بالنسبة لملك المغرب محمد السادس، يمكن أن يسجل هذا الصيف من سنة 2024 في التاريخ الدبلوماسي المغربي، كيف لا وقد التحقت العديد من الدولة الكبرى (آخرها فرنسا) بركب المعترفين بمشروعية مطالب المملكة في فرض سيادتها على أقاليمها الصحراوية الجنوبية.
وعلى مدى خمسة عقود، كانت منطقة الصحراء في قلب صراع مشتد(لم يكن من المتوقع أنه قد ينتهي على المدى القريب) بين المغرب والجزائر، لكونها منطقة تعد غنية بالفوسفاط وتتمتع بمنفذ مباشر إلى المحيط الأطلسي.نتيجة لهذا النزاع المستمر، اشتبك المغرب والجزائر مرارا وتكرارا وقطعت الجزائر العلاقات مع المغرب في عام 2020.
وعلى مدى السنوات الماضية، اكتسب المغرب المزيد والمزيد من الدعم لمطالبته في المنطقة، والذي تكلل هذا الصيف بتغيير فرنسا موقفها الدبلوماسي أيضا. وبمناسبة الذكرى ال25 لتتويج الملك محمد السادس، تلقى الملك رسالة تهنئة من الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» قال فيها إنه «من الآن فصاعدا، ستدعم فرنسا خطة المغرب للصحراء الغربية».تشمل هذه الخطة المغربية، التي اقترحتها الرباط في البداية في عام 2007، «إنشاء مؤسسات سياسية مستقلة في المنطقة»، فضلا عن «دفع التنمية الاقتصادية بما في ذلك ميناء في المحيط الأطلسي»، تحت إشراف مغربي…
تقول «سارة زعيمي» (الباحثة ونائبة مدير الاتصالات في المجلس الأطلسي ومقره واشنطن) إن «اعتراف فرنسا هو خطوة رمزية للغاية قد تحسم مصير نزاع الصحراء الغربية». من جهته يرى «توماس إم. هيل»، مدير «برامج شمال أفريقيا» في «معهد الولايات المتحدة للسلام» (مقره واشنطن) إن «نزاع الصحراء «انتهى» وأن حركة البوليساريو لم يبق أمامها خيار سوى القبول في نهاية المطاف بشكل من أشكال الحكم الذاتي داخل المغرب».
وحسب الكاتب، فإن فرنسا، والتحاقها بركب المعترفين بمشروعية المطلب المغربي، ليست سوى أحدث دولة تعترف بمنطقة الصحراء كأرض مغربية، أوكما فعلت إسبانيا ذلك في عام 2022، وسبقتهما الولايات المتحدة في عام 2020.
وسعت دول الخليج ومختلف الدول الإفريقية ومعها أمريكا اللاتينية، إلى اعتبار الصحراء مغربية أيضا، في حين توقف الدعم للبوليساريو.
ولدى فرنسا أيضا «مستوى عال من الاهتمام بتجنب فراغ السلطة في المنطقة المضطربة بشكل متزايد والتي تشمل دولا غير مستقرة ومتحاربة مثل ليبيا والسودان»، وذكرت أليس جاور»، مديرة «الجغرافيا السياسية والأمن» في شركة الاستشارات «أزور ستراتيجي» (تتخذ من لندن مقرا لها)، أن «ماكرون ، الذي يعاني في السنوات الأخيرة وسط تزايد النفوذ الروسي والإيراني في الجزائر المجاورة، والمخاوف الأمنية الأوسع في جميع أنحاء منطقة الساحل، يرغب في دعم المغرب «.
الضغط السياسي الجزائري
ومع ذلك، فإن قرار فرنسا لديه أيضا القدرة على «إلقاء الجزائر أكثر في أحضان المحور الروسي الإيراني، ودفع الجزائر إلى خطوة مضادة، لا سيما في ضوء الانتخابات الرئاسية المقبلة في أوائل شتنبر»، كما ذكر الزعيمي من المجلس الأطلسي لصالح»DW».
عن موقع «DW» بتصرف