في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، كان غالبية العبيد من أصل إثيوبي. لم يقتصر وصف العبيد على السود فقط، بل شمل أيضا العبيد «البيض» المستوردين من الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية، وكذلك العبيد العرب الذين كانوا على الأرجح أسرى حرب وغالبا ما كان يتم إطلاق سراحهم مقابل فدية، وهي ممارسة مربحة بين البدو، يرى المؤرخ
«أبو الفرج الأصبهاني» (ت 967)، الذي قام بتأليف عمل متعدد الأجزاء عن الشعر والأغاني العربية، أنه: «في عصر ما قبل الإسلام، استعبد العرب أطفالهم المولودين من العبيد الإناث الذين خدموا الرغبات الجنسية لأسيادهم.
…وصف المؤرخ المغربي «محمد بن عذاري»(الذي عاش في النصف الثاني من القرن الثالث عشر، وكتب أحد أهم مصادر تاريخ شمال إفريقيا من الفتح العربي إلى سلالة الموحدين)، عملية “السبي» – أي اقتناء العبيد من المهزومين الذين أصبحوا أسرى، والذي كان شأنا من شؤون الدولة. بعد فتح مصر عام 641، شن العرب غارات على «النوبة»شملت الأرض والشعب جنوب مصر، والتي انتهت بتوقيع معاهدة مع النوبة عام 652من قبل حاكم مصر “أبو يحيى عبد الله بن سعد بن أبي السَرْح القرشي» (توفي 656-658).
بموجب هذه المعاهدة، كان على النوبيين تسليم 360عبدا سنويا للعرب، وهي عادة استمرت حتى ظهور المماليك في القرن الثالث عشر. في الواقع، يمكن ملاحظة ذلك في رسالة رسمية من والي مصر «موسى بن كعب بن عيينة التميمي»، أرسلت إلى ملك النوبة عام 758، يشكو من أن النوبيين فشلوا في احترام المعاهدة – من بين انتهاكات أخرى – من خلال إرسال عبيد مرضى. وجاء في الرسالة حول هذه المسألة: «أنت مسؤول عن [ميثاق البقط] لعدة سنوات، والذي لم تف به. أما ما أرسلتموه حسب معاهدة البقط، فقد أرسلتم ما لا خير فيه – الأعور، أو الأعرج، أو العجوز الضعيف، أو الصبي الصغير”، وهذه الرسالة هي تأكيد لاستمرارية المعاهدة. من غير المعروف عدد هؤلاء العبيد الذين انتهى بهم المطاف في الجيش، ولكن في وقت مبكر من القرن التاسع كان لدى الحاكم المصري “أبو العباس أحمد بن طولون» (المتوفى 884) 45ألف أسود في جيشه.
بالنسبة ل»عقبة بن نافع الفهري القرشي»، الذي تابع غزو المغرب العربي بأكمله، يزعم أنه أسس معسكرا للجيش يسمى “القيروان»في العام 670، وتمكن من360عبدا عندما غزا منطقة “فزان»عام 667 (الواقعة على طريق حاسم من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى البحر الأبيض المتوسط). في هذا الوقت، تشير المصادر العربية إلى زعيم بربري مشهور يدعى «كسيلة” (Kusaila؛ بالأمازيغية: ؛ “آكسل»وتعني بالأمازيغية “الفهد») الذي كون تحالف من القبائل البربرية في منطقة ما يعرف ب»الجزائر»اليوم، اعتنق الإسلام في عهد الحاكم الجديد التصالحي «أبو المهاجر دينار»(حكم من 674إلى 681). لكن عقبة، أعيد تعيينه حاكما للمغرب العربي بعد وفاة معاوية، مؤسس الدولة الأموية في دمشق. كان محاربا ومصمما على إخضاع البربر وإذلال قادتهم، وهو في الواقع، عامل كسايلة كأسير على الرغم من أنه اعتنق الإسلام.
أثرت وفرة الأسرى في سوق الرقيق، على أسعار العبيد في منطقة إفريقية (تونس). موسى بن نصير نفسه، الذي لعب دورا بالغ الأهمية في هذه المأساة الإنسانية، شهد انخفاض قيمة البشر في سوق الرقيق لدرجة أنه تم بيع رجل وزوجته وأطفاله مقابل خمسين درهما فقط. في الواقع، كما لاحظ «محمد الطالبي”: “لقد أبهر موسى بن نصير رؤساءه في الشرق بإمداده بالعبيد. تحت عصاه، كان العبيد هم الذين نفذوا الأعمال الضخمة اللازمة لبناء الترسانة في تونس، على غرار تلك الموجودة في صور».
هناك أدلة على أن بعض الأفارقة السود تم تجنيدهم في الجيش وشاركوا في غزو “أيبيريا» (ما أطلق عليه العرب اسم «الأندلس”) بقيادة “طارق بن زياد»عام 711نيابة عن موسى بن نصير. كان طارق نفسه من البربر، وله مكانة مماثلة لسلفه»كسيلة”: «مولى أو تابع لحاكم إفريقية موسى بن نصير”. كانت نية الحصول على العبيد – خاصة العبيد الإناث – جزءا من الفتح، وقد تم توضيح ذلك في خطاب طارق بن زياد لجنوده لدى وصولهم إلى إسبانيا، حيث كان السبي أحد الأهداف المحفزة لتحريض هؤلاء الجنود على القتال باسم الإسلام.
(يقول الكاتب) ذكر المؤرخ “أحمد المقري» (ت 1632) أن»طارق أعلن: «لقد سمعت أنه يوجد في هذا البلد عدد كبير من العذارى اليونانيات الجميلات بشكل ساحر، وأشكالهن الرشيقة ملفوفة بأثواب فخمة عليها لؤلؤ لامع ومرجان وأنقى ذهب، ويعشن في قصور الملوك […]. الثمرة الوحيدة التي يرغب [الحاكم الوليد بن عبد الملك] في الحصول عليها من شجاعتك هي أن تمجد كلمة الله في هذه البلاد، وأن يقوم الدين الحقيقي هنا،والغنائم ستكون لأنفسكم»…