تم يوم 13 نونبر الماضي، بمدرج جميلة هاشيم بـكلية الطب والصيدلة بمدينة الدار البيضاء، الاحتفاء بالدكتور عمر البطاس ومسيرته الحافلة بالنضال من أجل حقوق الإنسان وضحايا التعذيب. وتم تسليط الضوء على مساهماته الكبيرة في مجال حقوق الإنسان والعمل الإنساني في المغرب، إلى جانب التزامه الثابت بحقوق الإنسان ودعمه لضحايا الانتهاكات الجسيمة، وللتذكير، يُعد الدكتور عمر البطاس طبيبا وناشطا بارزا في مجال حقوق الإنسان، حيث تمتد مسيرته المهنية لأكثر من 25 عاما في حماية حقوق الإنسان، خاصة في دعم ضحايا التعذيب والعنف. وقد تُوجت هذه الجهود بانتخابه خبيرا في الأمم المتحدة ضمن اللجنة الفرعية لمنع التعذيب، وهي هيئة معاهدات أُنشئت بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.
شهادات مميزة تكرم 25 عاما من العطاء!
يقول الدكتور عمر البطاس حول تكريمه: «هذا الاعتراف القوي، القادم من جميع الإخوة والأطباء والأصدقاء الذين جاؤوا من جميع أنحاء المغرب، مبادرة أسعدتني ولم أكن أتوقعها! حيث إن الجميل في ثقافتنا هو ثقافة الاعتراف. اليوم، سعدت كثيرا بتتويج هذه السنوات الـ25 من العمل الدؤوب، وبشغف لا يزال قائما منذ بداياتي إلى اليوم، والذي زاده بهاء هذا التكريم، والذي صاحبه انتخابي خبيرا في الأمم المتحدة في اللجنة الفرعية لمنع التعذيب»، وأردف قائلا : «إن نصيحتي اليوم، للجيل الجديد – والتي قد تبدو قديمة لا تتوافق مع نهج حياتهم – أن يتخذوا من الكتاب جليسا وصاحبا لهم!».
وفي شهادته في حق عمر البطاس قال المحجوب الهيبة، الأمين العام السابق للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان: «صديقي العزيز الدكتور عمر البطاس، بالإضافة إلى منصبه المهني كأستاذ بهذه الكلية (كلية الطب والصيدلة – الدار البيضاء)، هو رجل حقوقي بامتياز، لأنه ساهم في عدة مسارات لحماية حقوق الإنسان وحرياته، خاصة في ما يتعلق بدعم ومرافقة ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الماضي.
لقد تشرفت بمعرفته خلال عمله في لجنة الإنصاف والمصالحة، وعندما كنت أمينا عاما للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. لقد ساهم أيضا في زيارات السجون والتدريب المستمر للعاملين والموظفات في إدارة السجون من خلال أنشطة مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، وقد توج مسيرته بانتخابه في أكتوبر كعضو وخبير في لجنة الأمم المتحدة الفرعية لمنع التعذيب بوصفها هيئة من هيئات المعاهدات المنشأة بموجب البروتوكول الإضافي لاتفاقية مناهضة التعذيب (وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة)، والتي تشمل كلية الطب والجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا العنف والتعذيب. وهو يستحق أكثر من ذلك، بالنظر لما قدمه وما يقدمه لبلده، وما يقدمه الآن للأمم المتحدة».
