تكريم  الفاعلة الجمعوية زهور العلمي بمهرجان أنديفيلم

 

دأبت جمعية أنديفيلم على اختيار شخصيتين بارزتين لتكريمهما في كل دورة من دورات مهرجانها السنوي المتخصص في السينما والإعاقة: الشخصية الأولى سينمائية والثانية جمعوية منشغلة بقضايا الإعاقة. وهكذا شهد حفل افتتاح الدورة 15 لمهرجان أنديفيلم تكريم الممثلة السينمائية سليمة بنمومن، كما شهد حفل اختتامها تكريم الفاعلة الجمعوية الحاجة زهور العلمي.
ومعلوم أن هذه الأخيرة سيدة رائدة في خدمة قضية الإعاقة بالمغرب، حيث بدأت حياتها المهنية في خدمة الأطفال ضمن عصبة حماية الطفولة على امتداد ما يزيد على عقد من الزمان، ثم اشتغلت بعد ذلك في مناصب مختلفة لها علاقة مباشرة بالأطفال الذين يعانون من بعض الصعوبات، خاصة ثلاثي الصبغي، وهي ما تزال بعد تقاعدها تشغل منصب نائبة رئيس الجمعية المغربية لمساندة الأشخاص ذوي التثلث الصبغي (أمسات)،  والتي عهدت إليها بها مسؤولية الخدمة الاستشارية طيلة سنوات. وقد طبعت بحضورها وتفانيها قلوب العديد من الأجيال والأقارب.
الشهادة التي ألقاها في حقها نجيب عمور، رئيس جمعية «أمسات»، بقاعة سينما النهضة بالرباط يقول فيها
«من أجل الاهتمام بأطفال الاخرين، ينبغي، بالإضافة إلى امتلاك البيداغوجيا، التحلي بصفات أخرى، بالتعاطف وبحب الآخرين وبروح التضحية.
ذكرت ذلك لأن الحاجة زهور، يقول قبل أن تكون عضوا بالغ الأهمية في الأمسات، اضطلعت في بداية مسارها المهني بالأطفال الصغارالعاديين، وقد ظهر مزاج شخصيتها الكريمة والمرهفة الحس منذ تلك المهمة. ولما التحقت بمؤسستنا التي تتعهد ثلاثيي الصبغيات بالرعاية لتولي منصب المديرة، اضطلعت بمهمة استقبال الأسر التي تنجب طفلا ثلاثي الصبغيات، إن هذا الأمر يعتبر كارثة حقيقية بالنسبة لتلك الأسر التي لم تكن تتوقع العمل الشاق المترتب عن ذلك، إذ ينبغي اعتبار إحباط تلك الأسر بكل أبعاده، ثم الحوار وتضميد الجراح وإيجاد الكلمات المناسبة لتقبل الأمر الواقع.
لما تتحدث الحاجة عن الدموع التي ذرفتها مع تلك الأسر، فإننا يضيف نفهم بشكل أحسن صعوبة المهمة. لكنها كانت تفلح في تزويد تلك العائلات بالطاقة اللازمة من الأمل باقتراح خارطة طريق ومسارات من أجل مشاريع حياة.
وموازاة مع استقبال تلك الأسر، فقد سهرت على إدارة فرقنا البيداغوجية يوضح نجيب عمور في ظروف مادية لم تكن دائما سهلة. أتذكر الشقة الكائنة بزنقة آسفي، تلك الشقة الضيقة والتي لم تكن تتسع لاستقبال أسر الأطفال ولتكديس المعدات البيداغوجية.
ومع ذلك، فقد كانت تنجز مهمتها على أحسن ما يرام والابتسامة تعلو محياها. كانت دائما توصي الفرق والأسر والأشخاص المختلفين بالتحمل، مرددة كلمة الصبر التي تعني المقاومة.
وقد تكونت في مؤسستنا مع مر السنين روح ميالة لاحترام الآخر كيفما كان، وخصوصا إذا كان مختلفا.
وقد ساهمت الحاجة بالطبع في صياغة هاته الروح وفي تطبيقها في وقت لم يكن النظر إلى الاختلاف مطبوعا بالتسامح والتقبل.
هي سيدة ذات كفاءة عالية، وطيبة الخلق، نذرت حياتها المهنية للآخرين. وقد أبانت خلال مسارها المهني عن رباطة جأش حتى تجاه أحداث درامية عايشتها.
إذا كان لي أن أقارن مسارها، يقول نجيب عمور فإنني سأقول بأن مسارها المهني الذي نذرته للقضية التي آمنت بها هو بمثابة قطرة ماء. وكما قال الكاتب لاو شي: «إن شجاعة قطرة الماء يكمن في جرأتها على السقوط في الصحراء». سأختم بقولة للشاعر جاك بيرتان والذي أحبه وكثيرا ما استشهدت به، وهي متعلقة بالأطفال الذين تسهر عليهم،يقول فيها : «كنت الطفل الذي يعدو أقل
كنت الطفل الذي يظن نفسه أقل جمالا
كنت أحيا منذئذ في صفحات بيضاء
أبحث فيها عن قطرات ماء
يتجسد أمامنا الدفاع عن قضيتنا في السيدة الحاجة زهور، ويختم شهادته بالقول أود أن أقول بأننا في هاته القاعة كثيرون وفخورون بأن نكون من ضمن أصدقائك. «


الكاتب :   أحمد سيجلماسي

  

بتاريخ : 20/12/2022