تلك البراري

أيّها العماءُ المُدجّجُ بريْب الطّريق
خذْ بِيَدِي وقُدني إلى تلك البراري
حيث بناتُ آوى يعجن المدى بخطواتٍ تزدهي بالرّحيل
تقف عارية من حلم الغيوم وصبابة العصافير البرّية
من نكهة الرصاص القادم من جهة الحرب
من جلبة القطارات النازلة في خان الانتظار
حيث الأيائلُ تسترق السمع لرياح النّهر
لنشوة الحجر الظامئ لقبلة العشب
لندامة الطير من بريدٍ مؤجّل
حيث الذّئاب تلتهم الوقت بما تيسّر من مكائد
وموائد
ومواعيد لقتل النشيد في ناي الرعاة
وتمشي واثقة الخطوات في حضرة التوابيت
فيا أيها العماء دثّرني بما يكفي من صمتٍ
من سماء ترشدُ الغيم ، الحجر الشاهد على غربة الطير
بينما النهر يحتسي أشجاره وينام على أريكة الرمل
بينما الأبواب توزّع مفاتيحها على الغرباء وتنتحبُ
بينما النوافذ يتدحرج انتظارها و إلى عزلتها تغيبُ
وتغتاب الجدران بالذكريات
بيقظة الملح على الخدود
هذا هو أنت
تعبر جسرَ الأشجار
تتذكّر الممشى وأطيافه.. الأدغال و سرائر الغابة.. حبْر الحروف وحلمها.. ارتعاشة الريشة وهيبة الصلصال.. اللقلاق النابت فوق الصومعة.. الشاهد على سيرة الأسلاف.. الأمين على هدنة الظهيرة.. الحارس الشمس من مغيب محتمل .. من غارة الغرابين كلّ عشية.. حيث الحياة تنتعش على الجبال وفجاج المقام.. بين الربوات وهي تفشي سرائر حاملات الصوف إلى النبع.. تمتدح سيرة العشاق وهم يوزّعون القبل على البراري ويضيئون الغرف بأنفاس الفصول..


الكاتب : صالح لبريني

  

بتاريخ : 12/12/2025