لايزال موضوع تأجيل الدورة 36 لمهرجان الشعر المغربي الحديث بشفشاون بعد رفض الجهات المسؤولة بمدينة شفشاون توفير الدعم الضروري والمعتاد للمهرجان، عدا التلكؤ في الوفاء بالتزاماتها عن الدورة السابقة، يثير موجة من الاستنكار وسط الجسم الثقافي المغربي وخارجه، خاصة أن المهرجان وقع منذ انطلاقته سنة 1965 على مسار متميز وأصبح محطة ثقافية سنوية للشعر والشعراء من كل أرجاء المغرب الثقافي وخارجه.
يأتي التأجيل لأسباب مادية بحتة في وقت يعتبر فيه المهرجان أعرق مهرجان شعري وطني ما يستوجب تحويله الى رصيد رمزي لدى المؤسسات الثقافية، رصيد من شأنه إغناء الهوية والذاكرة الثقافية ببلادنا.
رغم طابعه الوطني، وفي كل دورة من دوراته، راهن على مواكبة تحولات القصيدة المغربية من خلال اختيار محاور تسائل واقع الشعر المغربي ومستقبله من قبيل «القصيدة المغربية.. إلى أين؟» (2011 دورة )، «الشعر المغربي وسؤال الأجناس» (2015)، «الشاعر وسؤال الغد»، «النص والتأويل» (دورة 2023) بالإضافة الى تكريم أسماء شعرية رسخت حضورها في المشهد الشعري المغربي أمثال عبد الكريم الطبال، محمد السرغيني، محمد الميموني، عبد الرفيع جواهري، إدريس الملياني، أمينة لمريني، محمد علي الرباوي، أحمد بنميمون….
رئيس بيت الشعر في المغرب، مراد القادري، وفي تعليقه على هذا الموقف المخجل للجهات الوصية من دعم المهرجان، صرح أنه «إذا لم تشعر الجهات المسؤولة عن الثقافة وطنيا وجهويا ومحليا بالخجل من اضطرار جمعية أصدقاء المعتمد بمدينة شفشاون لتأجيل الدورة 36 لمهرجان الشعر المغربي الحديث، أقدم مهرجان شعري في بلادنا …فاعلم ان كل وازع أخلاقي أو ثقافي قد ضمر واضمحل وصار الى العدم..لا يمكن القبول برفض الجهات المسؤولة بمدينة شفشاون توفير الدعم الضروري ، والمعتاد للمهرجان في وقت يعرف المغرب فيضا ثقافيا هائلا، ويشعر الشعراء كلهم بما يدينون به لهذا البيت الرمزي العالي في تعميق الوعي والتجربة المرتبطين بالتحديث الشعري المغربي» ، معلنا كامل التضامن مع جمعية أصدقاء المعتمد شفشاون، وداعيا « الجهات المعنية في مدينة شفشاون وجهة طنجة تطوان الحسيمة إلى مراجعة قرارها الظالم، والإسراع بالتجاوب مع مطلب الجمعية المذكورة حرصا على صورة المغرب الثقافي.»
أما الشاعر والإعلامي عبد الحميد جماهري فاعتبر أنه «من المؤسف جدًّا أنْ تعلن جمعية أصدقاء المعتمد بمدينة شفشاون تأجيل الدورة 36 لمهرجان الشعر المغربي الحديث، أقدم مهرجان شعري في بلادنا والذي أحدثته ثلة من شعراء هذه المدينة، وفي طليعتهم الشاعر عبد الكريم الطبال أطال الله في عمره، والشاعر محمد الميموني رحمه الله… تأجيل اضطراري بسبب رفض الجهات المسؤولة بمدينة شفشاون توفير الدعم اللازم للمهرجان.
الشاعر الزبير الخياط، مستنكرا هذا القرار الجائر بمنع الدعم، يرى أن التأجيل لأسباب مادية، يعد «انتكاسة ثقافية تمس الرصيد الشعري الوطني، وتمس بكرامة أعرق جمعيات المغرب الثقافي التي تأسست منذ ما يقترب من سبعة عقود، « معتبرا أن القرار «يحرم المهرجان الوطني للشعر المغربي الحديث من دعم المؤسسات الوصية محليا واقليميا وجهويا، خاصة أن «الدعم الوزاري الضئيل لا يكفي لتغطية مصاريف هذا الحدث الثقافي».
الفنان ياسين أحجام ، وفي تدوينة له كتب أن «شفشاون … مدينة الجمال الحزين،
حين يغيب المسرح، ويتوارى الشعر،
وتُقتلع الثقافة من الأرصفة …
تتسلل العتمة بين الأزقة،
فكما أن الطبيعة تأبى الفراغ،
فإن التطرف يطل عبر النوافذ .
الثقافة ليست ترفًا… إنها الحصن الأخير «.
الشاعر أحمد بلحاج آيت وارهام، وهو يعلن تضامنه اللامشروط ، اعتبر أن « مهرجان شفشاون الشعري «معلمة شعرية تشرف الزمن المغربي، ويحق لجمعية المعتمد بن عباد أن تفخر به وتنافح عنه، وأن تتلقى الدعم القوي لاستمراره لأنه النافذة الواسعة التي يطل الكون من خلالها علينا. فمنه مر جميع شعراء المغرب بأبهة جمالية، فكيف نتخلى عنه تحت ذرائع واهية وندعم ألوان التفاهة التي تمسخ وجه المغرب الثقافي الحقيقي؟».
تضامن واسع للمثقفين والشعراء بعد تأجيل مهرجان شفشاون للشعر المغربي الحديث

الكاتب : ح. الفارسي
بتاريخ : 07/07/2025