تطوير لقاح ضد كوفيد‮‬19‮ – ‬ هل‮ ‬يجري‮ ‬تحت ضغوط وأسرع مما‮ ‬يجب؟

‮ ‬إنها منافسة عالمية لا مثيل لها‮: ‬في‮ ‬السباق إلى توفير لقاح ضد كوفيد‮-‬19،‮ ‬لا‮ ‬يتعلق الأمر الرئيسي‮ ‬بالمشاركة بل بالفوز لأن الرهانات المالية هائلة‮. ‬لكن هناك حاجة للاحتراس من الدعاية وخيبة الأمل ومشكلات السلامة‮.‬

p ‬ما هو عدد اللقاحات؟
n في‮ ‬آخر إحاطة لها بتاريخ‮ ‬2‮ ‬تشرين الأول/أكتوبر،‮ ‬حددت منظمة الصحة العالمية‮ ‬42‮ «‬لقاحا مرشحا‮» ‬دخلت في‮ ‬تجارب سريرية على البشر حول العالم‮ (‬مقابل‮ ‬11‮ ‬في‮ ‬منتصف حزيران‮/‬يونيو‮).‬
بلغت عشرة من هذه اللقاحات التجريبية المرحلة الأكثر تقدما وهي‮ ‬المرحلة‮ ‬3،‮ ‬التي‮ ‬تقاس خلالها فعالية اللقاح على نطاق واسع على عشرات الآلاف من المتطوعين المنتشرين في‮ ‬عدة قارات‮.‬
من بينها،‮ ‬لقاح شركة موديرنا الأمريكية،‮ ‬والتحالف الألماني‮ ‬الأمريكي‮ ‬ب‮ ‬يونتك/فايزر والعديد من المختبرات الصينية ومشروع أوروبي‮ ‬بقيادة جامعة أكسفورد‮ (‬بالتعاون مع أسترازينيكا‮) ‬ولقاح سبتوتنيك-في‮ ‬الذي‮ ‬طوره معهد‮ ‬غاماليا الروسي‮ ‬بمشاركة وزارة الدفاع‮.‬
ما زالت اللقاحات التجريبية الأخرى في‮ ‬المرحلة الأولى،‮ ‬وهي‮ ‬مرحلة تقييم سلامة المنتج،‮ ‬أو المرحلة الثانية،‮ ‬حيث تستكشف فعاليته‮.‬
بالإضافة إلى التجارب التي‮ ‬بدأت بالفعل،‮ ‬أحصت منظمة الصحة العالمية‮ ‬151‮ ‬مشروع لقاح مرشحة في‮ ‬مرحلة التطوير قبل السريري‮.‬
‮p ‬ما هي‮ ‬التقنيات المستخدمة؟
n هناك طرق مختلفة،‮ ‬إما على أساس فئات اللقاحات التي‮ ‬ثبتت فعاليتها أو باستخدام تقنيات أكثر ابتكار ا‮.‬
تعمل بعض فرق البحث على تطوير أنواع تقليدية من اللقاحات التي‮ ‬تستخدم فيروسا‮ «‬ميتا‮ «: ‬هذه هي‮ ‬فئة اللقاحات‮ «‬المعطلة‮» (‬مثل لقاحات شركتي‮ ‬سينوفاك وسينوفارم الصينيتين‮). ‬وهناك أيضا ما‮ ‬يسمى بلقاحات‮ «‬الوحدة الفرعية‮» ‬التي‮ ‬تعتمد على البروتينات‮ (‬المستضدات‮) ‬التي‮ ‬تحفز على إحداث استجابة مناعية بدون الفيروس نفسه‮.‬
وتعد اللقاحات الأخرى،‮ ‬المعروفة باسم لقاحات‮ «‬الناقل الفيروسي‮»‬،‮ ‬أكثر ابتكارا لأنها تستخدم فيروسا آخر‮ ‬يتم تحويله وتكييفه لمحاربة كوفيد‮-‬19‮. ‬هذه هي‮ ‬التقنية التي‮ ‬اختارتها جامعة أكسفورد والروس والتي‮ ‬تستخدم فيروسات‮ ‬غدية‮ (‬عائلة من الفيروسات الشائعة جد ا‮).‬
أخير ا،‮ ‬تعتمد المشاريع المبتكرة الأخرى على لقاحات تحتوي‮ ‬على جزء من الحمض النووي‮ ‬للفيروس،‮ ‬وهي‮ ‬منتجات تجريبية تستخدم قطع ا من المواد الجينية المعدلة‮. ‬هذه هي‮ ‬الحال بالنسبة للقاحات التي‮ ‬تطورها موديرنا وب‮ ‬يونتك/فايزر‮.‬
وقال دانيال فلوريه نائب رئيس اللجنة الفنية للقاح في‮ ‬الهيئة الفرنسية العليا للصحة لوكالة فرانس برس‮ «‬كلما زاد عدد اللقاحات المرشحة والتقنيات المستخدمة،‮ ‬زادت احتمالية حصولنا على لقاح فعال‮ ‬يتحمله الجسم‮».‬

