تعيين المدير الإقليمي للثقافة يثير قلق جمعيات مدنية وفاعلين ثقافيين بتطوان

 

لا تزال قضية تعيين المدير الإقليمي للثقافة بتطوان تلقي بظلالها على المشهد الثقافي وتثير تساؤلات المهتمين والمتتبعين للشأن الثقافي بالمدينة، وذلك على خلفية بعض الإجراءات والتدابير التي اتخذها، والتي تعاكس الوضع الثقافي بالمدينة وامتداداته المتعددة، كما أن هناك إرثا ثقيلا لهذا المسؤول أثناء تدبيره لقطاع الثقافة بمدينتي مكناس وسطات، حيث لم يعمر طويلا بهاتين المدينتين بحكم الاحتجاجات والانتقادات التي وجهت له ، لاسيما من طرف جمعيات المجتمع المدني وكذا  الموارد البشرية العاملة بالقطاع، الشيء الذي دفع آنذاك المكتب النقابي لقطاع الثقافة بمكناس، المنضوي تحت لواء النقابة الديمقراطية للشغل، إلى تنظيم وقفات احتجاجية نبه من خلالها إلى حالة الاحتقان التي تسود داخل المديرية، نتيجة لسلوكات هذا المسؤول في تعاطيه مع مطالب الشغيلة داخل القطاع، وكذا الركود الذي طال الوضع الثقافي بالمدينة، فلم تمر إلا ثلاثة أشهر على تعيينه بمدينة تطوان، حتى انتشرت بين الساكنة على تطبيق «واتساب» مقالات صحفية ومقاطع فيديو للوقفات الاحتجاجية التي أطاحت به من مكناس بعد توقف كل تظاهراتها الثقافية، وكذا تجاوزاته مع الموظفين، فضلا عن مقالات تشير إلى عجزه عن النهوض بقطاع الثقافة بمكناس وسطات. وعلى ضوء هذه المعطيات، سارعت عدة جمعيات من المجتمع المدني وفعاليات مدنية بتطوان والمضيق إلى توقيع عريضة استنكارية سلمت إلى السلطات المحلية تثير فيها عدة نقاط استفهام حول تعيين هذا المسؤول على رأس واحدة من أكبر المديريات الإقليمية للثقافة ببلادنا، والتي تضم خمسة أقاليم، والذي أبان عن عجز واضح في تدبير هذا القطاع، لاسيما وأن تطوان تعرف تظاهرات ثقافية وفنية دولية، وحسب مصادر مقربة من الشأن الثقافي بالمدينة، فإن عشرات الجمعيات والفنانين والمنشطين شرعوا في تنظيم تظاهراتهم ببنيات مستقلة أو تابعة للمعاهد الأجنبية عوض تنظيمها بفضاءات وزارة الثقافة بتطوان، كما أن النقابة الديموقراطية للثقافة، الأكثر تمثيلية التابعة للفيدرالية الديمقراطية للشغل، وفي بلاغها الأخير ليوم 20أكتوبر الجاري حول المستجدات الراهنة داخل القطاع، استنكرت الهجوم غير الواضح على مناضلي الفيدرالية الديمقراطية للشغل واستهداف الحوار الهادئ والرزين الذي تبنته النقابة منذ تأسيسها، بالرغم من تعرض بعض الموظفين في الفيدرالية على المستوى الجهوي لأبشع صور التعسف الإداري بكل من تطوان ، مكناس والدار البيضاء.
استمرار هذا الوضع، يضيف البلاغ، يسائل الإدارة الحالية بهذه المدن عن الجهات التي تعمل على «فبركة» الملفات الواهية وتزويد المسؤولين بمعلومات خاطئة تؤثر على السير العادي وتهدد التماسك الاجتماعي لعدد من الموظفين والموظفات، كما  أشار البلاغ إلى التعسفات التي تطالهم، وطالب بفتح حوار جدي لتحديد المسؤوليات وفضح كل التلاعبات التي تدفع إلى الاحتقان.
ويرى المراقبون والمهتمون بالوضع الثقافي بمدينة تطوان أن الرهانات الثقافية بالحمامة البيضاء كبيرة جدا؛ فهي تنتظر افتتاح بنيات جديدة كالمسرح الوطني المصلى، والمسرح الكبير بمرتيل؛ والذي يبدو جليا أن هذا المسؤول لا يمتلك أي تصور واضح بخصوص إدارتهما وتدبيرهما، كما أن المدينة مقبلة على تظاهرة عيد الكتاب التي تأجلت هذا الشهر بعدما تعذر على المدير الإقليمي الجديد وضع تصور متكامل ومنسجم للعمل؛ في ظل تشرذم الإدارة وانقسامها بفعل الجو المشحون الذي عمل على خلقه بين الموظفين، والذي يعد حدثا غير مسبوق في ظل إدارة عرفت دوما بالانسجام والتفاني في العمل.
كما أن تطوان تستعد لإقامة حدث المهرجان الدولي للعود، والذي سيعرف هذه السنة مرور ربع قرن على تأسيسه؛ ولكن يبدو بدوره مهددا بالإلغاء في ظل الوضع الثقافي المأزوم حاليا، فضلا عن مهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط ، والمهرجان الدولي للأشرطة المرسومة ناهيك عن أنشطة ثقافية كبرى تقام بالمدينة بعد تأسيس هيئة استشارية للثقافة من طرف جماعة تطوان، وبناء على هذه المعطيات، فإن هناك حالة من الترقب والتخوف من أن يتكرر بتطوان ما حدث بمكناس من وقفات احتجاجية، وشلل تام للتظاهرات الكبرى بها، بحيث لم تستعد مدينة الزيتون عافيتها إلا بعد رحيله عنها.


الكاتب : مكتب تطوان

  

بتاريخ : 28/10/2023