تراجع الإنتاج الفلاحي يشعل النار في قفة الفواكه والخضر

الحكومة لم تفعل التوجيهات الملكية «لإنصاف الفلاحين الصغار والتصدي الصارم للمضاربات.»

مزارع سايس والغرب والشمال لم تعد قادرة على تلبية كافة الطلب الوطني

الإنتاج الهزيل بمناطق الشرق والحوز وتادلة يعمق أزمة تموين الأسواق الداخلية

 

بدأت أزمة تراجع النشاط الفلاحي هذا العام تلقي بظلالها على المعيش اليومي للمغاربة، حيث أصبحت تكاليف قفة الفواكه والخضر واللحوم أغلى بكثير مما كانت عليه خلال الأعوام الماضية.
السبب يرجع طبعا إلى ضعف المحاصيل وقلة الإنتاج الناجم عن توالي سنوات الجفاف، وهو ما تؤكده بالأرقام تقارير المندوبية السامية للتخطيط التي نبهت أول أمس إلى تراجع القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 4,9% حسب التغير السنوي، مقارنة بزيادة قدرها 1,5% خلال نفس الفترة من العام السابق. ويعد هذا الأداء السلبي، الذي يرجع أساسا إلى آثار الجفاف الشديد على المحاصيل الرئيسية، جزءا من مرحلة من التقلبات المتزايدة التي أدت إلى انخفاض إمكانات النمو الزراعي منذ عام 2019 وشكلت محاصيل الحبوب والقطاني والزراعات العلفية الأكثر تضررًا فيها.
وبغض النظر عن المحاصيل الهزيلة التي سجلتها زراعة الحبوب هذا العام والتي عرفت تراجعا في إنتاج القمح بنسبة 44,4% والشعير بنسبة 51% (مقارنة مع الموسم الماضي الذي كان هو الآخر كارثيا بسبب الجفاف)، فإن باقي الزراعات ليست أفضل حالا في هذه الظروف العصيبة التي أثرت سلبا في إنتاجية الفواكه والخضروات بنقص هطول الأمطار، مع انخفاضات ملحوظة في مناطق الشرق والحوز وتادلة.
ونتيجة لهذا الوضع، فإن معظم الطلب الداخلي تتم تلبيته حاليا من خلال المنتوجات الفلاحية القادمة من مناطق سايس والغرب والشمال وهي طبعا غير كافية لسد الخصاص الذي خلفته المناطق المتضررة من الجفاف والتي كانت في الماضي تعد أكبر ماكينة لإنتاج الخضر والفواكه في البلاد.
ويتوقع المهنيون مزيدا من الغلاء خلال الأسابيع القادمة في أسواق الخضر والفواكه، حيث يظهر جليا أن العرض أدنى بكثير من الطلب، خصوصا حين يتعلق الأمر بالمنتوجات الفلاحية التي يكثر عليها الطلب خلال الصيف، كما هو شأن بعض الفواكه الطازجة التي يزداد سعرها كلما ارتفعت درجات الحرارة (فاكهة التين نموذجا).
ويغطي قطاع الخضر والفواكه حاليا مساحة تقارب 700 ألف هكتار، بما في ذلك 460 ألف هكتار من مزارع الفواكه (باستثناء أشجار الزيتون) و 240 ألف هكتار من المساحة المسقية المخصصة لزراعة الخضر. وخلال السنوات العادية، يبلغ متوسط الإنتاج الزراعي الإجمالي حوالي 11.5 مليون طن، بما في ذلك 4.2 مليون طن من الفواكه و7.3 مليون طن من الخضر. وفيما يخض الخضر والفواكه، وفي المواسم العادية تبلغ نسبة تغطية الإنتاج الوطني لحاجياته % 96، حيث يبدو أن الميزان التجاري لهذه المنتجات يشهد فائضا ملحوظا بفضل التطور الكبير للصادرات.
غير أن مجلس المنافسة كان في آخر تقرير أنجزه حول القطاع على شكل “رأي” قد نبه إلى أن المنتجين والمستهلكين النهائيين يعانون من اختلالات مرتبطة بكيفية اشتغال أسواق إنتاج وتسويق الخضر والفواكه، ومن هنا جاء النداء الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس، في خطابه بتاريخ 12 أكتوبر 2018 أمام البرلمان من أجل التفكير في أفضل السبل لضمان عائد عادل لصغار الفلاحين، مع التركيز على تحسين تسويق منتجاتهم والتصدي الصارم للمضاربات وتعدد الوسطاء بشكل فعال: “كما يتعين التفكر في أفضل السبل لإنصاف الفلاحين الصغار، خاصة في ما يتعلق بتسويق منتوجاتهم والتصدي الصارم للمضاربات وتعدد الوسطاء.” إلا أن الحكومة، إلى حدود الساعة، لم تبذل أي مجهود لتنزيل هذه الإرادة الملكية على أرض الواقع، حيث مازال المضاربون والوسطاء يبسطون سيطرتهم على أسواق الخضر والفواكه ويحددون الأسعار التي غالبا ما تكون بعيدة عن ثمن المنتوج عند خروجه من المزرعة، ويزداد جشع الوسطاء في مثل هذه الظروف حين يكون المعروض هزيلا والطلب قويا.

 


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 10/07/2024