لم تقف تداعيات زلزال الحوز المدمر عند حدود الضحايا الذين فارقوا الحياة والمصابين الذي أصيبوا بجروح وكسور متفاوتة الخطورة، بل خلّف كذلك صدمات نفسية في صفوف ضحاياه، بعضها يصنّفها المختصون ضمن خانة «القصيرة»، حيث يرى الخبراء بأنها يمكن أن تكون عابرة في ظرف زمني وجيز، وأخرى طويلة المدى تتطلب متابعة طبية وعناية صحية لتجاوز آثارها.
وتمكن عدد من المختصين في الصحة النفسية من رصد مجموعة من الأعراض على سلوكات وتصرفات عدد من الناجين من زلزال الحوز، كما هو الحال بالنسبة لتلك المصنفة ضمن خانة القصيرة، ومنها ما يعرف بالصدمة النفسية قصيرة المدى، والتي تشمل الخوف والقلق الشديدين من احتمال تكرار الكارثة، فضلا عن اضطرابات النوم والكوابيس والهواجس والتهيج والعصبية وتغيرات مفاجئة في المزاج، أو حتى الشعور باللوم والذنب، خاصة إذا كان الشخص قد فقد كل أقاربه وبقي وحيدا. أما بالنسبة للضحايا الذين فقدوا منازلهم وأقاربهم، فقد تفاقمت هذه الأعراض لتتحول إلى أزمات نفسية طويلة المدى، مثل الاكتئاب وصعوبة التركيز في العمل والدراسة أو إيجاد صعوبة في تكوين العلاقات والتواصل مع الآخرين.
مظاهر الألم النفسي، تعددت في مختلف المناطق التي ضربها الزلزال، وكشفت عنها تعاليق وصور وتسجيلات تم توثيقها، تحدث فيها المتضررون، عن أنفسهم وأقاربهم، كما هو الشأن بالنسبة لـ «حسين»، وهو طفل يبلغ من العمر 13 سنة، من سكان دوار آسني بمراكش، إذ صرّح أحد أقربائه قائلا بأنه هو أيضا من المتضررين نفسيا جرّاء الزلزال، وكشف بأنه لم يعد يغادر «الخيمة»، بعد أن فقد منزله ووالديه. وأضاف المتحدث في تصريح إعلامي بأن الطفل لم يعد يذهب إلى المدرسة، وبأنه حزن كثيرا بسبب حلّ بأقاربه، مشددا على أنه لم يتحدث أو يتحرك أو يخرج». وتابع المتحدث قائلا» نرجو أن يتكلف أحد المختصين بهذا الطفل الذي لم يبق له أحد وحالته النفسية تزداد سوءا يوما بعد يوم».
هذا، واستجابة لنداء الضحايا وتفاعلا مع الفاجعة، فقد أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في وقت سابق عن تشكيلها لفرق متخصصة من الأطباء والمعالجين النفسيين والمتطوعين من ذوي الخبرة وكذا مرشدين اجتماعيين، وأرسلتها إلى المناطق المنكوبة والأكثر تضررا، وذلك لتقديم دعم نفسي للمتضررين ومحاولة مساعدتهم من أجل تجاوز الأزمة والمضي قدما، وهي نفس الخطوة التي أعلنت عنها فعاليات صحية مختصة في مجال الصحة النفسية على مستوى القطاع الخاص، حيث تم وضع أرقام هواتف مجموعة من الأخصائيين رهن إشارة جميع المتضررين والمتضررات من مختلف الأعمار، قصد الاستماع إليهم ومواكبتهم نفسيا.
صحفية متدربة