تزامنا مع شراسة «الحرب» المتواصلة ضد تفشي كورونا : «التهور الطرقي» يعاود الاستفحال مزهقا أرواح أبرياء ورافعا أعداد الراقدين في غرف الإنعاش ؟

في ظل الانشغال بمستجدات «الحرب» المتواصلة ضد تفشي فيروس كورونا وما تخلفه من تداعيات ثقيلة على أكثر من صعيد، طفت على السطح ، من جديد ، معطيات رقمية تحمل في طياتها كل دواعي التشاؤم والقلق، تهم «حربا « أخرى عادت «دمويتها» إلى الارتفاع بعد «تراجع» ملحوظ خلال شهور فترة الحجر الصحي؟
إنها «حرب الطرق» التي سجلت خلال أسبوعين فقط – بين 23 غشت و5 شتنبر 2021 – حوادث مميتة اهتزت على وقعها المحزن عشرات الأسر في أكثر من منطقة. كيف لا و 39 شخصا، من مختلف الأعمار، لفظوا أنفاسهم الأخيرة على قارعة الطريق، في وقت وصفت إصابة 150 آخرين ب « البليغة « التي تحتاج إلى «تدخل علاجي دقيق ومتواصل» لإخراج المصاب من دائرة «الخطر» المفتوح على كل الاحتمالات.
وضعية يقف المنشغل بـ «قضايا المجتمع» على أسبابها المفصلة في بلاغات المديرية العامة للأمن الوطني، الصادرة كل أسبوع، والمتمثلة أساسا في «عدم انتباه السائقين، والسرعة المفرطة، وعدم احترام حق الأسبقية، وعدم انتباه الراجلين، وعدم ترك مسافة الأمان، وتغيير الاتجاه بدون إشارة، وعدم التحكم، وتغيير الاتجاه غير المسموح به، وعدم احترام الوقوف المفروض بعلامة قف، والسير في يسار الطريق، وعدم احترام الوقوف المفروض بضوء التشوير الأحمر، والسياقة في حالة سكر، والتجاوز المعيب، والسير في الاتجاه الممنوع..»، كما أوضح بلاغ حصيلة الأسبوع الممتد من 30 غشت المنصرم إلى 5 شتنبر الجاري، لافتا إلى أن «عمليات مراقبة السير والزجر داخل المناطق الحضرية « مكنت « من تسجيل 40 ألفا و71 مخالفة، وإنجاز 6458 محضرا أحيلت على النيابة العامة، واستخلاص 33 ألفا و613 غرامة صلحية»، و«بلغ عدد العربات الموضوعة بالمحجز البلدي 4270 عربة، وعدد الوثائق المسحوبة 6458 وثيقة، وعدد المركبات التي خضعت للتوقيف 266 مركبة». وبشأن «حصاد «عمليات المراقبة خلال الأسبوع الأخير من شهر غشت المنصرم – من 23 إلى 29 منه – فقد تم» تسجيل 36 ألفا و758مخالفة، وإنجاز 5222 محضرا أحيلت على النيابة العامة، واستخلاص 31 ألفا و536 غرامة صلحية. فيما بلغ عدد العربات الموضوعة بالمحجز البلدي 3403 عربات، وعدد الوثائق المسحوبة 5222 وثيقة، وعدد المركبات التي خضعت للتوقيف 115 مركبة».
معطيات مقلقة، للأسف، ليست بالأمر الجديد الذي يكشف عن قتامته لأول مرة، بالنظر لـ «نداءات» التنبيه والتحذير الصادرة عن مختلف الجهات المسؤولة ، منذ أكثر من عقد من الزمن ، بإسناد واعد من قبل جمعيات مدنية تشارك بحيوية في حملات التحسيس والتوعية، سواء بمناسبة تخليد
اليوم الوطني للسلامة الطرقية، الذي يصادف يوم 18 فبراير من كل سنة، أوغيرها، تدفع إلى طرح أكثر من تساؤل محير، من بينها : إلى متى يستمر هذا النزيف بفواتيره الثقيلة المتعددة الأوجه، علما بأن الأطر الطبية والشبه الطبية، على امتداد مختلف مستشفيات البلاد، المجندة ضد فيروس كورونا، ليست في حاجة لمن يزيدها إنهاكا واستنزافا بسبب مسلكياته المتهورة غير المسؤولة؟
هي إذن ، معطيات، غير مطمئنة تؤشر على أن كسب رهان الاستراتيجية الوطنية الجديدة للسلامة الطرقية للفترة 2016-2025، المحدد في السعي إلى «تقليص عدد الوفيات على الطرق بنسبة 50 في المائة في أفق عام 2025»، لن يكون بالأمر الهين ويستوجب المزيد من التعاطي الصارم مع المتهورين الذين بات البعض منهم يعتبر تصرفاته الطرقية المعيبة مدعاة للتباهي والتفاخر؟


الكاتب : حميد بنواحمان

  

بتاريخ : 13/09/2021