يعتبر الاكتظاظ المروري علامة مميزة للدار البيضاء خصوصا في أوقات الذروة، وبشكل أكبر على مستوى الطرق الرئيسية التي تربطها بالمناطق المجاورة، وهو من أكبر التحديات التي تواجه العاصمة الاقتصادية، وفي إطار تحسين البنية التحتية وتخفيف الأعباء المرورية، أعلنت الشركة الوطنية للطرق السيارة في المغرب (ADM) عن مشاريع جديدة للقضاء على هذا الاكتظاظ، ويتعلق الأمر بتطوير تقاطع سيدي معروف، بالإضافة إلى تحسين جزء من الطريق السريع الرابط بين تبادل المحمدية-غرب وعين حرودة. هذه المشاريع تأتي في وقت تشهد فيه العاصمة الاقتصادية زيادة كبيرة في عدد السيارات، مما يعمق مشكلة الازدحام ويزيد من تعقيد حركة المرور.
يصل عدد المركبات بالدار البيضاء في بعض النقاط الحيوية مثل تلك الواقعة بين المحمدية-غرب وعين حرودة إلى 120,000 يوميًا مما يؤشر على كثافة مرورية غير مسبوقة، ويتسبب في ازدحام الطرق وتفاقم مشكلات التنقل، ما يؤثر على الأداء الاقتصادي والاجتماعي للمدينة. إضافة إلى ذلك، تظل وسائل النقل العام غير كافية ولا تلبي احتياجات المواطنين في ظل هذا الضغط، مما يضطر العديد من السكان إلى استخدام سياراتهم الخاصة.
للتصدي لهذه التحديات، خصصت(ADM)(الطرق السيارة بالمغرب )، حسب بلاغ للشركة، ميزانية تبلغ 1.1 مليار درهم لتحسين التقاطعات الطرقيّة، خاصة تلك التي تربط المدينة بالمناطق المجاورة. في حالة تقاطع سيدي معروف، سيتم تحويله إلى تقاطع هجيني بثلاثة مستويات، يدمج بين تصميمي ” trèfle ” ” turbine ” ما يسمح بتوسيع السعة المرورية وتفادي التداخلات الحالية.
في هذا السياق المرتبط بالتصاميم الهندسية للتقاطعات الطرقية: يشير مصطلح” trèfle ” إلى تقاطع النقل أو تقاطع البرسيم، وهو تصميم تقاطع دائري يتميز بأربع مداخل أومخارج تشبه أوراق نبات البرسيم. يستخدم عادة لتسهيل تدفق حركة المرور وتجنب الإشارات الضوئية.
فيما يشير”turbine” إلى تقاطع التوربين، وهو تصميم آخر للتقاطعات الطرقية يتميز بمسارات حلزونية أو لولبية تُوجَّه فيها المركبات بانسيابية لتجنب التداخلات والتوقفات، مما يسمح بحركة أكثر سلاسة وأمانًا.
كما سيشمل المشروع أيضا بناء 8 منشآت فنية وتوسيع الطريق السريع إلى خمس مسارات في كل اتجاه، مما سيسهم في تسهيل حركة المرور وكذا تسهيل الولوج إلى ملعب الدار البيضاء الكبير.
أما بالنسبة للطريق السريع بين تبادل محمدية-غرب وعين حرودة، فسيتم إنشاء حل يضمن فصل التدفقات المرورية من خلال مسارات إضافية تصل إلى 8 في كل اتجاه، إضافة إلى إنشاء تقاطع مرتفع لتسهيل عبور المركبات. هذه التعديلات تهدف إلى تقليل الضغط على هذه النقاط الحيوية التي تشهد حركة مرور كثيفة.
يُتوقع أن تؤدي هذه المشاريع إلى تحسين كبير في تدفق حركة المرور في المدينة وتخفيف الاكتظاظ الذي طالما كان يشكل عبئًا على سكان الدار البيضاء. مع بناء منشآت فنية متطورة وإنشاء تقاطعات مدمجة تضمن زيادة في سعة الطرق، من المرجح أن تتمكن هذه المشاريع من تحسين الكفاءة المرورية وتسهيل التنقل في المدينة.
