تحتفل مدينة تطوان بالذكرى العشرينية لتصنيف المدينة العتيقة تراثا عالميا و إنسانيا ،من خلال برمجة العديد من الأنشطة الثقافية و الفنية التي تهدف إلى التعريف بهذا الموروث الثقافي و حمايته و جعله أداة لتحقيق التنمية المحلية ،انطلاقا من مسؤولية كافة مكونات المجتمع التطواني في التعريف و تسويق ما تزخر به المدينة من بنيات و معالم تاريخية ، و هو ما أكد عليه رئيس جماعة تطوان حين اعتبر أن المجتمع المدني يجب أن يشكل رأيا عاما ضاغطا للدفاع والحفاظ عن المدينة العتيقة من أي تهديد أو تخريب قد يتعرض له ، مبرزا أهمية هذه الاحتفالات التي تشرف عليها لجنة تضم عددا من المتدخلين بالمدينة العتيقة منها مديرية الثقافة والمعهد الوطني للفنون الجميلة ومندوبية السياحة ومندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والوكالة الحضرية وجمعية تطاون اسمير ، وذلك بهدف تحسيس الساكنة بأهمية المباني التي يقطنون بها والمرافق التي تقع بهذه المدينة بكونها موروثا مشتركا للإنسانية جمعاء. المشروع الملكي الذي يخص إعادة تأهيل المدينة العتيقة لتطوان، تم الوقوف عنده في ندوة صحفية عقدت بمركز التراث بالمدينة العتيقة مساء يوم الجمعة الماضي ، ضمت إضافة لرئيس الجماعة، كلا من مدير المعهد الوطني للفنون الجميلة و الرئيس المنتدب لجمعية تطاون أسمير ، حيث تم إبراز أهمية هذا المشروع و دوره في الرفع من مستوى البنيات التحتية وتجديد شبكات مياه الصرف الصحي والمياه الصالحة للشرب والإنارة العمومية .
و في سؤال لجريدة الاتحاد الاشتراكي حول أهمية إحداث وكالة خاصة للسهر على تدبير المدينة العتيقة ،أوضح رئيس الجماعة أن إحداث هذه الوكالة أصبح أمرا ضروريا ،قبل أن يؤكد على استقلالية هذه المؤسسة و جعلها بعيدة عن التجاذبات السياسية بهدف تدبير مرافقها بشكل أحسن .
المهدي الزواق مدير المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان أوضح ان الأهمية التاريخية للمدينة العتيقة تتجلى من خلال المعالم التاريخية و التراث العمراني ، مسجلا العديد من التحديات المطروحة على المدينة العتيقة، قبل ان يعود ليطرح العديد من التساؤلات من قبيل كيف يمكن الحفاظ على التراث اللامادي للمدينة العتيقة ؟
بدوره أكد عبد السلام شعشوع الرئيس المنتدب لجمعية تطاون أسمير ،على أن المدينة العتيقة تستحق هذا التصنيف من قبل منظمة اليونسكو كتراث إنساني ،مبرزا أن الوفد الذي كان يمثل هذه المنظمة سنة 1997 تأكد بالملموس من خلال معاينة مختلف معالم المدينة العتيقة، على أنها تستحق أن تصنف ضمن التراث الإنساني.
هذا و تأتي هذه الإحتفالات التي شرع فيها يوم الإثنين 24 أبريل الجاري، و المؤطرة بشعار «تطوان خمسة قرون من الحضارة و عشرون سنة من العالمية « ،للتعريف و تسويق ما تزخر به المدينة العتيقة لتطوان من مؤهلات ثقافية و تراثية قادرة على أن تساهم في تحريك عجلة التنمية على مستوى المدينة العتيقة ،حيث تضمنت فقرات الاحتفال عرض شريط عن هذا النسيج العتيق و تكريم شخصيات، إضافة إلى لقاءات و جلسات لاستعراض التجارب الوطنية و الدولية ، إلى جانب مسابقات للأطفال و سهرات فنية و معارض تشكيلية ، فضلا عن عرض العديد من الإصدارات و المنشورات الخاصة بالمدينة العتيقة .
نداء تطوان
أكد رؤساء وممثلو الجماعات المتوفرة على المدن والمواقع المصنفة عالميا ووطنيا، أول أمس الثلاثاء، من خلال “نداء تطوان“ على ضرورة العمل بشكل مشترك من أجل الحفاظ وتثمين التراث التاريخي والهوية الثقافية والمعمارية للمملكة.
ومن خلال هذا الميثاق، الذي تم التوقيع عليه على هامش الاحتفالات المخلدة للذكرى ال20 لتصنيف منظمة اليونسكو المدينة العتيقة لتطوان تراثا عالميا للإنسانية، دعا رؤساء وممثلو الجماعات المعنية إلى جعل العنصر البشري محور استراتيجية الحفاظ على المباني التاريخية والمدن العتيقة وفق مقاربة تشاركية لا تخضع لمنطق المعايير والحسابات المادية التي تعامل بها باقي الأنسجة العمرانية في المدن.
ودعت الأطراف الموقعة على النداء، والتي تمثل جماعات تطوان وطنجة ووزان والرباط ومراكش والجديدة وتزنيت والخميسات وأسفي والرشيدية وتارودانت ووليلي والصويرة وصفرو ومكناس وآيت زينب (قصر آيت بنحدو)، إلى توحيد جهود مسؤولي المدن المغربية المصنفة تراثا عالميا إنسانيا من طرف منظمة اليونسكو من أجل بلورة تصور مشترك لتثمين هذا التراث الإنساني والمحافظة عليه وتسويقه وبذل المساعي لدى كافة المتدخلين المحليين والجهويين والوطنيين والدوليين للتحسيس بقيمة هذا التراث الإنساني وأهمية النهوض به.
وفي هذا الإطار، دعوا أيضا الوزارات المعنية إلى بلورة سياسة مستدامة في المجال مع توفير الامكانيات البشرية والمادية اللازمة من أجل تثمين نسيج المدن العتيقة بالنظر إلى الدور الهام الذي تقوم به في دعم الاستقرار وتعزيز التضامن بين ساكنتها.
وطالب نداء تطوان بتوحيد السياسات والرؤى المستقبلية بخصوص الحفاظ على التراث بمختلف المدن التاريخية بالمغرب والتي تضم تراثا معماريا وحضاريا متفردا وفريدا مكنها من التموقع على الصعيد الدولي.
كما أكد النداء على التعايش بين الثقافات والديانات والحضارات التي سادت داخل المدن المصنفة وتعزيز الوشائج الإنسانية والروابط التاريخية على مر العصور والحفاظ على القيمة الممنوحة لها.
وطالب الموقعون شبكة المدن المصنفة عالميا بمتابعة النداء وروح نداء تزنيت وما يدعو إليه من إحداث صندوق خاص للأنسجة العمرانية بالمغرب.