‮p ‬ما هي‮ ‬النتائج؟
n في‮ ‬الوقت الحالي‮ ‬نشرت النتائج الأولية فقط المتعلقة بالمرحلتين الأولى والثانية في‮ ‬مجلات علمية‮. ‬وآخرها ما نشر في‮ ‬4‮ ‬أيلول/سبتمبر في‮ ‬مجلة ذا لانست عن اللقاح الروسي‮.‬
ونشرت مقالات خلال الصيف عن لقاحات جامعة أكسفورد أو الصينية كانسينو أو موديرنا‮.‬
وتعتبر هذه النتائج بشكل عام مشجعة وتظهر أن اللقاحات المعنية تثير استجابة مناعية جيدة‮. ‬ومع ذلك،‮ ‬فمن المبكر جدا استخلاص أي‮ ‬استنتاجات‮.‬
ولمعرفة النتيجة،‮ «‬من الضروري‮ ‬إنهاء المرحلة الثالثة من التجارب وأن لا نبني‮ ‬التحليل على نتائج وسيطة،‮ ‬وكذلك على مسائل التحمل والفعالية‮»‬،‮ ‬كما قال عالم المناعة آلان فيشر لفرانس برس‮.‬
وهذا صحيح تماما إذ هناك الكثير من الأمور المجهولة حول آليات المناعة ضد كوفيد‮-‬19،‮ ‬مع بدء الإبلاغ‮ ‬عن عدد قليل من حالات الإصابة للمرة الثانية‮.‬

