تزامنا وتخليد اليوم العالمي لسلامة المرضى .. التعثر في التشخيص وتأخر العلاج يتسببان في تبعات صحية وخيمة تهدد سلامة المرضى

 

أكد عبد الإله السايسي، رئيس الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش في تصريح لـ “الاتحاد الاشتراكي” أن التشخيص السليم للوضعية الصحية للمريض يضمن سلامته ويجنّبه الكثير من المضاعفات الوخيمة ويقلل من الكلفة المادية في مسار العلاج. وشدّد الفاعل الصحي بمناسبة تخليد اليوم العالمي لسلامة المرضى، والذي اختارت له منظمة الصحة العالمية خلال هذه السنة شعار “أحسنوا التشخيص .. حافظوا على السلامة”، على أن التشخيص المضبوط والدقيق المتّسم بالفعالية يحدد المشكلة الصحية للمريض، ويعتبر مفتاح الحصول على ما يحتاجه من رعاية وعلاج.
وأبرز السايسي في تصريحه للجريدة أن الحديث عن التشخيص يحيل بالضرورة على موضوع يعتبر العماد الرئيسي للعلاج والرعاية، ويتعلق الأمر بعلوم التمريض وتقنيات الصحة في كل مراحل ومسار العلاج، خاصة ما يتعلق بمعيار القرب والتواصل الدائم مع المرضى في أول المراحل من طرف الممرضين والقابلات وتقني الصحة، من التحسيس والوقاية والكشف إلى التشخيص والمتابعة والمراقبة، بالإضافة إلى تشخيص التغييرات أتناء فترات الرعاية وتقييمها بكل كفاءة وجودة، وهو ما يسمح حسب المتحدث، بتأمين معلومات صحيحة وسليمة مبنية على معارف تضمن مباشرة سلامة التشخيص والمريض، مبرزا أن الخطأ التشخيصي معناه الفشل في التوصل إلى تفسير صحيح للمشكلة الصحية للمريض في الوقت المناسب، والناتج عن معلومات خاطئة، مشيرا إلى أن هذا الأمر يمكن أن يشمل التشخيصات المتأخرة أو غير الصحيحة أو الفائتة، أو الفشل في إبلاغ المريض بالتفسير التشخيصي.
وأوضح رئيس الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش بأنه يمكن تحسين السلامة التشخيصية بشكل كبير من خلال معالجة المشكلات البنيوية والعوامل المعرفية التي يمكن أن تؤدي إلى أخطاء تشخيصية، مشيرا إلى أن المقصود بالعوامل البنيوية نقاط الضعف التنظيمية التي تمهد لحدوث الأخطاء التشخيصية، بما في ذلك إخفاقات التواصل بين العاملين الصحيين أو العاملين الصحيين والمرضى، وأعباء العمل الثقيلة، وعدم فعالية العمل الجماعي. وأبرز السايسي أن العوامل المعرفية تشمل تدريب الممرضين وتطوير خبرتهم، بالإضافة إلى النزوع للتحيّز والتعب والإجهاد.
ونبّه السايسي إلى خطورة غياب أجهزة الرقابة والتتبع، خصوصا غياب هيئة وطنية للممرضين تحدد الممارس وشروط ضبط صفة ممرض، لأن في ذلك حماية أولية للمريض وضمانا لسلامته، إلى جانب أن هذه الخطوة تساهم في الحدّ من ظاهرة انتحال الصفة والممارسة غير القانونية، وتؤهل العلوم التمريضية بالتكوين والتكوين المستمر والتوصيات العلمية والمعرفية الضرورية، وكذا تطوير المعارف بالبحث العلمي والعلاجات المتقدمة، علما بأنه لا يمكن وبأي شكل من الأشكال، يضيف المتحدث، إهمال إخراج هيئة وطنية للممرضين ونحن على مشارف إصلاح جذري للمنظومة الصحية، في ظل قصور الترسانة القانونية والتنظيمية وغياب مراسيم تطبيقية تحدد مهام كل أطر الممرضين وتقني الصحة، خصوصا مع الخصاص الحاد، وسوء توزيع الموارد البشرية في الجهات النائية، مما يؤثر سلبا على سلامة المرضى وعلى جودة العلاجات المقدمة إليهم .
وشدد السايسي على أن المناسبة اليوم هي ضرورة وجب معها تنزيل كل التوصيات على أرض الواقع بشكل مستعجل وحيوي، وعلى رأسها الهيئة الوطنية أو الهيئات من أجل الحكامة الجدية للممارسة ولحماية المريض والممرض على حد سواء، وإصدار المصنف للمهن والكفاءات، وتوضيح المهام بمراسيم واضحة وقوانين مؤطرة لكل التخصصات المقصية التي تعتبر أول مركز الولوج للصحة للمواطن. وأكد الفاعل الصحي على ضرورة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتشجيع الفاعلين المعنيين على تطوير مشاريع بحثية مبتكرة، وإنجاز برامج علمية متخصصة في المجالات الصحية لإعطاء الأولوية لمأمونية التشخيص، واعتماد نهج متعدد الأوجه لتعزيز النظم، وتصميم مسارات تشخيصية مأمونة، وتنزيل مواد القانون إطار 06.22 الذي يحث ويشدد على إحداث نظام الاعتماد للمؤسسات الصحية لضمان التحسين المستمر لجودة وسلامة العلاجات في المادة 31، موضحا بأن هذا النظام يهدف إلى إنجاز تقييم مستقل لجودة خدمات المؤسسات الصحية أو إن اقتضى الأمر الخدمات المقدمة من طرف مصلحة أو عدة مصالح تابعة لهذه المؤسسات، على أساس مؤشرات ومعايير ومرجعيات وطنية يتم تحديدها من قبل الهيئة العليا للصحة، المنصوص عليها في المادة 32 بعده، إلى جانب اعتماد مسار علاج واضح وشفاف وموحد في كل مراحله من الولوج و التشخيص.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 19/09/2024