تراشق بين الوزير السكوري ومكتب التكوين المهني بسبب منح 20 ألف طالب

تعثر برامج استراتيجية لأزيد من سنة والحكومة في حالة فرجة

 

 

يبدو أن ما كان يُسوَّق على أنه «حكومة الكفاءات» لم يعد يقنع حتى أنصارها، بعدما امتدّ الفشل هذه المرة إلى قطاع حيوي يهم آلاف الشباب المغاربة في معاهد التكوين المهني. فقد تفجّر نزاع حاد بين مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل ووزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، بسبب ما وصفه الوزير يونس السكوري بـ»الإخفاق الإداري والمالي» في تدبير منح 20 ألف متدرب، وهو تصريح غير مسبوق في حدّته، يكشف عمق التوتر داخل الجهاز الحكومي نفسه.
الوزير السكوري، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، أعلن صراحة عن انتزاع مهمة تدبير المنح من مكتب التكوين المهني وإسنادها إلى وزارته، بدعوى كثرة الشكايات وتأخر صرفها، مبرراً القرار بكونه “إصلاحاً إدارياً عميقاً” لضمان النجاعة والشفافية. غير أن المكتب ردّ بسرعة عبر بلاغ مطوّل، أكد فيه أن الاتهامات «غير دقيقة ولا تعكس الواقع»، مشيراً إلى أنه ظلّ يشتغل «بكامل الشفافية والمسؤولية» منذ سنة 2017، في إطار اتفاق رسمي مع الوزارة نفسها.
البلاغ، الذي حمل نبرة دفاعية واضحة، كشف أن المكتب صرف ما مجموعه 968 مليون درهم من المنح خلال الفترة 2017-2025، ساهم منها بما يقارب 296 مليون درهم من موارده الذاتية، أي ما يعادل 30 في المائة من الغلاف المالي الإجمالي، وذلك بسبب تأخر التحويلات المالية من الجهة الممولة وتعثر المصادقة على لوائح المستفيدين. كما أشار إلى أن المكتب واجه فجوة تمويلية خطيرة بين سنتي 2018 و2022 دون أي تحويل مالي من الوزارة، مما اضطره لتغطية العجز من ميزانيته الخاصة.
لكن خلف الأرقام والبلاغات، تكشف القضية عن ارتباك إداري حاد داخل الحكومة نفسها، إذ يتحول خلاف إداري إلى مواجهة علنية بين مؤسسة عمومية ووزارة وصية، في سابقة تعكس فقدان التنسيق داخل الفريق الحكومي. فبينما يصر المكتب على أنه ضحية تأخر الاعتمادات ومصادقة الوزارة، يُصر الوزير على تحميل المكتب كامل المسؤولية، في مشهد يعكس انقساماً داخل نفس اللون الحزبي وداخل القطاع الواحد.
المثير أكثر أن هذا الجدل يأتي في وقت تتأخر فيه مشاريع استراتيجية كبرى، مثل “خارطة الطريق لتطوير التكوين المهني” و“برنامج مدن المهن والكفاءات”، الذي عرف توقفاً دام أكثر من 14 شهراً بسبب غياب لجنة القيادة، ولم يُستأنف إلا بترخيص مالي استثنائي.
ما يجري اليوم يوضح أن حكومة “الكفاءات” التي وعدت بالإصلاح والفعالية، فشلت حتى في ضمان صرف منح بسيطة لمتدربين ينتظرون دعماً شهرياً لا يتجاوز بضع مئات من الدراهم، بينما تتراشق مؤسساتها بالبيانات والاتهامات. وهو مشهد يُلخّص حال الإدارة المغربية حين تتحول الكفاءة إلى شعار انتخابي، وحين يغيب التنسيق وتضيع المسؤولية بين مؤسسات يفترض أنها تعمل تحت سلطة تنفيذية واحدة.


الكاتب : مكتب الرباط محمد الطالبي

  

بتاريخ : 10/11/2025