في تصعيد خطير، هددت إيران بغلق مضيق هرمز الاستراتيجي إذا حاولت الولايات المتحدة خنق اقتصاد طهران من خلال وقف صادراتها النفطية.
وذكر البيت الأبيض في بيان أصدره أمس الثلاثاء، بحسب رويترز، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرر عدم تمديد الإعفاءات التي تتيح لبعض مستوردي النفط الإيراني مواصلة الشراء دون مواجهة عقوبات أمريكية عندما يحل أجلها في ماي.
وقال قائد البحرية التابعة للحرس الثوري إن إيران ستغلق مضيق هرمز (وهو ممر ملاحي استراتيجي لنقل النفط في الخليج) إذا تم منع طهران من استخدامه.
ونسبت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية عن الجنرال علي رضا تنكسيري قوله اليوم: «وفقا للقانون الدولي فإن مضيق هرمز ممر بحري وإذا مُنعنا من استخدامه فسوف نغلقه».
وأضاف تنكسيري: «في حالة أي تهديد فلن يكون هناك أدنى شك في أننا سنحمي المياه الإيرانية وسندافع عنها».
استعداد إيران
وعلى صعيد متصل، قال مصدر بوزارة النفط الإيرانية الاثنين إن طهران مستعدة لأي قرار أمريكي بإنهاء الإعفاءات الممنوحة لمشتري الخام الإيراني.
ونقلت وكالة «تسنيم» شبه الرسمية للأنباء عن مصدر بوزارة النفط الإيرانية لم تفصح عنه قوله إن الولايات المتحدة لن تنجح في وقف صادرات النفط الإيرانية.
ونقلت تسنيم عن مصدر لم تسمه قوله: «سواء استمرت الإعفاءات أم لم تستمر، فإن صادرات نفط إيران لن تصل إلى الصفر بأي حال ما لم تقرر السلطات الإيرانية وقف صادرات النفط… وهذا غير وارد حاليا.»
ونسبت تسنيم إلى المصدر قوله: «نراقب ونحلل كل التصورات والأوضاع الممكنة للنهوض بصادراتنا النفطية، وجرى اتخاذ التدابير اللازمة… إيران لا تنتظر قرار أمريكا من عدمه لتصدير نفطها».
وأضاف المصدر: «لدينا سنوات من الخبرة في تحييد مساعي الأعداء لتوجيه الضربات لبلادنا».
وأعلنت الخارجية الإيرانية، الإثنين، إجراء اتصالات مع مؤسسات محلية وشركاء دوليين، من المعنيين بمسألة وقف إعفاءات شراء نفط البلاد، مؤكدة أنها لا «تكترث» لمنح هذه الإعفاءات أو رفعها.
جاء ذلك في بيان أصدره المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، ونقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا».
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، في بيان نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا»: «بالنظر إلى الآثار السلبية لهذه العقوبات، وإمكانية زيادة رقعة الآثار السلبية بسبب عدم تمديد الإعفاءات، فإن الوزارة على اتصال دائم بجميع المؤسسات المحلية المعنية».
وأضاف أن الوزارة تقوم بإجراء مشاورات مكثفة مع العديد من الشركاء الأجانب، مثل الأوروبيين ودول الجوار، دون تحديد.
وتابع: «نظرا لعدم قانونية العقوبات المفروضة على إيران، فإن الجمهورية الإسلامية لا تعير اعتبارا وقيمة، من حيث المبدأ، للإعفاءات الأمريكية الممنوحة لبعض الدول، بسبب العقوبات المفروضة على البلاد».
ووفق موسوي، فإن «نتائج هذه الاتصالات والمشاورات الداخلية والخارجية ستنعكس في المراجع الصانعة للقرار، وسيتم تبني قرار سريع بهذا الشأن والإعلان عنه»، دون مزيد من التفاصيل.
أمريكا ترد
ومن ناحيته، قال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية أول أمس الاثنين إن أي تحرك من إيران لإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي ردا على إنهاء الولايات المتحدة إعفاءات شراء النفط الإيراني لن يكون مبررا ولا مقبولا.
