تكوين أساتذة الغد … أي مسار وأي جودة!

 

أكدت الدراسات الحديثة أن تكوين المدرسين من بين العوامل الأساسية التي تساهم في نجاعة المنظومة التعليمية، ففي الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الهادفة إلى مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء، حظي تكوين المدرسين بأهمية كبرى حيث دعا المجلس إلى الحرص على تطوير التكوين في اتجاه دعم التخصص، لا سيما بالتعليم الابتدائي (الرافعة التاسعة ص25).
لكن برامج تكوين المدرسين في المغرب حسب الخبير في علوم التربية، رسمي عزيز، ما زالت تعاني من ضعف الفعالية وانعدام الارتباط بالاحتياجات الحقيقية للمدرسين ومخرجات التعلم لدى المتعلمين، وهذا راجع بالأساس للخصاص الحاصل بالمراكز الجهوية في مكونين ذوي اختصاصات متنوعة ودقيقة(الفصل الدراسي، التقويم بالكفايات، صعوبات التعلم…) تمكن من إعداد مدرسين ذوي الكفايات المهنية العالية.
وأضاف المتحدث، في تصريح لجريدة الاتحاد الاشتراكي، «أن هذه المراكز لا تقدم برامج تكوين مناسبة لمدرسيها، مقتصرة على وحدات مكررة ونمطية تضع المدرس في قالب ضيق بدل أن تفتح مداركه».
وكانت دراسة قامت بها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية سنة 2014 قد كشفت أن %87 من الأساتذة المتدربين و%70 من الأساتذة المزاولين، يعتبرون أن تكوينهم الأساسي غير كاف لتلبية متطلبات المهنة، نفس النتيجة توصل إليها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بعد بحث أجراه في تقرير صادر السنة الفارطة بعنوان «مهنة الاستاذ(ة) في المغرب على ضوء المقارنة الدولية»، حيث أشار إلى أن هذا الاستياء تعود أسبابه لمدة التكوين التي اعتبرها المستجوبون غير كافية، نظرا لكثافة برنامج التكوين وصعوبة استيعابه في المدة المقررة.
وللإشارة فإن التكويــن يســتغرق في هــذه المراكــز سنة واحدة، ينقسم إلى تكوين نظري (%40 )، وآخر عملي (%60)، لكن هذه الأرقام قد لا تعكس الواقع وهو ما أكده تصريح نقله المجلس في التقرير السالف الذكر عن مدير لأحد المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، الذي أفاد أن التداريب العملية لا تمثــل حقيقة ســوى %20 من التكوين، فيما اشتكى العديد مــن الأســاتذة من ضعف التزام المؤطرين بالتداريب العملية (الفصل الأول: تكوين الأساتذة ص22).
وبالرجوع إلى رسمي عزيز الخبير التربوي، فإنه على الرغم من أهمية التدريب الكبيرة في إعداد مدرسين ذوي كفاءة عالية، إلا أن مراكز التكوين لا توليه نفس الأهمية، وعموما فإن الاختلالات التي تشوب التداريب الميدانية تتمثل في قصر الحيز الزمني المخصص للتداريب الميدانية، وضعف جودة التأطير مع اعتماد مقاربة بيداغوجية كلاسيكية، بينما الدول التي عرفت تطورا في هذا الميدان أولت أهمية كبيرة للتداريب الميدانية من تأطير وتتبع وتقويم كما تبنت مقاربة بيداغوجية حديثة (التكوين بالتناوب طيلة المددة المخصصة).
(*) صحفي متدرب


الكاتب : تومي أمين(*)

  

بتاريخ : 14/04/2022