تشريعات.. مقترح قانون للمعارضة الاتحادية حول وضعية الموظف العمومي 

 

تقدم البرلمانينان عبد القادر الطاهر وسعيد بعزيز وباقي أعضاء الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، بمقترح قانون لأجل تجويد  وضعية الموظف العمومي وحمايته. وقد جاء في تقديم المقترح:
«حيث  أن التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لا مركزي، يقوم على الجهوية المتقدمة، وتبعا لما تنص عليه  الفقرة الأخيرة من الفصل  145 من الدستور، من أن «يقوم الولاة والعمال، تحت سلطة الوزراء المعنيين، بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية، ويسهرون على حسن سيرها»، وكذا ما تضمنته العديد من القوانين التنظيمية (القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية نموذجا)، والقوانين، والنصوص التنظيمية، أبرزها مرسوم رقم 2.17.618 صادر في 18 من ربيع الآخر 1440 (26 ديسمبر 2018) بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري، الذي حدد أهداف ومبادئ اللاتمركز الإداري، وآليات تفعيله، والقواعد العامة للتنظيم الإداري للمصالح اللاممركزة للدولة، وقواعد توزيع الاختصاص بين الإدارات المركزية وهذه المصالح، والقواعد المنظمة للعلاقات القائمة بينها من جهة، وبين ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم من جهة أخرى».
وجاء في المقترح أيضا ؛ أنه من الملاحظ في الوظيفة العمومية، أن هناك توجهها عاما، تكرسه الممارسة المتعلقة باستصدار قوانين وأنظمة أساسية خاصة بعض القطاعات الحكومية، مما يحتمل معه أن تتضمن هذه الأخيرة أحكاما وقواعد مخالفة  للقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، ويتطلب تفعيل مبدأ النص الخاص يسبق النص العام، من خلال الترخيص للفئات المعنية بأن تأتي بمخالفات لبعض مقتضيات هذا النظام الأساسي التي لا تتفق والتزامات تلك الهيئات أو المصالح.
وحيث من جهة ثالثة؛ أن الدولة أصبحت في شكلها وصورتها الحديثة، تضطلع بالعديد من المهام والوظائف، حيث تأتي مهمة التخطيط من أجل تحقيق التنمية على رأس هذه المهام، وهو  ما يتطلب العمل على تحديث وتطوير جهازها  الإداري بشكل يتماشى مع تطورها، على اعتبار  أنه الأداة الفعلية لعملية تنزيل السياسات العمومية والقطاعية.
فالغاية الأساسية من نشاط الدولة الحديثة، تتجسد في إشباع احتياجات ورغبات مواطنيها، ذلك  أنها التزام قار  يقع على عاتقها تجاه الأفراد الذين تمثلهم، وهي تعمل في سبيل إدراك هذه الغاية على توفير جميع الظروف والوسائل اللازمة، كتنظيم وتنمية الجهاز الإداري، على اعتبار أنه من بين أهم مظاهر  وتجليات هذا النشاط.
كما أن تحديث وتنمية الإدارة لا يعني غير تجويد الخدمات الإدارية، وغير الاهتمام بمنظومة الوظيفة العمومية أي بالموارد البشرية، التي تعتبر المحرك الرئيس لجهاز الإدارة، حيث يتطلب هذا الاهتمام التفكير في تحيين قواعد النظام القانوني للوظيفة العمومية، بشكل مستمر يضمن تحسين أوضاعهم المادية والقانونية حتى يتمكنوا من أداء مهامهم بصورة تنعكس بالإيجاب على جودة الخدمات التي يتم تقديمها للمرتفقين.
