في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، كان غالبية العبيد من أصل إثيوبي. لم يقتصر وصف العبيد على السود فقط، بل شمل أيضا العبيد «البيض» المستوردين من الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية، وكذلك العبيد العرب الذين كانوا على الأرجح أسرى حرب وغالبا ما كان يتم إطلاق سراحهم مقابل فدية، وهي ممارسة مربحة بين البدو، يرى المؤرخ
«أبو الفرج الأصبهاني» (ت 967)، الذي قام بتأليف عمل متعدد الأجزاء عن الشعر والأغاني العربية، أنه: «في عصر ما قبل الإسلام، استعبد العرب أطفالهم المولودين من العبيد الإناث الذين خدموا الرغبات الجنسية لأسيادهم.

*الفتح العربي والأفارقة السود(ح4)
…مع استمرار الفتح في جنوب المغرب، وفقا للمؤرخ “الرقيق القيرواني»: «داهم الحبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع»منطقة «سوس»ووصل إلى أرض السود، ويقال إنه جمع الكثير من الذهب والكثير من العبيد لدرجة أنه تسبب في فزع كبير بين السكان الأصليين”. وشدد “القيرواني»على تفضيل الجنسين بين الأسرى بقوله إن “الجنرال العربي حصل على نساء جميلات من قبائل مصفوفة البربرية”، دون أن ينسى ذكر بعض التفضيلات والتفاصيل الجنسية والجسدية لهؤلاء العبدات.
لم يمنع التحول إلى الإسلام الحكام العرب من السبي ومعاملة البربر كتابعين. أفاد مؤرخون مثل “الرقيق القيرواني»أن «حاكم المغرب الغربي، عمر بن عبد الله المرادي، أراد إخضاع البربر لضريبة قدرها خمس ممتلكاتهم على الرغم من تحولهم إلى الإسلام، مما أدى إلى تمرد البربر واغتياله حوالي عام 739”. في الواقع، ذكر ابن خلدون أن «البربر مروا بالعديد من الثورات احتجاجا على الفتوحات العربية”.
في أحد التقارير ، قال إنهم “ثاروا 12مرة وأنه في النهاية أصبح الإسلام راسخا بينهم فقط خلال حكم موسى بن نصير”. ومع ذلك، التزم العديد من البربر بالطائفة الدينية السياسية المعروفة باسم “الخريجية» لأن تعاليمها كانت متزمتة في مبادئها الأخلاقية ومتساوية في جاذبيتها السياسية، ومن خلال هذه الحركة عبر الخوارج البربر عن مقاومتهم للهيمنة السياسية للعرب وإساءة استخدامهم للسلطة، ونجحوا في تأسيس حكمهم الخاص تحت حكم “الرستاميد» (778-909)، بعد شكل من أشكال عقيدة الخوارج المعروفة باسم “الإباضية»في «طاهرت» (الجزائر الحديثة). ومن المفارقات، أن البربر الإباضيين شاركوا بشكل متزايد في تجارة الرقيق عبر الصحراء الكبرى، وهي وسيلة جديدة أخرى لجلب المستعبدين من غرب إفريقيا إلى الأسواق الغربية والشرقية للعالم الإسلامي.
وطوال الفتوحات الإسلامية – خلال السلالات الأموية والعباسية – وصل العبيد بأعداد كبيرة إلى أسواق الرقيق في مدن الشرق الأوسط المتنامية، لدرجة أن طبيبا من بغداد يدعى «ابن بطلان» (توفي عام 1066) كتب دليلا حول كيفية شراء العبيد وكيفية اكتشاف أي عيوب جسدية، وتقديم أدلة حول تصور ومعاملة وأدوار المستعبد من كلا الجنسين في المجتمعات الإسلامية. ولم يكن الدليل خاصا بشعب العراق، ولكنه كان موجها إلى جميع المجتمعات العربية أو الإسلامية المعربة. اعتمدت هذه المجتمعات بشكل كبير على عمل العبيد من الحقل إلى المنزل، كما كان لدى العديد من العائلات عبيد، حتى أن بعض العائلات الفقيرة يمكنها شراء عبد واحد على الأقل.
شعر “ابن بطلان»، الخبير في الطب وعلم الفراسة، بأنه مضطر لتقديم مجموعة مكتوبة من التوصيات لأي مشتر محتمل للعبيد، لتحذيرهم من المخططات التجارية وعمليات الاحتيال لتاجر الرقيق، والكشف عن الإمكانات الكاملة للأشخاص المستعبدين وفقا لأصولهم العرقية.
أنتجت الأعمال العدائية على حدود الأراضي الإسلامية، أسرى انتهى بهم المطاف في العبودية، حيث كان هؤلاء الأسرى من أعراق وبشرة مختلفة، غير أن دراسة الكاتب (بحسب قوله)تركز على السود. ابتداء من القرنين السابع والثامن، انخرط العديد من المسلمين القادمين من شمال إفريقيا في التجارة الصحراوية، على غرار “الإباضيين»الذين انتقلوا إلى الصحراء واستقروا في مراكز القوافل مثل «غدامس»و»أوداغوست”. أسس مسلمو شمال إفريقيا الذين تاجروا أو استقروا في الصحراء الغربية، رابطا ثقافيا وإنسانيا واقتصاديا بين شمال إفريقيا وغربها.
منذ البداية، كان العرب في وقت الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا، على دراية بذهب غرب إفريقيا، مما أدى إلى العديد من الحملات لمهاجمة غانا. ومع ذلك، باءت هذه المحاولات المبكرة لفرض السيطرة العربية على المحطة الجنوبية للتجارة عبر الصحراء الكبرى بالفشل. أنشأ المسلمون العرب والبربر، طرقا تجارية مع مملكة غانا القوية واستفادوا منها كثيرا. تأسست المراكز التجارية على الطرق الصحراوية مثل «سجلماسة»و»أوداغوست»وغيرها. كانت السلع الرئيسية التي ميزت التجارة الصحراوية هي «الملح»و»الخيول»و»المنسوجات»و»الذهب»و»العبيد”…