تطورات ملف اسكوبار الصحراء .. غرفة جنايات البيضاء تضع يدها على قضايا الاعتقال التحكمي والتزوير في محررات رسمية ومحاضر استماع وتنهي الاستماع لخمس متهمين

 

كشف ضابط شرطة، متهم بتزوير محضر ومتابَع على خلفية ملف «إسكوبار الصحراء»، أنه أنجز المحضر بناءً على تعليمات شفهية من وكيل الملك، تقضي بالانتقال والبحث والتحري، وذلك استناداً إلى شكاية المشتكية سامية م، طليقة عبد النبي بعيوي، التي أفادت بأنها في خلاف مع طليقها، وأنها تقيم بالدار البيضاء. لكنها فوجئت بأن المشتكى به قام بتحرير وكالة مزورة، والمصادقة عليها في بلدية وجدة، ما أدى إلى بيع عقارين وسحب أموالها من أحد البنوك.
وأشار الضابط، خلال جلسة عُقدت أول أمس أمام هيئة المحكمة بغرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية الدار البيضاء، إلى أن تأخير إنجاز الخبرة، التي كلفته بها النيابة العامة عام 2013 للوقوف على صحة تزوير العقود، كان بسبب غياب المشتكية، نافياً أن يكون ذلك بهدف الضغط عليها للتنازل. وأكد أنه استدعى المشتكية بشكل متكرر على مدى ثمانية أشهر دون استجابة.
وفي السياق ذاته، كشفت المحكمة، استناداً إلى محاضر الضابطة القضائية، أن الزوجة السابقة اضطرت لمغادرة المغرب بسبب التهديدات التي تلقتها من عبد النبي بعيوي. وأوضحت المشتكية أنها تلقت اتصالاً من محامية في المغرب طلبت منها تقديم إقرار بالتنازل عن شكواها ضد بعيوي بتهمة التزوير، مقابل الإفراج عن والدتها وخادمتها اللتين كانتا قيد الاعتقال. شعرت المشتكية حينها بضغط شديد، واضطرت إلى تقديم التنازل لإنقاذ والدتها والخادمة، وهو ما تم فعلاً دون محاكمة.
طرحت المحكمة على المتهم تساؤلات حول ما إذا كان تأخره في إنجاز الخبرة قد أتاح الفرصة للضغط على المشتكية للتنازل عن شكواها. كما واجهته بخبرة رسمية أجراها خبير محلف أثبتت أن توقيع الزوجة كان مزوراً. مع ذلك، تمسك الضابط المتهم بموقفه، مؤكداً أن عدم إنجاز الخبرة كان بسبب غياب المشتكية، نافياً أي تواطؤ مع بعيوي. وأضاف أنه لم يكن بإمكانه إعادة الملف إلى النيابة العامة دون إتمام الخبرة، لأن ذلك كان سيعرضه لعقوبات تأديبية.
بعد الاستماع إلى الضابط المتابع في الملف، قررت هيئة المحكمة مواصلة الاستماع إلى باقي المتهمين في ملف يحمل في طياته العديد من المفاجآت التي لم تُكشف عنها بعد، ولم تتضمنها محاضر البحث.
لاحقاً، استمعت هيئة المحكمة بغرفة الجنايات الابتدائية إلى المتهمين في قضايا جنائية، وكانت البداية مع عميد شرطة ممتاز بالفرقة الجنائية الولائية في الدار البيضاء.
وتمحورت الأسئلة حول الاشتباه في تقديم عميد الشرطة خدمات لعبد النبي بعيوي، بهدف الضغط على زوجته لتقديم تنازلها عن الشكايتين المرفوعتين ضده، وذلك عن طريق توريط والدتها في قضية سرقة وهمية من داخل فيلا تابعة له بالدار البيضاء
وأكد المتهم أنه لم يخالف الإجراءات القانونية المتخذة في موضوع زوجة بعيوي، نافياً التهم الموجهة إليه، ومشيراً إلى أنه كان يتلقى تعليمات من النيابة العامة وليس من عبد النبي بعيوي.
أما بخصوص تغاضيه عن الاستماع إلى سامية، الزوجة السابقة، فقد أجاب بأنها ليست مشتكى بها، وأن المشتكي أكد أن الساعات المسروقة كانت رجالية، كما أشار إلى أنه لا يمكن قانونياً أن تُعتبر سرقة بين الأزواج.
وفي شأن كثرة المكالمات التي جمعته ببعيوي، والتي رصدتها أبحاث الفرقة الوطنية للشرطة القضائية وبلغت 201 مكالمة، أفاد المتهم بأنه أوضح للفرقة الوطنية أن هذه ليست جميعها مكالمات صوتية، بل إن بعضها رسائل نصية. وأشار إلى أن عدد المكالمات الصادرة والواردة بينه وبين بعيوي بلغ 37 مكالمة فقط، بينما تضمنت البقية رسائل قصيرة. كما أشار إلى وجود مكالمات ورسائل مع أطراف أخرى في هذا الملف، متسائلاً: “لماذا لم تُعرض عدد المكالمات بينهم وبين ذات الأطراف؟ ولماذا تم التركيز فقط على مكالمات ورسائل بعيوي دون غيرها المتعلقة بذات الشكاية وذات الأشخاص؟”.
