«كيف السبيل لتجنيب مئات العمال والعاملات، المرتبطة يومياتهم بمنتوج الزعفران، «ضربات» فيروس كورونا وتداعياتها الثقيلة؟»
إنه سؤال – من بين أسئلة أخرى – يطرح، هذه الأيام ، بحدة بمنطقة تالوين، بالنفوذ الترابي لإقليم تارودانت، وذلك بالنظر لحيوية هذه الزراعة بالنسبة للمعيش اليومي لغالبية الساكنة المحلية، كما هو شأن أبناء كل من «أسايس، تاسوسفي، سيدي احساين وأسكاون…» – على سبيل المثال فقط -، وهو ما يفسر تعدد اللقاءات التنسيقية بين مختلف الجهات المسؤولة والفعاليات المدنية المحلية، في أفق وضع الخطط الاستباقية الناجعة، تفاديا لأوخم العواقب . في هذا السياق انعقد، مؤخرا، لقاء تحسيسي حول «آليات تنزيل البروتوكول الصحي بالقطاعات الإنتاجية بقطب تالوين (القطب: مجموعة من الجماعات الترابية)، خاصة ما يتعلق بسلاسل إنتاج الزعفران، وبهذا الخصوص أفاد مصدر من عمالة الإقليم» بأن البرتوكولات الصحية، والتي تم إعدادها بتنسيق مع اللجنة الإقليمية لليقظة والتتبع الوبائي، بشراكة مع المندوبية الإقليمية للصحة ومصالح وزارة الفلاحة بالإقليم والفاعلين بالقطاع الفلاحي، تروم الوقاية من كوفيد – 19»، خاصة وأن الظرفية العصيبة الراهنة «تستوجب وضع حكامة صحية ووقائية ذات وقع، لتفادي كل التبعات السلبية، والتي من الممكن أن تخلق بؤرا وبائية يستعصي تداركها والوقوف ضدها»، لافتا إلى أن المنطقة «تشهد خلال، هذه الفترة من السنة، نشاطا متزايدا في القطاع الفلاحي، خاصة منتوج الزعفران الذي يشغل أزيد من 10 آلاف عامل، يشكل ضمنهم العنصر النسوي نسبة مهمة، مما يحتم مواكبة دائمة بفرض نظام وقائي واحترازي، من قبيل احترام نظام مربعات العمل لتفادي تجمعات العمال، واحترام التباعد الجسدي، وإلزامية ارتداء الكمامة، واستعمال وسائل التعقيم باستمرار».
إنه، إذن، «سباق ضد الساعة «ذاك الذي تعيش على إيقاعه منطقة تالوين ، هذه الأيام، في أفق تأمين حماية كافة المرتبطين بإنتاج ما بات يعرف بـ «الذهب الأحمر»، على اعتبار «أن جني زهرة الزعفران يتم بين منتصف أكتوبر ومنتصف نونبر، وتستغرق العملية مدة ساعتين أو ثلاث قبل تفتحه في الصباح الباكر، بعيدا عن حرارة الطقس، وذلك لتجنب الذبول الذي يحدث ساعات قليلة بعد تفتح الزهرة بمجرد تعرضها لأشعة الشمس».
وحسب إفادة بعض العارفين بخبايا هذا «المنتوج الاستثنائي «من أبناء المنطقة ، فإن «الزعفران الذي يتم جنيه عندما تكون الزهور متفتحة كليا، تصنف جودته من الدرجة الثانية، نظرا لضياع مذاق النبتة».
ويوصف «زعفران تالوين» بكونه من أجود أنواع الزعفران عالميا، ويتميز بـ «الشعر الأحمر الذي ليس في أطراف شعره صفرة، ومن أفضله الطري، الحسن اللون، الزكي الرائحة، الغليظ الشعرة». ويحتاج جمع زهوره إلى مراس وخبرة كبيرين، حيث يتطلب الحصول على غرام واحد من الزعفران الخالص والجاف حوالي 200 زهرة ، ويستوجب الحصول على 500 غرام زراعة ما لا يقل عن 70 ألف زهرة، والتي ينبغي أن تكون كلها صحيحة وصالحة.
مهمة شاقة، بالتأكيد، تعد النساء بمثابة عمودها الفقري، إذ تحتاج عملية جني المنتوج إلى دقة متناهية، تفرض الحرص على عدم إتلاف زهر البصلات الأخرى التي لم تتفتح بعد، وتؤخذ الزهرة من الأساس ما بين إبهام وسبابة اليد وتقطع بواسطة الأظافر، في المقابل يتكفل الرجال بعملية الزرع والسقي ومكافحة النباتات الطفيلية… ومهام أخرى متعددة الأوجه تؤشر على نموذج لافت لـ «عمل تعاوني» ذي مرجعية تاريخية عريقة.
تباشر العملية بين شهري أكتوبر و نونبر … سباق ضد الساعة بمنطقة تالوين من أجل «جني آمن» لـ «الذهب الأحمر» وحماية المرتبطين به من ضربات «كوفيد»
الكاتب : حميد بنواحمان