يخلّد المغرب وعلى غرار باقي دول العالم يومه الخميس، فعاليات اليوم العالمي للبيئة، الذي يشكل مناسبة للوقوف على الأشواط التي تم قطعها تشريعيا وعلى مستوى السياسات العمومية المتخذة، وكذا في الشقّ التوعوي والتحسيسي، دون إغفال البعد الوقائي، لضمان حماية البيئة والحدّ من المخاطر التي تتهددها والتي تكون لها تبعاتها المتعددة على الصحة العامة.
وإذا كانت هناك مسافات واضحة بكل تأكيد تم قطعها في هذا الباب، فإن مجموعة من الممارسات الضارة لاتزال تستهدف البيئة والمناخ، صناعيا واقتصاديا، وعلى مستوى السلوكات الفردية وحتى الجماعية للكثير من المواطنين، وهو ما تعكسه وضعية الشوارع والأزقة في كثير من الحالات، التي يجعل البعض من إسفلتها «مكبّا» للقمامة، سواء منها المنزلية أو الهامدة، بل وحتى في بعض الحالات تلك التي يجب أن تعالج علاجا خاصا نظرا لسمّيتها، بالرغم من أن الوزارة الوصية على هذا القطاع، تؤكد على أن البرنامج الوطني لتدبير النفايات المنزلية خلال الفترة 2008-2022، قد مكّن من تحقيق تقدم ملموس، من خلال رفع نسبة الجمع إلى 96 في المئة، وتأهيل 67 مطرحا عشوائيا، وإنجاز 53 مخططًا مديريا، باستثمار إجمالي بلغ 21 مليار درهم، منها 3.1 مليارات درهم ساهم بها قطاع التنمية المستدامة، علما بأن مشكل المطارح يعرفه الخاص والعام في كثير من المدن، ولعلّ شهدته الدارالبيضاء في ارتباط بمطرح مديونة ومشاكله لأبلغ دليل على هذا الإشكال.
وتعتبر الشواطئ هي الأخرى مجالا من المجالات التي تكشف عن واقع بيئي قاتم، فعدد منها تتجه إليه المقذوفات المختلفة ومياه الصرف الصحي، وتحولت المناطق التي كانت إلى وقت قريب «قروية» المحاذية لها، والتي زحف الإسمنت على عدد منها إلى بؤر لنشر الروائح النتنة والإضرار بالبيئة، والرفع من منسوب الحشرات الضارة، وغيرها من النقاط السوداء، والتي من بينها ما تعرفه نواحي بوزنيقة، على سبيل المثال لا الحصر، هاته الأخيرة التي يحصل شاطئها على اللواء الأزرق؟
ويعتبر استمرار حضور البلاستيك في رمال عدد من الشواطئ، وفي مياه بحارها، وفي الشارع العام، إلى جانب التداول الواسع لأكياس البلاستيك مشكلا عويضا يطرح أكثر من علامة استفهام، نظرا للحملة القوية التي عرفها الموضوع الذي تم تأطيره قانونيا، بالرغم من تبعاته الاجتماعية على فئات مهمة من العاملين في المجال، إلا أن واقع الحال أكد بأنه رغم الحملات التي يتم القيام بها، والبيانات التي تكشف عن وضع اليد على مصانع سرية لها وعن حجز كميات مهمة، فإنها تفرض نفسها بقوة، لارتباطها بطقوس يومية معيشية للكثير من المواطنين، بالرغم من أضرارها والزمن الذي يتطلبه تحلّلها!
وبالعودة إلى رمال الشواطئ ومياه الاستحمام، فإنه رغم ما توقف عنده التقرير الوطني الأخير من ارتفاع لنسبة الشواطئ ذات المياه المطابقة لمعايير الاستحمام إلى 93 بالمئة مقارنة بـ 88 بالمئة سنة 2021، وبأن 7 بالمئة من الشواطئ أو محطات الرصد غير مطابقة للمعايير، فإن ما شهدته عدد من الشواطئ في إطار حملات تحرير الملك البحري، فرضت واقعا بيئيا مريرا على الكثير منها، وأضحى الولوج إليها صعبا، فبالأحرى الاستجمام في رمالها أو السباحة في مياهها، التي يعاني الكثير منها من التلوث القسري، الذي عممته الجرّافات ومعاول الهدم؟
تفرض تحديات كثيرة وتتطلب رفعا للوعي الجماعي : النفايات الهامدة، أكياس البلاستيك، الصرف الصحي وغيرها .. ملوثات تضر بالبيئة وبالصحة العامة

الكاتب : وحيد مبارك
بتاريخ : 05/06/2025