ورغم أن هذه المشاريع تمثل خطوة إيجابية نحو حل مشاكل النقل في المدينة، إضافة إلى المشاريع التي استفادت منها الدار البيضاء سابقا في ميدان النقل ، مثل إنشاء خطوط “الترامواي” و “الباصواي” وتحديث حافلات النقل الحضري، إلا أن تحديات الاكتظاظ المستمر تبقى قائمة، حيث لا يزال عدد السيارات في تزايد مستمر، مما يجعل من الضروري أن تواكب هذه الحلول العمل على تطوير، بشكل أكبر، وسائل النقل العامة وتحفيز المواطنين على استخدامها. مع ما يعنيه ذلك من استثمارات أكبر في مجال تطوير شبكة النقل العمومي، بالإضافة إلى تعزيز الوعي بضرورة تقليص استخدام السيارات الخاصة.
إن إعادة تأهيل التقاطعات الحيوية في الدار البيضاء، مثل سيدي معروف وعين حرودة، تمثل خطوة هامة نحو تحسين البنية التحتية وتخفيف الضغط على حركة المرور. ومع ذلك، لا بد من التفكير في حلول إضافية على المدى البعيد، مثل تطوير النقل العام وتوسيع شبكة الطرق السيارة وتأهيلها لمواكبة النمو السكاني المتزايد وتحديات النقل في هذه المدينة المليونية، دون الحديث عن تسعيرة استعمال الطرق السيارة في المغرب التي تبقى مرتفعة مقارنة بمستوى دخل العديد من المواطنين إذ يدفع مستعملو الطرق السيارة رسوماً تختلف حسب المسافة والمركبة، وغالباً ما تُعتبر غير مبررة بالنظر إلى بعض الخدمات الناقصة، مما يضيف أعباء مالية إلى التكاليف الأخرى المرتبطة بالسيارة كأسعار البنزين وصيانة السيارات، أما إذا قورنت الطرق السيارة في المغرب بنظيراتها في بعض الدول، التي يوجد من بينها من لا تفرض رسوما على المواطنين لاستعمال الطريق السيار ، فإن التسعيرة تُعد مرتفعة نسبياً دون تقديم نفس جودة الخدمات.
كما يعاني السائقون من ضعف التواصل خصوصا إن وقع مشكل في العربة أو حادثة على الطريق السيار وفي حالات الطوارئ أو الشكاوى يجد السائقون صعوبة في الوصول إلى خدمات الدعم أو الاستجابة السريعة، كما لا يتم الإعلام عن وجود أشغال بالمقاطع التي تخضع للصيانة أو الاكتظاظ إضافة إلى تدهور بعضها ومعاناتها من التشققات مما يعرض مستعمليها للخطر، أما الأعطاب التقنية عند الأداء فحدث ولا حرج فبعض المستخدمين يعانون من مشاكل تقنية في محطات الأداء، خصوصا مستعملي “جواز”، مما يسبب تأخيراً وإزعاجاً.
رغم المشاريع المهمة التي تهدف إلى تحسين البنية التحتية، فإن الطريق لا يزال طويلا للوصول إلى الحلول المناسبة لتطوير النقل العام بالدار البيضاء والعمل على جودته مع إعادة النظر في تكاليف الاستخدام بالنسبة لمستعملي الطرق خصوصا مستعملي الطريق. الدار البيضاء، كأكبر مدينة اقتصادية في المغرب، تستحق استثمارات أوسع للتغلب على تحديات النقل وضمان راحة وسلامة سكانها وزوارها.
بين تحديات الاكتظاظ وارتفاع التسعيرة .. مشاريع جديدة لتحسين الطريق السيار بين سيدي معروف وعين حرودة
الكاتب : خديجة مشتري
بتاريخ : 04/12/2024