وأبلغ المسؤول مجموعة صغيرة من الصحفيين طالبا عدم ذكر اسمه أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واثق من أن السعودية والإمارات العربية المتحدة ستلتزمان بتعهداتهما لتعويض الفارق في إمدادات النفط للدول الثماني التي حصلت على إعفاءات من العقوبات الأمريكية.
وأضاف أن الولايات المتحدة لا ترى ضرورة لدراسة استخدام الاحتياطي البترولي الاستراتيجي عقب إنهاء الإعفاءات.
وأشار إلى أن المسؤولين الأمريكيين يبحثون الآن سبل منع إيران من الالتفاف على العقوبات النفطية القائمة.
وكان الرئيس دونالد ترامب قد قرر عدم تجديد ما يعرف بـ»إعفاءات عقوبات نفط إيران» عندما يحل أجلها في ماي المقبل، في إشارة لقرار أمريكي سابق بإعفاء عدد من الدول من الالتزام بالعقوبات الأمريكية على طهران.
وفي بيان له، قال البيت الأبيض إن «القرار يستهدف وقف صادرات النفط الإيراني تماما مع حرمان النظام من مصدر دخله الرئيسي»، وفق تعبيره.
وكشف البيان عن دور للسعودية والإمارات في التحرك الأمريكي، وقال إن «الولايات المتحدة والسعودية والإمارات اتفقت على التحرك في الوقت المناسب بما يكفل تلبية الطلب العالمي مع حجب النفط الإيراني عن السوق بشكل كامل».
وفي السياق ذاته، قال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت إنه يعتقد أن أسواق النفط العالمية «ستكون قادرة على التعامل مع قرار الولايات المتحدة إلزام مشتري النفط الإيراني بإنهاء الواردات أو مواجهة عقوبات».
وفي مقابلة مع شبكة «سي. أن. بي. سي» الأمريكية، قال هاسيت: «أعتقد أن أسواق النفط العالمية مؤهلة للتعامل مع هذا».
ثماني دول في المحك
والجدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، كان بموجب قرار الإعفاءات قد سمح لثماني دول بشراء النفط الإيراني، بهدف تحقيق «صادرات صفر»، من الخام في هذا البلد، بحسب ما أعلن البيت الأبيض الإثنين.
واعتبارا من مطلع ماي القادم، ستواجه هذه الدول، الصين والهند وكوريا الجنوبية وتركيا واليابان وتايوان وإيطاليا واليونان، عقوبات أميركية إذا استمرت في شراء النفط الإيراني.
وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات في نوفمبر على صادرات النفط الإيرانية، بعد أن انسحب الرئيس دونالد ترامب من جانب واحد من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست دول كبرى.
وتضغط واشنطن على إيران لتقليص برنامجها النووي والكف عن دعم ما تسميهم «متطرفين» عبر الشرق الأوسط، وإلى جانب العقوبات منحت واشنطن أيضا استثناءات لثماني دول قلصت مشترياتها من النفط الإيراني، سامحة لها بشرائه دون أن تتعرض لعقوبات لمدة ستة أشهر أخرى.
من جانبه قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن السعودية، حليفة بلاده، ستساعد في التعويض بسهولة عن أي نقص في إمدادات النفط بسبب قراره تشديد العقوبات على صادرات النفط الإيرانية.
وصرح في تغريدة «السعودية وغيرها من دول أوبك ستعوض، بل وستزيد، الفارق في تدفق النفط، الناجم عن فرضنا الآن عقوبات كاملة على النفط الإيراني».
وفي وقت سابق أعلن البيت الأبيض، تشديد العقوبات على طهران، بهدف شل قطاع النفط المهم للاقتصاد الإيراني.
وتبنى ترامب خطاً متشددا مع ايران التي تتواجه مع السعودية وإسرائيل، حليفتي واشنطن.
ومن جانبها، أعلنت تركيا أنها لن تحترم العقوبات المفروضة، على واردات النفط من إيران، بعدما قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، البدء بإنهاء الإعفاءات لمشتري النفط من إيران.
وقال وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو: إن بلاده «لا تقبل العقوبات الأحادية الجانب، ولا الإملاءات المتعلقة بطبيعة العلاقات، التي نقيمها مع جيراننا».
