في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، كان غالبية العبيد من أصل إثيوبي. لم يقتصر وصف العبيد على السود فقط، بل شمل أيضا العبيد «البيض» المستوردين من الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية، وكذلك العبيد العرب الذين كانوا على الأرجح أسرى حرب وغالبا ما كان يتم إطلاق سراحهم مقابل فدية، وهي ممارسة مربحة بين البدو، يرى المؤرخ
«أبو الفرج الأصبهاني» (ت 967)، الذي قام بتأليف عمل متعدد الأجزاء عن الشعر والأغاني العربية، أنه: «في عصر ما قبل الإسلام، استعبد العرب أطفالهم المولودين من العبيد الإناث الذين خدموا الرغبات الجنسية لأسيادهم.
…كان انتشار الإسلام في غرب إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى نتيجة للتجارة وليس الغزو، على الرغم من وجود عدة محاولات من قبل القوات الإسلامية العربية البربرية لغزو المنطقة التي سماها العرب “السودان»، بهدف ذهبها. لم تنجح جميع هذه الهجمات، باستثناء “الغزو السعدي»في أواخر القرن السادس عشر. خلال القرن العاشر، حاول العديد من قادة صنهاجة توحيد البدو الرحل في الصحراء بغرض ضمان سيطرة أفضل على طرق التجارة عبر الصحراء وبناء جيش قوي لغزو السودان، ولكن لم يتمكن أي اتحاد من الاحتفاظ بالتفوق في الصحراء.
وكما قال الباحث الإسرائيلي في التاريخ الإفريقي والشرق الأدنى والدراسات الإسلامية والإفريقية “نحميا ليفتسيون”: «حتى في الصحراء، حيث خلقت طرق التجارة الهامة عبر الصحراء ظروفا مواتية لتطوير أشكال أكثر مركزية من التنظيم السياسي، كانت السلطة على صنهاجة فضفاضة ومرت بأزمات دورية». حتى الربع الثالث من القرن العاشر، سيطرت صنهاجة على مناجم الملح المهمة جدا في “أوليل»، واحتكرت تجارة الملح التي تمر عبر “أوداغوست»إلى “غانا”. كانت مدينة “أوداغوست»مركزا تجاريا مزدهرا يسكنه “صنهاجة»و»زناتة»والتجار العرب من شمال إفريقيا والسود في غرب إفريقيا. ذكر المؤرخ البكري (ت 1094):»كانوا يمتلكون ثروات كبيرة وعبيدا كثيرين، لدرجة أن شخصا واحدا منهم قد يمتلك ألف خادم أو أكثر»، كما قدم بعض التفاصيل عن ممارسة الرق في أوداغوست تتعلق في الغالب باسترقاق الإناث، وقال»إن هناك نساء سوداوات في السودان، طباخات جيدات، تباع إحداهن ب 100مثقال أو أكثر».
ذكر البكري أيضا، العبدات من البيض المرغوبات لجمالهن وغيره..، ووصفهن بأنهن “فتيات جميلات ببشرة بيضاء، قوام ممشوق، صدر جميل، خصر نحيف، أرداف ممتلئة، أكتاف عريضة، يمكن الاستمتاع بهن كما لو كن عذراوات إلى أجل غير مسمى». على أساس علم الفراسة، أوضح المؤلف أي منهن مناسب لأي دور في المجتمع، غير أنه لم يتم ذكر أصول وعرق هؤلاء النساء، لكنهن ربما كن إما بربريات أو من أصل مختلط. لم يكن الاختلاط مع النساء السود أمرا غير شائع في مجتمع صنهاجة الصحراوي متعدد الزوجات.
أوضح الجغرافي والمؤرخ العربي “ابن حوقل» (ت بعد عام 988) – الذي زار “سجلماسة»وربما “أوداغوست» وأول من وصل بالقرب من حدود السودان – في عمله الجغرافي صورة الأرض (أو المسالك والممالك)، أن “البشرة المختلفة، نتجت عن الاختلاط بين البربر ذوي البشرة الفاتحة والسود»، ومن قبائل كما “بنو تاناماك» (أو الطوارق) من “تادماكا»شمال “غاو»، والذين كانوا جزئيا من السود (من جهة الأم)». في المنطقة الصحراوية، لاحظ “ابن أبي ذر» (أبو ذر جُنْدَب بن جنادة الغفاري، توفي حوالي عام 1315في “فاس») أنه “على الرغم من أن الصنهاجة كانوا مسلمين، إلا أنهم مارسوا تعدد الزوجات بشكل غير المحدود، ومنهم رجال تزوجوا 6أو 7أو 10زوجات، أو أي عدد يرغبون فيه».
ترك العالم الأندلسي “أحمد بن عبد المؤمن الشريشي» (المتوفى 1162 – 1223) رواية تستند إلى معلومات من التجار الذين سافروا إلى “غانا»قال فيها إن “العديد من التجار من المغرب العربي الذين جاءوا إلى “غانا»اشتروا العبدات ليكن محظيات (..) لقد وهب لله الفتيات العبدات هناك خصائص جديرة بالثناء – جسدية ومعنوية – أكثر مما هو مرغوب فيه، ومنه: أجسادهن الناعمة، جلودهن السوداء اللامعة، عيونهن الجميلة، أنوفهن جيدة الشكل، أسنانهن البيضاء، ورائحتهن العطرة». كان “أبو بكر بن عمر»أحد قادة صنهاجة الأوائل من سلالة المرابطين (ثاني زعيم لحركة المرابطين بعد مقتل أخيه “يحيى بن عمر»عام 1056) – وأحد التلاميذ المخلصين ل»عبد الله بن ياسين»الزعيم الروحي ومؤسس حركة المرابطين – له زوجة سوداء وابنها “إبراهيم»كان أسود البشرة.
كان “يحيى بن إبراهيم»، الذي في رحلة عودته حوالي عام 1035من الحج، سعى إلى “عبد لله بن ياسين الجزولي» (عبد الله بن ياسين بن مكوك بن سير بن علي الجزولي، من منطقة سوس). قبل الجزولي دعوة إبراهيم للسفر معه لنشر المعتقدات والممارسات الإسلامية المالكية بين شعب صنهاجة، إلا انه ورد أن بن ياسين واجه العديد من الصعوبات في محاولاته الأولية لتطبيق التعاليم الأساسية للإسلام داخل مجتمع صنهاجة، حتى أنه فكر في التخلي عن مهمته.