تقرير اقتصادي دولي يبقي المغرب في منطقة «المخاطر المرتفعة نسبيا»

بسبب البنية الهشة للنسيج الاقتصادي المكون في معظمه من مقاولات صغيرة وغير مهيكلة

 

أكد تصنيف جديد أعدته مؤسسة «كوفاس» أن المغرب لا يزال يصنف ضمن الدول ذات «المخاطر المرتفعة نسبيا» فيما يخص سداد مستحقات الشركات، محافظا بذلك على درجته «B» في تقرير يونيو 2025، وهو التصنيف الخامس ضمن سلم من ثماني درجات، يبدأ بـ»A1» (مخاطر ضعيفة جدا) وينتهي بـ»E» (مخاطر قصوى).
التقرير، الذي يغطي 160 دولة ويستند إلى مؤشرات الاقتصاد الكلي وسلوكيات الأداء لدى الشركات، صدر في لحظة دقيقة من التحولات الدولية، حيث يواجه الاقتصاد العالمي مرحلة من عدم الاستقرار العميق في ظل التصعيد الجمركي الأمريكي المتسارع، وتوترات جيوسياسية خطيرة في الشرق الأوسط، ما يضع آفاق النمو العالمي على المحك. ويتوقع محللو «كوفاس» تباطؤا حادا في النمو العالمي قد يدفعه إلى ما دون 2% خلال عام 2026.
في هذا السياق، خفضت المؤسسة تصنيف أربع دول و23 قطاعا حول العالم. ومع أن المغرب نجا من خفض التصنيف، إلا أن احتفاظه بمستوى «B» لا يعد مكسبا بحد ذاته، بل يؤشر إلى بقاء الاقتصاد الوطني في منطقة رمادية تراوح بين الاستقرار الهش والانكشاف المتواصل على المخاطر. وتفسر «كوفاس» هذا الوضع بالبنية الهيكلية الهشة للنسيج الاقتصادي، المكون في نحو 90% منه من مقاولات متناهية الصغر، نسبة كبيرة منها تنشط في القطاع غير المهيكل، مما يجعلها أكثر عرضة للصدمات وأقل قدرة على امتصاصها.
اللافت أن عددا من الدول المصنفة سابقا ضمن مستويات شبيهة بالمغرب تمكنت من تحسين تصنيفها أو الصعود بدرجة واحدة على الأقل، منها الهند التي استفادت من طفرة استثمارية قبل نهاية السنة المالية، وبولندا التي سجلت تسارعا في وتيرة الاستثمار بفضل تدفقات صناديق الاتحاد الأوربي. كما نجحت دول من إفريقيا جنوب الصحراء مثل نيجيريا في الحفاظ على استقرار تصنيفها بفضل إصلاحات مالية ورفع قدرة البلاد على تكرير النفط داخليا، فيما واصلت دول الخليج تعزيز موقعها في الخريطة الائتمانية بفضل التنويع الاقتصادي والسياسات الموجهة لجذب الاستثمارات.
في المقابل، لا يزال المغرب يراهن على خطاب رسمي يدعو إلى «تحفيز الاستثمار الخاص» و»تعزيز دور المقاولة»، دون أن يواكبه إصلاح هيكلي واسع يعالج جذور الهشاشة. كما أن تأثير القطاعات المصدرة أو المتطورة تكنولوجيا لا يزال محدودا على المؤشر العام للمخاطر، بسبب اتساع الفجوة بين الاقتصاد الحديث والقطاع غير المهيكل، وبطء انتقال التأثير إلى باقي حلقات الاقتصاد المحلي.
ويضع هذا الواقع صناع القرار أمام تحديات تتعلق بفعالية السياسات العمومية في تحسين مناخ الأعمال، وتسهيل الولوج إلى التمويل، وتوسيع قاعدة الشركات القادرة على المنافسة، ناهيك عن ضرورة تقليص الاعتماد على قطاعات ظرفية والتوجه نحو هيكلة اقتصادية متماسكة. فتجاوز تصنيف «B» لن يتحقق عبر الصمود السلبي، بل يتطلب تغييرا عميقا في قواعد اللعبة الاقتصادية بما يضمن متانة النسيج الإنتاجي واستدامة النمو ومرونة المقاولات.
ويذكر أن استمرار المغرب في خانة «المخاطر المرتفعة نسبيا» لا يعكس فقط نقاط ضعف بنيوية، بل يمثل أيضا إنذارا ضمنيا من المؤسسات المالية الدولية بضرورة تدارك الأعطاب المزمنة قبل أن يتحول التراخي إلى كلفة باهظة، ليس فقط على مستوى التصنيف، بل على مستوى قدرة الاقتصاد المغربي على التأقلم التغيرات الكبرى التي يشهدها الاقتصاد العالمي.

 


الكاتب : عمادعادل

  

بتاريخ : 02/07/2025