من جهته، تحدث عبد الكريم المانوزي، الكاتب العام للجمعية الطبية بإعادة تأهيل ضحايا العنف وسوء المعاملة عن الدكتور البطاس قائلا : «اليوم، أكرم البروفيسور الدكتور عمر البطاس، الذي يعتبر رمزا مميزا في مجال مناهضة التعذيب وحقوق الإنسان». وكانت هناك شهادات أخرى في حق الدكتور عمر البطاس أبرزها ما كتبه أحد الأشخاص الذين عملوا في هذه الشبكة لإعادة تثقيف ضحايا العنف والإساءة لأكثر من 30 عاما، من كون المحتفى به: «ناشطا حقوقيا بارزا، كان دائما إلى جانب ضحايا الانتهاكات وإلى جانب الأطباء الذين أنشأوا هذه الشبكة منذ ما يقرب من 22 عاما.. لقد أبرز عمر البطاس دور مؤسستنا هذه، التي أعادت لضحايا العنف وسوء المعاملة ثقتهم في أنفسهم، والتي كان مسؤولا فيها عن الوحدة النفسية والطبية التي استطاعت، منذ ما يقرب من 20 عاما، مواكبة كل المخلفات النفسية لهؤلاء الضحايا، وكذلك العلاج النفسي من خلال جلسات مكنت هؤلاء الأشخاص من التغلب على المعاناة النفسية التي عاشوها. نحن فخورون جدا بانتخابه خبيرا في فرع الأمم المتحدة المعني بمنع التعذيب، والذي هو تكريم أيضا لجمعيتنا وشرف لبلدنا ورد جميل لمهنة الدفاع عن حقوق الإنسان. إن عمله ونشاطه الحقوقي، كان دفعة للتعريف بالمغرب كبلد خال من التعذيب، أي بلد الحقوق والقانون، بلد الازدهار الاجتماعي والحرية».
وفي شهادته قال الحبيب بلكوش، رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديموقراطية إن: « تكريم الدكتور عمر البطاس هو في الواقع شهادة لرجل وعطاء كبير سواء في مجال التدريب المهني على المستوى الطبي في كلية الطب بالدار البيضاء أو في مجال التربية المهنية في نفس المؤسسة التعليمية، وهو كذلك تقدير لمستواه الوظيفي العالي في العديد من المنظمات الحقوقية وداخل المؤسسات الوطنية، بما في ذلك، بالطبع، العمل المتميز في دعم والنضال من أجل ضحايا التعذيب المستمر منذ 25 عاما».
وواصل القول: «إن هذه السنوات الـ25، هي بصمة مميزة في مسيرة عطاء وتفاني في خدمة ضحايا التعذيب وفي العمل الحقوقي في المملكة، من خلال مركز دراسات حقوق الإنسان والبرامج التكوينية التي شملت أطباء السجون ومديري السجون والقضاة والمسؤولين الأمنيين وما إلى ذلك، والتي هي شهادة مميزة في حقه ليس من جانب التدريب والتكوين فقط، بل أيضا من جانب الإنتاج العلمي من خلال الدراسات التي تم إنجازها في هذا الإطار، والتي ربما كرست مسار الخبرة التي اكتسبها سواء ضمن هيئة الإنصاف والمصالحة أو ضمن الجمعيات الأخرى التي عمل فيها لتقديم المساعدة للضحايا.. إن مسار البروفيسور عمر البطاس، هو اعتراف بالتجربة المغربية التي تراكمت وبلغت ذروتها على الصعيد الدولي باختياره خبيرا في اللجنة الفرعية لمنع التعذيب. نحن فخورون بذلك، وأيضا بكونه جزءا من التجربة المغربية التي ستنشر، بلا شك، على المستوى الدولي».
للإشارة، فقد شمل عمل الدكتور عمر البطاس المتميز كونه جزءا من الفريق الذي أنشأ مركز دراسات حقوق الإنسان، الذي عمل على تنفيذ برامج لأطباء السجون ومديريها، كما تشمل أنشطته المستمرة زيارات السجون وبرامج التدريب لموظفي مؤسسات السجون من خلال مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية. في نفس السياق، يعد اختيار عمر البطاس خبيرا دوليا في مناهضة التعذيب، دليلا على قوة الخبرات المغربية المتراكمة في مجال حقوق الإنسان والمجالات الطبية المرتبطة بالتعذيب وغيره، مما يعكس التقدم الذي أحرزته البلاد على الساحة العالمية في هذا المجال.