وفي الجلسة نفسها، شهدت المحكمة مواجهة مع الموظف المكلف بتصحيح الإمضاء بجماعة وجدة، بناءً على الشكايتين اللتين تقدمت بهما الزوجة السابقة لرئيس الجهة، حيث اتهمته بتزوير وكالة لم تقم بإنجازها لصالح زوجها. حاول المتهم نفي الأمر من خلال تأكيده أن المعنية بالأمر قدمت إلى مكتبه، وأنه تسلم منها بطاقة تعريفها الوطنية وتأكد من هويتها وفقاً لما ينص عليه القانون.
لكن تصريحات الزوجة السابقة، وفقاً لمحاضر الضابطة القضائية، أفادت بأنها في التاريخ المذكور بالوكالة وتصحيح الإمضاء كانت موجودة في الدار البيضاء داخل إحدى الوكالات البنكية. وأكدت المحكمة صحة هذه الادعاءات بالاعتماد على كاميرات المراقبة ووصولات سحب أموال من الوكالة البنكية، إضافةً إلى شهادة مسؤولي الوكالة..
وجاء النفي نفسه في تصريحات موظف ثانٍ متابع في الملف، حيث أكد عدم ضلوعه في تزوير الوكالة الخاصة بزوجة بعيوي. كما لم تختلف تصريحات الموظف الثالث، المتهم بنفس الجناية، والذي يتابع في حالة سراح. وأكد أنه لا تربطه أي علاقة مباشرة بالمواطنين الذين يتوجهون إلى هذه المصلحة، موضحاً أنه يتسلم الوثائق المصادق عليها من قبل الموظفين عن طريق عون إداري.
كما نفى رئيس سرية الدرك الملكي، المتابع على خلفية ملف تاجر المخدرات الدولي “إسكوبار الصحراء”، التهم المنسوبة إليه. وشملت الاتهامات قيامه بعمل تحكمي يمس الحرية الشخصية والفردية بقصد إرضاء أهواء شخصية.
وكشف المتهم المتابع في حالة اعتقال، “حميد. أ”، خلال مثوله أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس دورية الدرك على مستوى مطار وجدة، يفيد بتوقيف سيارة تدّعي صاحبتها، التي رفضت تقديم وثائق هويتها، أنها زوجة عبد النبي بعيوي.
وأشار المتهم إلى أنه بادر على الفور بالاتصال بعبد الرحيم بعيوي، رئيس جماعة عين الصفا وشقيق رئيس الجهة، للتأكد مما إذا كانت المعنية قريبة لهم. وأخبره عبد الرحيم، بعد طلبه الانتظار قليلاً، قائلاً: “هاد السيدة ماشي ديالنا”.
وأضاف رئيس سرية الدرك الملكي أنه طلب، في ذلك الحين، من رئيس الدورية القيام بالمهام المنوطة به باعتباره ضابطاً للشرطة القضائية.
وأفاد الدركي الماثل أمام المحكمة بأنه تواصل مع القائد الإقليمي للدرك الملكي، بعد أن جرى الاتصال به مجدداً من رئيس الدورية، الذي أبلغه بأن المعنية تصرخ في الشارع وترفض تقديم وثائق هويتها لتسجيل مخالفة عدم وضع حزام السلامة.
وبخصوص أسباب حضور عبد الرحيم بعيوي، شقيق رئيس الجهة، إلى عين المكان، نفى الدركي علمه بحيثيات ذلك، موضحاً أنه بقي في الجانب الآخر دون أن يتمكن من معرفة ما كان يردده. وأضاف أن القائد الإقليمي للدرك توجه صوب عبد الرحيم بعيوي، وغادر بعدها المكان إثر حديث بينهما، نافياً أن يكون قد قبّل رأسه لاستجدائه أو امتصاص غضبه.
وأردف المتحدث أن التصريحات الصادرة عن طليقة بعيوي، وكذلك خالتها التي كانت ترافقها، هي تصريحات مغلوطة وتحمل تناقضات بين ما ورد في محاضر الضابطة القضائية وما جاء في محاضر قاضي التحقيق.
كما انتقد المعتقل المذكور طريقة تعامل الضابطة القضائية مع تصريحاته، وكذلك ما حدث خلال وجوده بمقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية للتحقيق معه، مشيراً إلى عدم حيادها. وأضاف أنه لاحظ وجود فقرة مضافة إلى محضر خاص به، تم نسخها من محضر سابق.

 

 

 


الكاتب : مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 27/01/2025