‮‮p ‬دائما أسرع؟
n في‮ ‬جميع أنحاء العالم،‮ ‬سرعت الإجراءات بطرق‮ ‬غير مسبوقة‮. ‬وتدور معركة عن بعد بين الصين والولايات المتحدة وروسيا‮. ‬ففي‮ ‬أوائل آب/أغسطس،‮ ‬أعلن الرئيس الروسي‮ ‬فلاديمير بوتين أن بلاده طورت أول لقاح ضد كوفيد‮-‬19‮ ‬حتى قبل نشر النتائج الأولية وبدء المرحلة‮ ‬3‮.‬
وكان دونالد ترامب‮ ‬يأمل في‮ ‬الموافقة على لقاح قبل الانتخابات الرئاسية في‮ ‬3‮ ‬تشرين الثاني‮/‬نوفمبر‮. ‬ولكن في‮ ‬أوائل تشرين الأول/أكتوبر،‮ ‬حددت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية‮ (‬اف دي‮ ‬إي‮ ) ‬معايير مدة التجارب التي‮ ‬جعلت من‮ ‬غير المرجح التوصل إلى نتيجة في‮ ‬الأسابيع المقبلة‮. ‬واستقبل الخبراء الأمر بسرور بعد أن ظنوا أن إدارة الغذاء والدواء ستستسلم للضغوط‮.‬
من الناحية الاقتصادية،‮ ‬بدأت الدول والمؤسسات الكبرى في‮ ‬جمع التبرعات الدولية‮. ‬ويسمح هذا للشركات بإعداد العملية الصناعية لتصنيع لقاحها في‮ ‬حين ما زالت تعمل على تطويره،‮ ‬وهما تكونان عادة مرحلتين منفصلتين‮.‬
وتوضح وكالة الأدوية الأوروبية على موقعها الإلكتروني‮: «‬ما‮ ‬يختلف في‮ ‬اللقاحات ضد كوفيد‮-‬19‮ ‬هو أن مدة التطوير والموافقة المحتملة أسرع بكثير بسبب حالة الطوارئ الصحية العامة‮».‬
‮‮p ‬السرعة مقابل السلامة؟
n وتقول وكالة الأدوية الأوروبية إن‮ «‬متطلبات سلامة لقاحات كوفيد‮-‬19‮ ‬هي‮ ‬نفسها بالنسبة لأي‮ ‬لقاح آخر ولن‮ ‬يتم تخفيضها بسبب الوباء‮».‬
ويؤكد دانيال فلوريه أن السير بسرعة كبيرة في‮ ‬التجارب السريرية‮ «‬يمكن أن‮ ‬يطرح مشكلة‮» ‬من حيث السلامة‮.‬
ويقول إن‮ «‬الكل‮ ‬يريد أن‮ ‬يكون اللقاح متاحا في‮ ‬ظروف جيدة في‮ ‬أسرع وقت ممكن،‮ ‬لكن‮ ‬يجب ألا نخلط بين السرعة والتسرع‮: ‬يجب أن نمنح أنفسنا الوقت لإجراء تحليل كامل وصارم وشفاف‮».‬
فقد علقت تجربتان في‮ ‬المرحلة الثالثة في‮ ‬الأسابيع الأخيرة لأسباب تتعلق بالسلامة‮. ‬في‮ ‬بداية شهر أيلول/سبتمبر،‮ ‬علقت تجربة أكسفورد/أسترازينيكا بسبب إصابة أحد المشاركين بالمرض دون مبرر واضح‮. ‬ثم استؤنفت بعد أيام قليلة في‮ ‬المملكة المتحدة ودول أخرى،‮ ‬ولكن ليس في‮ ‬الولايات المتحدة‮.‬1405
وأعلنت مجموعة‮ «‬جونسون أند جونسون‮» ‬الإثنين بدورها تعليق تجربتها‮ «‬بسبب مرض‮ ‬غير مبرر‮» ‬لدى أحد المشاركين‮.‬
في‮ ‬كلتا الحالتين،‮ ‬علقت التجربة لمعرفة ما إذا كان المرض على صلة باللقاح أو بأي‮ ‬شيء آخر‮. ‬ولهذا السبب لا‮ ‬ينبغي‮ ‬النظر إلى وقف التجربة على أنه خبر سيئ،‮ ‬بل على العكس فهو أمر مطمئن،‮ ‬بحسب الخبراء‮.‬
وقال البروفسور ستيفن إيفانز من مدرسة لندن للصحة وطب المناطق الحارة،‮ ‬كما نقل عنه مركز ساينس ميديا سنتر‮: «‬هذا‮ ‬يدل على أن عملية مراقبة سلامة المشاركين تسير على نحو جيد،‮ ‬ويدعو للثقة‮».‬
وللتوفيق بين السرعة والسلامة،‮ ‬أنشأت وكالة الأدوية الأوروبية إجراء معجل ا‮ ‬يسمح لها بفحص بيانات سلامة وفعالية اللقاحات عند نشرها،‮ ‬حتى قبل تقديم طلب رسمي‮ ‬بالسماح بتداولها من قبل الشركة المصنعة‮.‬
خضع مشروعان من مشاريع اللقاحات لهذه‮ «‬المراجعة المستمرة‮» ‬منذ أوائل تشرين الأول/أكتوبر،‮ ‬وهما مشروع أكسفورد/أسترازينيكا وب‮ ‬يونتك/فايزر‮. ‬وتأمل موديرنا أن تصبح الثالثة قريب ا‮.‬