وحذر تشاووش أوغلو من أن خطوة الولايات المتحدة لإنهاء الإعفاءات، «لن تخدم السلام والاستقرار الإقليميين».
بدورها نددت إيران بالعقوبات الأمريكية الجديدة، عليها واعتبرتها «غير قانونية»، بعدما أعلنت واشنطن الاثنين إنهاء الاعفاءات التي منحتها لثماني دول، للسماح لها بشراء النفط الايراني.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان: «ما دامت العقوبات التي نحن في صددها غير قانونية من حيث المبدأ، فإن الجمهورية الاسلامية في ايران، لم تعلق ولن تعلق أي اهمية، على الاعفاءات المرتبطة بالعقوبات المزعومة، ولا تعتبر أنها تتمتع بأي صدقية».
وأضافت الوزارة أن إيران تواصل «بحث» هذه المسائل مع شركائها، وخصوصا الأوروبيين «في شكل دائم».
الصين والقرار الأمريكي
أثار إعلان الولايات المتحدة عدم تمديد الإعفاءات التي تتيح لبعض مستوردي النفط الإيراني مواصلة شراء النفط الإيراني مخاوف من نقص الإمدادات في أسواق النفط العالمية، ما دفع أسعار الخام إلى الصعود لأعلى مستوى في ستة أشهر.
وقال البيت الأبيض في بيان اليوم الاثنين إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرر عدم تمديد الإعفاءات التي تتيح لبعض مستوردي النفط الإيراني مواصلة الشراء دون مواجهة عقوبات أمريكية عندما يحل أجلها في ماي.
وقال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة والسعودية والإمارات «اتفقوا على التحرك في الوقت المناسب بما يكفل تلبية الطلب العالمي مع حجب النفط الإيراني عن السوق بشكل كامل».
وارتفع خام القياس العالمي برنت فوق 74 دولارا للبرميل اليوم، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر تشرين الثاني، بسبب مخاوف نقص المعروض، بينما بلغ سعر النفط الأمريكي 65.99 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ أكتوبر تشرين الأول 2018.
رهان ترامب
وفي محاولة لتهدئة الأسواق، ذكرت الإدارة الأمريكية، بحسب رويترز، أنها تعمل مع السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهما مُصدران كبيران للخام، لضمان تلقي سوق النفط «إمدادات كافية»، لكن السوق القلقة بالفعل من شح الإمدادات تثير شكوكا بشأن احتمال تبني الرياض نهجا أبطأ في تعزيز الصادرات.
وقال ترامب على موقع تويتر إن السعودية وآخرين في أوبك «سيعوضون تماما فرق تدفق النفط في ظل عقوباتنا الكاملة الآن على النفط الإيراني».
وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات في نونبر على صادرات النفط الإيراني، بعد أن أعلن ترامب في ماي انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المُبرم في عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية. وبعد تجديد العقوبات، منحت واشنطن إعفاءات لثمانية مشترين كبار لمدة ستة أشهر، تنتهي في ماي.
والدول التي حصلت على إعفاءات لاستيراد النفط الإيراني دون الوقوع تحت طائلة العقوبات الأمريكية هي الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا وإيطاليا واليونان.
وقبل إعادة فرض العقوبات، كانت إيران رابع أكبر منتج للنفط في أوبك بإنتاج نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا، لكن الصادرات في أبريل انكمشت إلى ما دون المليون برميل يوميا، وفقا لبيانات تتبع السفن وبيانات محللين من رفينيتيف.
وما زالت طهران تتحدى قرار واشنطن، إذ قالت إنها مستعدة لإنهاء الإعفاءات، في حين كرر الحرس الثوري تهديده بإغلاق مضيق هرمز وهو ممر رئيسي لشحن النفط في منطقة الخليج، وفقا لما ذكرته وسائل إعلام إيرانية.
إعلان مفاجئ
وحول تداعيات الإعلان الأمريكي بعدم تجديد إعفاءات شراء النفط الإيراني، قال خبير النفط العالمي الدكتور ممدوح سلامة، إن الإعلان لم يكن متوقعا، موضحا أن الدلائل كلها كانت تشير إلى أن إدارة الرئيس ترامب كانت ستمدد هذه الإعفاءات.
