عدد القوارب المستعملة للشباك المحظورة وصل إلى 843 قاربا في 2024 مقارنة بـ370 في 2010
اصطياد أكثر من 500 طن من الأسماك المهددة بالانقراض سنويا يعجل بانهيار النظم البيئية البحرية
حجم الصيد الجائر باستخدام الشباك المحظورة يصل إلى 37 % من إجمالي الأسماك التي يتم صيدها
وجه تقرير حديث أنجزته منظمة العدالة البيئية (EJF) الموجود مقرها في المملكة المتحدة، اتهامات متعددة للحكومة المغربية بسبب تقاعسها في حماية الثروة السمكية والتنوع البيولوجي البحري، باتخاذ إجراءات صارمة لحظر استخدام الشباك العائمة غير القانونية التي تهدد الحياة البحرية. وأكد التقرير أن السلطات لم تفِ بالتزاماتها فيما يتعلق بتطبيق القوانين الوطنية والدولية الرامية إلى الحد من الصيد الجائر، مما يعرض المخزون السمكي للخطر ويهدد سبل عيش آلاف الصيادين.
ودعا التقرير المعنون (جدران الموت: صيد الأسماك غير المشروع بالشباك العائمة في البحر الأبيض المتوسط) الحكومة المغربية، وعلى رأسها الوزارة الوصية على قطاع الصيد البحري، إلى تشديد الرقابة على الموانئ وتطبيق القوانين بحزم، مع فرض عقوبات صارمة على المخالفين. كما أوصى بتوفير دعم مالي وتقني للصيادين لمساعدتهم على التحول إلى وسائل صيد أكثر استدامة، إضافة إلى تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي لضمان التزام الواردات السمكية بالمعايير البيئية والقانونية. كما شدد التقرير على ضرورة توعية الصيادين بالمخاطر البيئية الناجمة عن الصيد الجائر والعمل على خلق فرص اقتصادية بديلة في المناطق الساحلية التي تعتمد على الصيد كمصدر رئيسي للدخل.
وتعتبر هذه الممارسة تهديدا كبيرا للحياة البحرية في المغرب، حيث تؤدي إلى صيد غير انتقائي يشمل أنواعا مهددة بالانقراض مثل السلاحف البحرية، الدلافين وأسماك القرش. ورغم الحظر المفروض منذ عام 2010 على استخدام الشباك العائمة في المغرب، فإن تقرير المؤسسة يؤكد أن هذه التقنية لا تزال تستخدم على نطاق واسع، لا سيما في بحر البوران شمال المملكة. هذا الوضع تفاقم بسبب ضعف الرقابة وغياب بدائل اقتصادية ملائمة للصيادين، فضلاً عن الطلب المتزايد على الأسماك في الأسواق الأوروبية، حيث تصدر كميات كبيرة من الأسماك المصطادة بهذه الطريقة إلى الاتحاد الأوروبي، مما يعكس وجود فجوات خطيرة في عمليات التفتيش والرقابة.
وتشير الإحصائيات إلى أن حجم الصيد الجائر باستخدام هذه الشباك قد يصل إلى 37% من إجمالي الأسماك التي يتم صيدها، مما يؤدي إلى خسائر فادحة في التنوع البيولوجي. وتشير التقديرات إلى أن نحو 10000 دلفين تُقتل سنويا بسبب هذه الممارسة، فيما انخفضت أعداد السلاحف البحرية بنسبة 60% خلال العقود الثلاثة الأخيرة. وبالإضافة إلى ذلك، يتم اصطياد أكثر من 500 طن من الأسماك المهددة بالانقراض سنويا، مما يعجل بانهيار النظم البيئية البحرية.
وازداد عدد القوارب الصغيرة التي تعتمد على الشباك العائمة بشكل ملحوظ، حيث وصل عددها إلى 843 قاربا في عام 2024 مقارنة بـ370 فقط قبل فرض الحظر في عام 2010. كما أن طول هذه الشباك يتراوح بين 3 إلى 10 كيلومترات، ما يجعلها شديدة الخطورة في استنزاف الموارد السمكية. ويتسبب الصيد الجائر في تراجع المخزون السمكي للمغرب بنسبة 2.5% سنويا، وهو ما يهدد الأمن الغذائي لآلاف الصيادين المغاربة الذين يعتمدون على البحر كمصدر رئيسي للدخل.
على الصعيد الاقتصادي، يواجه الصيادون المغاربة تحديات جسيمة تدفعهم إلى اللجوء إلى الصيد غير القانوني. فقد أدت التداعيات الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا، إلى تدهور أوضاعهم المعيشية. وتشير الإحصائيات إلى أن قطاع الصيد البحري في المغرب يشغل أكثر من 170000 شخص، وتشكل صادرات الأسماك نحو 7% من إجمالي الصادرات الوطنية. ومع ذلك، يتسبب الصيد غير القانوني في خسائر تقدر بنحو 100 مليون دولار سنويا بسبب التهريب والممارسات غير المستدامة.
ويكشف التقرير عن صورة قاتمة لاستمرار الصيد الجائر في المغرب رغم القوانين المنظمة، مما يستدعي تحركا عاجلا من قبل الحكومة والجهات الدولية المعنية لحماية الموارد البحرية وضمان استدامتها للأجيال القادمة. القضاء على هذه الممارسات لن يكون ممكنا إلا عبر مقاربة شاملة تجمع بين التطبيق الصارم للقوانين، وتوفير بدائل اقتصادية واقعية، وتعزيز الوعي البيئي لدى المجتمعات المعنية.