‮p ‬متى سنحصل على لقاح؟
n تقول الوكالة الأوروبية للأدوية إنه‮ «‬من‮ ‬غير المعروف ما إذا كانت ستتم الموافقة على لقاحات مضادة لكوفيد‮-‬19‮ ‬والمدة التي‮ ‬سيستغرقها ذلك،‮ ‬لأنه من الصعب التنبؤ بجدول زمني‮».‬
لكن بعض شركات الأدوية التي‮ ‬لديها مصلحة اقتصادية في‮ ‬قول ذلك،‮ ‬تؤكد أن الأمر ممكن قبل نهاية عام‮ ‬2020‮.‬
وعلق عالم الأوبئة أرنو فونتانيه،‮ ‬عضو المجلس العلمي‮ ‬الذي‮ ‬يوجه الحكومة الفرنسية،‮ ‬على قناة‮ «‬أل سي‮ ‬إي‮»: «‬أعتقد أننا هنا،‮ ‬نعم،‮ ‬نسير بسرعة كبيرة جد ا‮. … ‬هناك الموافقات القانونية والإنتاج وكل هذا‮ ‬يجب أن‮ ‬يتبع‮. ‬لذلك في‮ ‬النصف الثاني‮ ‬من عام‮ ‬2021،‮ ‬بالنسبة لي،‮ ‬في‮ ‬أحسن الأحوال‮».‬
وأضاف دانيال فلوريه‮: «‬إذا وصلنا إلى هذه النقطة،‮ ‬فستكون بالفعل معجزة رائعة‮»‬،‮ ‬في‮ ‬حين‮ ‬يستغرق الأمر عادة عدة سنوات‮.‬
وفي‮ ‬أسوأ السيناريوهات،‮ ‬قد لا نتمكن مطلقا من تطوير لقاح‮.‬

‮p ‮ ‬هل هناك لقاح ضد الريبة؟
n حتى لو أعطت الأبحاث نتيجة بعد مدة قصيرة أو طويلة،‮ ‬فسيظل السؤال المطروح هو‮: ‬هل سيقبل الناس بأخذ اللقاح في‮ ‬ظل ازدياد عدم الثقة؟
أفادت دراسة نشرتها الأربعاء مجلة رويال سوساييتي‮ ‬اوبن ساينس البريطانية أن جزءا لا‮ ‬يستهان به من سكان بعض البلدان‮ ‬يؤمن بنظريات المؤامرة تجاه كوفيد‮-‬19‮ ‬وهذا‮ ‬يزيد عدم الثقة إزاء مسألة اللقاحات‮.‬
فعلى سبيل المثال،‮ ‬يؤمن‮ ‬22٪‮ ‬من المكسيكيين الذين شملتهم الدراسة بالادعاء الكاذب بأن الوباء‮ «‬جزء من خطة لفرض التطعيم على المستوى العالمي‮».‬
وهذه النظريات الخاطئة منتشرة على شبكات التواصل الاجتماعي‮.‬
وقال ساندر فان درل ندن،‮ ‬الباحث في‮ ‬علم النفس المجتمعي‮ ‬من جامعة كامبريدج وأحد معدي‮ ‬الدراسة‮: «‬يجب على الحكومات وشركات التكنولوجيا البحث عن طرق لتحسين الثقافة الإعلامية الرقمية بين السكان‮. ‬وإلا فإن تطوير لقاح قد لا‮ ‬يكون كافيا‮».‬05


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 20/10/2020