تصعيد عسكري غير مسبوق وردود فعل دولية تدعو لضبط النفس .. ضربات إسرائيلية تستهدف مواقع نووية وعسكرية في إيران

نفذت إسرائيل منذ فجر أمس الجمعة، سلسلة ضربات جوية واسعة النطاق على مواقع نووية وعسكرية في إيران، استهدفت بشكل رئيسي منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، إلى جانب مواقع عسكرية أخرى في محافظة أذربيجان الشرقية شمال غرب البلاد. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن العملية استهدفت «قلب» البرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك منشآت تخصيب اليورانيوم وبرنامج الصواريخ الباليستية، واصفا الضربات بأنها «ناجحة للغاية» ومؤكدا استمرار العمليات «بقدر ما يلزم من أيام».
وأفادت وسائل الإعلام الإيرانية بمقتل ستة علماء نوويين بارزين في الهجوم، وهم: عبد الحميد مينوشهر، أحمد رضا ذو الفقاري، أمير حسين فقهي، مطلبي زاده، محمد مهدي طهرانجي، وفريدون عباسي، الذي كان رئيسا سابقًا لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية ونجا من محاولة اغتيال في عام 2010. كما أعلن الإعلام الإيراني عن مقتل قادة عسكريين كبار، بينهم قائد أركان القوات المسلحة محمد باقري، قائد الحرس الثوري حسين سلامي، والقيادي البارز في الحرس غلام علي رشيد. وأصيب مستشار المرشد الأعلى علي شمخاني في الهجوم، إلى جانب 50 شخصا آخرين، بينهم أطفال ونساء، وفق وسائل إعلام إيرانية.
وأكدت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن معظم الأضرار في منشأة نطنز كانت على مستوى السطح، مع عدم تسجيل إصابات مباشرة في المنشأة التي تحتوي على أجهزة الطرد المركزي تحت الأرض. وأشارت وكالة إرنا الإيرانية إلى عدم وجود تلوث إشعاعي نتيجة الهجوم على نطنز، فيما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن منشأتي فوردو وأصفهان لم تتأثرا بالضربات.

إيران تتوعد
ودعوات لضبط النفس

أثارت الضربات الإسرائيلية ردود فعل غاضبة في إيران، حيث توعد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي إسرائيل بـ»مصير مرير ومؤلم»، مؤكدا أن خلفاء القادة والعلماء الذين قتلوا سيواصلون مهامهم. وأعلنت إيران عن تعيين قائدين جديدين، هما عبد الرحيم موسوي لقيادة هيئة الأركان المشتركة ومحمد باكبور لقيادة الحرس الثوري. وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية «حقها القانوني والمشروع» في الرد، محملة الولايات المتحدة مسؤولية الهجوم بسبب تنسيقها المزعوم مع إسرائيل.
في غضون ذلك، دعا المجتمع الدولي إلى ضبط النفس وخفض التصعيد. وأعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي عن قلقه البالغ، مؤكدا أن المنشآت النووية يجب ألا تستهدف، وحذر من تداعيات خطيرة على المنطقة. كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى «أقصى درجات ضبط النفس»، فيما دانت دول مثل العراق، السعودية، قطر، وسلطنة عمان الضربات الإسرائيلية، معتبرة إياها انتهاكا للسيادة الإيرانية وتهديدا للاستقرار الإقليمي.
من جانبها، أعربت الولايات المتحدة عن عدم ضلوعها في الهجوم، لكن الرئيس دونالد ترامب أكد أنه أُبلغ مسبقا بالضربات، مشددا على أن إيران «لا يمكنها امتلاك قنبلة نووية». وحض ترامب إيران على «إبرام اتفاق» قبل تصعيد إضافي، محذرا من ضربات مستقبلية أكثر عنفا. وأكدت واشنطن استمرار خططها لإجراء محادثات نووية مع إيران في مسقط يوم الأحد، رغم التوترات.
دول أخرى مثل الصين، روسيا، فرنسا، بريطانيا، وتركيا دعت إلى تجنب التصعيد والعودة إلى الدبلوماسية، فيما أعربت الهند وباكستان عن تضامنهما مع إيران. وحذر الاتحاد الأفريقي من أن الضربات تشكل تهديدا للسلام الدولي، بينما أكد الأردن إغلاق مجاله الجوي لمنع استخدامه في الصراع.
وجاءت الضربات الإسرائيلية في سياق توترات متصاعدة حول البرنامج النووي الإيراني، حيث أشارت إسرائيل إلى أن معلومات استخباراتية تشير إلى اقتراب إيران من «نقطة اللاعودة» في تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عسكرية. وتتهم إسرائيل والغرب إيران بالسعي لامتلاك السلاح النووي، وهو ما تنفيه طهران مؤكدة أن برنامجها النووي سلمي.
وردت إيران بإطلاق حوالي 100 طائرة مسيرة باتجاه إسرائيل، وهو ما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يعمل على اعتراضه بمشاركة 200 طائرة مقاتلة. كما أغلق المجال الجوي في إسرائيل وإيران والعراق، مما يعكس حالة التوتر العالية في المنطقة. وأدت الضربات إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط، مما يعكس التداعيات الاقتصادية العالمية المحتملة.
وتأتي هذه التطورات قبل يومين من جولة مفاوضات نووية مقررة بين طهران وواشنطن في مسقط، والتي وصلت إلى مرحلة متعثرة بسبب خلافات حول تخصيب اليورانيوم. وتثير الضربات تساؤلات حول مصير هذه المحادثات وإمكانية تحقيق تقدم دبلوماسي في ظل التصعيد العسكري.


الكاتب : n وكالات

  

بتاريخ : 14/06/2025