاتب : تـ: المقدمي المهدي

  

بتاريخ : 30/07/2025