في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، كان غالبية العبيد من أصل إثيوبي. لم يقتصر وصف العبيد على السود فقط، بل شمل أيضا العبيد «البيض» المستوردين من الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية، وكذلك العبيد العرب الذين كانوا على الأرجح أسرى حرب وغالبا ما كان يتم إطلاق سراحهم مقابل فدية، وهي ممارسة مربحة بين البدو، يرى المؤرخ
«أبو الفرج الأصبهاني» (ت 967)، الذي قام بتأليف عمل متعدد الأجزاء عن الشعر والأغاني العربية، أنه: «في عصر ما قبل الإسلام، استعبد العرب أطفالهم المولودين من العبيد الإناث الذين خدموا الرغبات الجنسية لأسيادهم.
…ووفقا للمؤرخ “ابن أبي زرع الفاسي» (726 – 1326): “كان يرغب في تركهم والتوجه إلى أرض السودان التي اعتنقت الإسلام». وفقا لهذا النص، ظهر الإسلام في السودان قبل ظهور حركة المرابطين وقبل التحول الكامل لشعب الصحراء إلى الإسلام، وتحت قيادة بن ياسين، نجح شعب صنهاجة في النهاية في تشكيل مجتمع سياسي..
في حين يمكن اعتبار تعاليم الإسلام القاعدة التنظيمية لدولة المرابطين، كانت العسكرية الإسلامية هي التي نجحت في توسيع مجتمع المرابطين في جميع أنحاء الصحراء الكبرى في القرن الحادي عشر، عندما سيطر المرابطون على الصحراء، سيطروا أيضا على شبكات التجارة عبر الصحراء الكبرى. عززت السيطرة على طرق التجارة خزانة المرابطين، والتي بدورها سمحت باستمرار دعم القوات والأسلحة وزيادة توسع المجتمع الإسلامي من خلال الجهاد. بعد توحيد شعب الصحراء أراد المرابطون توسيع اهتماماتهم السياسية إلى ما وراء الصحراء لذلك شنوا حربا ضد جيرانهم في الشمال (المغرب) والجنوب في السودان (غرب إفريقيا السوداء).
ضمنت حركة المرابطين، الأسلمة النهائية للبربر الصحراويين وأثرت بشكل كبير على منطقة الساحل الجنوبي في نشر الإسلام بين السود خارج «تكرور»، ليس فقط من خلال الأنشطة المسلحة المتفرقة ولكن الأهم من ذلك من خلال الاتصال والتجارة والتعليم والتزاوج، كما شهدت انتقال سلطة منطقة الساحل من حكام غانا إلى الحكام البربر المسلمين، إذ كانت «أوداغوست»في ذلك الوقت لا تزال خاضعة (اسميا) لحاكم غانا، ولكن في 1054-1055 شن بن ياسين هجوما عنيفا يفترض أنه عقاب ضد تحالف سكانها مع حاكم غانا.
أفاد البكري أن: «المرابطين انتهكوا النساء هناك (الحريم) وأعلنوا أن كل ما أخذوه هناك هو غنائم لهم». في عام 1058، قتل بن ياسين في معركة في جنوب المغرب، والتي حدثت بعد أن غزا منطقة سوس بأكملها (جنوب المغرب)، كما واصل أبو بكر غزو المغرب لكنه تلقى أخبارا عن الفتنة التي اندلعت بين “لمتونة» (لمثونة) و»مسوفة» (إمسوفا) في الصحراء، حيث غادر إلى الصحراء تاركا ابن عمه “يوسف بن تاشفين»حاكما على المغرب، والذي واصل غزوه الناجح للمغرب حتى «تلمسان» ومنطقة «الجزائر» (الجزائر اليوم).
في القرن الحادي عشر، كان المرابطون أول سلالة حاكمة في المغرب، تستخدم عددا كبيرا من العبيد السود في الجيش خلال العصر الإسلامي. ستعتمد العديد من السلالات المتعاقبة أيضا، على الجنود السود للحفاظ على سلطتهم. تشير المصادر الأرشيفية إلى استخدام السود في جيوش السلطة المغربية – وفي كثير من الحالات – كانت الحاميات بأكملها تتكون فقط من الجنود السود.
خلال فترة المرابطين، اشترى الحاكم «يوسف بن تاشفين» العديد من العبيد السود من أجل زيادة قوته الشخصية. كتب «ابن عذاري»: «..أعطاهم كل الجبال، وأخيرا كان لديه ما مجموعه 240فارسا، مدفوعي الثمن من أمواله الخاصة وحوالي 2000من العبيد، مما جعله منيعا ومن الصعب الوصول اليه وسلطته باتت مشمعة بقوة».
يمكن أن يكون تفضيل «يوسف بن تاشفين» للعبيد السود قائما على انتمائهم غير القبلي، مما يعني أنه يمكن الوثوق بولائهم بشكل أكبر. أصبح الحراس الشخصيون السود “تقليدا»في النظام المغربي، وشكلوا «فيلق النخبة»الذي كانت مهمته حماية وفرض سلطة السلطان.في ذلك الوقت، تم تقسيم إسبانيا إلى حوالي 20دويلة تعرف باسم «ملوك الطوائف» («ملوك الأحزاب»)، إلا أنها لم تتمكن – هذه الدويلات – من مقاومة الدول المسيحية الشمالية، خاصة بعد أن غزا «القشتاليون»مدينة «طليطلة» عام 1085.
خوفا من خطر الاستيعاب الكامل لجميع الدول الإسلامية، دعا الحاكم العباسي ل «إشبيلية»«أبو القاسم المعتمد على الله محمد بن عبَّاد»المرابطين لإنقاذهم. عبر جيش المرابطين بقيادة «بن تاشفين» منطقة «مضيق جبل طارق»عام 1086، مع توفير قوات إضافية من خلال تجارة الرقيق هزم المرابطون «ألفونسو السادس» ملك «قشتالة» في عام 1086في معركة «الزلاقة» الحاسمة (بالقرب من بطليوس).
تشير المصادر العربية، إلى أن 4آلاف جندي أسود شاركوا في هذه المعركة الشهيرة، كانوا مسلحين بالدروع والسيوف والرماح، ويزعم أن أحدهم طعن ألفونسو السادس بخنجر في فخذه أثناء المعركة. بحلول عام 1094، تم ضم إسبانيا المسلمة بأكملها إلى إمبراطورية المرابطين.
للتذكير، حكمت سلالة المرابطين كل المغرب وإسبانيا المسلمة والجزء الشرقي من الجزائر إلى عام 1147، حتى أطيح بهم من قبل «الموحدين»، وهي مجموعة بربرية عرقية أخرى.
أعربت قبائل «المصمودة» في جبال الأطلس عن استيائها من سلطة المرابطين المركزية في المغرب، وأقدموا على تحدي النظام خلال عام 1120من خلال الالتفاف حول «ابن تومرت».. أصبح أتباعه، المشار إليهم باسم «الموحدين» (يعرفون كذلك من خلال خطأ في النطق الإسباني). مع الإصلاحات التي قدمتها، ملأت الحركة الفراغ الذي خلفته إمبراطورية المرابطين المتدهورة. كان ابن تومرت متحمسا ومتشددا في تعاليمه، لدرجة أنه اعتدى ذات مرة على أخت الحاكم المرابطي “علي بن يوسف» (المتوفى 1143) في مراكش لعدم ارتدائها الحجاب في الأماكن العامة، ونتيجة لذلك تم نفيه من المدينة…