وحيث من جهة رابعة؛ أن عملية إصلاح الوظيفة العمومية، لا يمكن أن تتم بمنأى عن طبيعة وشكل  ونموذج الدولة، وهذا ما يفسر تباين نظم الوظيفة العمومية من دولة لأخرى، في هذا السياق، فإن اختيار بلادنا لإقامة الدولة الاجتماعية، وانخراطه في ورش تعميم الحماية الاجتماعية، التي تعتبر أحد مقومات هذه الدولة، والتي لا تعني غير حماية جميع المغاربة وتأمينهم من المخاطر الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي تعزيز قدرتهم على مواجهتها، بات يفرض مراجعة شاملة لمقتضيات النظام الأساسي للوظيفة العمومية، لاسيما ما يتعلق منها بحقوق الموظف العمومي، خصوصا منها يرتبط بالرخص المرضية.
فإذا كان تأطير الرخص المرضية، يخضع بالضرورة لمستويات وآليات التمويل الممكنة، فهو  يخضع كذلك وبشكل طبيعي لنموذج الدولة، حيث بات من اللازم تحيينه حتى  يستجيب لمتطلبات الدولة الاجتماعية التي انخرطت بلادنا في إرساء دعاماتها، وذلك بضمان توصل الموظف المصاب بمرض يجعله غير قادر على القيام بعمله، بمجموع أجرته طوال مدة الرخصة المرضية التي منحت له.
وباعتبار أن بلادنا عملت على إطلاق تنزيل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، تحت الإشراف المباشر لجلالة الملك، والتي يعتبر تحقيق التغطية الصحية الشاملة أحد مرتكزاتها الأساسية، مما يتعين أن يكون القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية وسيلة لتنفيذ هذا الورش، خاصة في صفوف المنخرطات والمنخرطين في سلط الوظيفة العمومية.
وحيث أن نص الفصل 31 من الدستور على أن تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في علاج والعناية الصحية، والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة.
وهو الأمر الذي يستوجب الاهتمام ببعض المنخرطات والمنخرطين، المرضى ببعض الأمراض الخطيرة، سيما تلك التي يتطلب علاجها مصاريف وتكاليف جد مرتفعة، تفوق قدراتهم المالية، وتكتسي طابعا الاستمرارية، من بينها مثلا الأمراض السرطانية، وفقدان الذاكرة، وكل الأمراض المزمنة التي تؤثر سلبا على حياة الأشخاص.
وارتباطا بما سبق، يرتكز ورش الحماية الاجتماعية على عنصر التأمين من المخاطر الاجتماعية، إذ بالإضافة إلى التأمين عن خطر المرض، توجد مخاطر أخرى من قبيل الشيخوخة، التي أوجد لها المشرع معاشا خاصا بها، يتمتع به المرء بعد إحالته على التقاعد، وهو التأمين الذي يؤدي فيه المنخرط، طوال مساره المهني، قسطا من ماله الخاص، مما يتعين معه، عدم حرمانه منه، حال تعرضه لعقوبة تأديبية .وعلى مستوى آخر ؛ فإن كان من صلاحية رئيس الإدارة أن يصدر عقوبة العزل حال عدم استئناف المعني بالأمر لعمله، بعد انصرام أجل سبعة أيام عن تاريخ تسلمه الإنذار، فإنه ضمانا لحق الموظف في الدفاع عن نفسه، يتعين أن لا يصدر رئيس الإدارة قرار العزل إلا بعد استشارة المجلس التأديبي.
وحيث أن الفصول الرابع، التاسع والثلاثون، الثالث والأربعون المكرر، الرابع والأربعون، الخامس والأربعون، السادس والستون، والخامس والسبعون المكرر من ظهير شريف رقم 1.58.008 بتاريخ 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) يحتوي على القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، كما وقع تغييره وتتميمه،
يطبق هذا النظام الأساسي على سائر الموظفين بالإدارات المركزية للدولة وبمصالح الخارجية الملحقة بها. إلا أنه لا يطبق على رجال القضاء والعسكريين التابعين للقوات المسلحة الملكية ومهني الصحة، ولا على هيئة المتصرفين بوزارة الداخلية».


الكاتب : محمد الطالبي

  

بتاريخ : 17/10/2024