أعترف أن شعورا غريبا ينتابني، كلما رأيتهما معا، كلما لامست شفتاه شفتها، وداعبت أنامله جسدها، شعور بالغيرة والألم. صوتها الدافئ وعطرها القوي، يغريه بالتسلل من فراشي، ليلبي نداءها، ويمضي بين أحضانها لحظات خيالية، فوق الأريكة الرمادية.
تلك الشقراء تحيرني، توترني، تبعثر أفكاري، وتشتت أحلامي الوردية، بشعرها الأشقر وفستانها الأبيض الضيق الذي لا تملك غيره، رائحتها تصيبني بالقرف، وترغمني على التقيؤ دون رغبة مني. ألقي بها أحيانا إلى حاوية الأزبال، لكنها تخرج من هناك لتستقر أمام كتبي الجميلة.
يا لها من عديمة الحياء، تجالس كل الرجال بدون رقيب أو حسيب، لا تتردد في تقبيل هذا ومضاجعة ذاك، جسدها مباح لكل عابر سبيل. ولا يحتج عليها أو يعاتبها، بل يجدد أيامه بأنفاسها.
ألملم ثنايا جسدي المحترق تحت الملاءة كل ليلة وأنا أسترق السمع إليه، يتنهد بصوت مسموع ويتنشق أنفاسها بالشرفة. حضورها القوي لا يطاق، يشككني في أنوثتي، يدفعني إلى الوقوف لساعات أمام المرآة، أتأمل جسدي الناعم المعطر بالصابون والكريمات الملينة.
تلك الشقراء، تلغي وجودي، تصيبني بالحنق، أنهض فجأة وأقف أمامه غاضبة:
– إما أنا أو هي في هذا البيت.
نظر إلي ببرودة، ورد علي بابتسامة ساخرة:
– الباب أمامك…
نظرت إليه مستغربة وأغلقت باب غرفتي.
تلك الشقراء…!
الكاتب : فاطمة الزهراء المرابط
بتاريخ : 27/10/2018