واستبعد سلامة تأثير عدم تجديد الإعفاء الأمريكي لمشتري النفط الإيراني على أسواق النفط العالمية بشكل كبير في المستقبل أو على إمدادات النفط، لافتا إلى أن الدول التي كانت أعطيت إعفاء مثل الصين والهند والاتحاد الأوروبي وتركيا وكوريا الجنوبية واليابان كانت (باستثناء اليابان وكوريا الجنوبية) ستستمر بشراء النفط الإيراني سواء كانت هناك إعفاءات أو لم تكن.
وأرجع سلامة ارتفاع أسعار النفط في تعاملات الإثنين إلى نحو 3 بالمئة عقب الإعلان الأمريكي إلى عامل المفاجأة، قائلا: «ارتفاع الأسعار كانت نتيجة للمفاجأة وليس كأثر دائم على الأسعار، ولكن في المدى البعيد سنجد أن الأسعار ستستقر».
وتوقع سلامة أن يكون تأثير عدم تجديد الإعفاءات على ارتفاع أسعار النفط في المدى البعيد بسيطا جدا، إن لم تكن قد تبدأ الأسعار في الانخفاض، بحسب تعبيره مضيفا: «كما أن تأثيرها على إمدادات النفط في العالم شبه معدومة، لأن سوق النفط العالمي لم يصل بعد إلى مرحلة التوازن، وهناك تخمة صغيرة قد تقوم تمنع الأسعار من الارتفاع كثيرا».
وتابع خبير النفط العالمي قائلا: «إلغاء الإعفاءات الأمريكية لن يؤثر على صادرات إيران النفطية، والعقوبات الأمريكية ككل لن تؤدي إلى خسارة إيران ولو برميلا واحدا من صادراتها النفطية، ولذلك فإن قرار عدم تجديد الإعفاء الأمريكي لن يؤثر كثيرا على إيران ولا على كبار مشتري النفط الإيراني كالصين والهند اللتين ستستمران في شراء النفط الإيراني وبكميات كبيرة سواء كانت هناك إعفاءات أولا».
مخاوف السوق
ومن جانبه، توقع الخبير في شؤون النفط والطاقة نهاد إسماعيل أن تصل أسعار النفط إلى مستويات 80 دولارا للبرميل في ظل تصاعد المخاوف الجيوسياسية ومخاوف نقص الإمدادات سواء الإيرانية أو الفنزويلية أو الليبية.
وقال إسماعيل إن سوق النفط يعاني من أزمة نقص كبيرة بسبب العقوبات الأمريكية على فنزويلا وتدهور الوضع الأمني في ليبيا، مشيرا إلى أن السوق قد يخسر حوالي 3 ملايين برميل يوميا في حال توقف إنتاج النفط الليبي.
ويرى إسماعيل أن الخاسر الأكبر من قرار عدم تجديد الإعفاءات الأمريكية هي الدول التي أبرمت اتفاقات مع إيران مثل كوريا الجنوبية واليابان والصين التي تعتمد على الخام الإيراني لمصافي التكرير، مستطردا: «وعلى هذه الدول أن تبحث عن مصادر بديلة».
واستبعد الخبير في شؤون النفط والطاقة أن تقوم الصين والهند بتحدي القرار الأمريكي لأسباب سياسية واقتصادية، قائلا: «الصين الآن في خضم مفاوضات حساسة مع واشنطن لإنهاء الحرب التجارية والتوصل إلى اتفاق، كما أن الهند تريد البقاء صديقة لواشنطن خاصة في نزاعها مع باكستان في قضية كشمير. لذا اتوقع الانصياع لواشنطن وربما سيكون هناك تحركات خلف الكواليس لثني واشنطن عن قرارها ومن غير المعتقد أن يستجيب ترامب لهما».
وأضاف: «صادرات النفط الإيرانية لن تتراجع إلى الصفر ما دام هناك تعاون وتنسيق مع العراق، مضيفا: «يوجد منشآت وشبكات توزيع ومرافق مشتركة بينهما وتستطيع إيران البيع لأطراف ثالثة من تحت الطاولة».