نظم العشرات من المتقاعدين، يوم الأربعاء الماضي، وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان بالعاصمة الرباط، للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية والاجتماعية، وعلى رأسها الزيادة الفورية والعادلة في المعاشات، وتوفير تغطية صحية فعالة وآمنة لكافة المتقاعدين والأرامل والفئات الهشة.
الوقفة، التي دعت إليها هيئة المتقاعدين المدنيين بالمغرب، شهدت مشاركة واسعة من متقاعدين ينتمون إلى قطاعات التعليم، الصحة، الوظيفة العمومية، والإدارات المحلية، قدموا من مختلف جهات المملكة، في تعبير واضح عن اتساع قاعدة الاستياء من الأوضاع الحالية التي يصفها المتقاعدون بـ»غير اللائقة» و»المجحفة في حق من خدموا الوطن لعقود».
في تصريح صحفي، أكدت الهيئة أن هذه المحطة النضالية تشكل «علامة فارقة في مسار الدفاع عن الحقوق المشروعة للمتقاعدين»، مشيرة إلى أن المطالب المطروحة تتسم بالواقعية والعدالة، ومن أبرزها:
الزيادة الفورية والعادلة في المعاشات، بما يضمن كرامة المتقاعد وحقه في العيش الكريم، في ظل ارتفاع مستمر في تكاليف المعيشة وتدهور القدرة الشرائية.
تحديد الحد الأدنى للمعاش في 3500 درهم، كإجراء استعجالي لمواجهة الفقر الذي يتهدد شريحة واسعة من المتقاعدين.
توفير تسهيلات حقيقية للولوج إلى الخدمات الصحية، لا سيما لفائدة الأرامل والأيتام والفئات الهشة من ذوي الحقوق.
إصدار بطاقة وطنية خاصة بالمتقاعدين والأرامل والأيتام، تتيح لهم الاستفادة من امتيازات تحفظ كرامتهم وتيسّر ولوجهم إلى خدمات النقل والصحة والمؤسسات العمومية والخدماتية.
وأعلنت الهيئة في ختام الوقفة عن دعوتها إلى تنظيم وقفة احتجاجية ثانية يوم الخميس 18 شتنبر 2025، أمام مقر وزارة الاقتصاد والمالية، بالتزامن مع اجتماع اللجنة التقنية المكلفة بمراجعة أوضاع المعاشات. وتهدف هذه الخطوة إلى «التأكيد على جدية المطالب، والضغط من أجل إدراجها ضمن أولويات الحكومة خلال إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2026».
ويشار إلى أن المتقاعدين في المغرب يشكلون فئة اجتماعية تتجاوز مليون و200 ألف شخص، بحسب معطيات الصندوق المغربي للتقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. غير أن عددا كبيرا منهم يتقاضى معاشات تقل عن الحد الأدنى للأجر، في ظل غياب إصلاحات جذرية لأنظمة التقاعد، واستمرار ما يصفه المتقاعدون بـ»تهميش سياسي واجتماعي» لهذه الفئة التي ساهمت في بناء مؤسسات الدولة.
وقد حذر خبراء في الشأن الاجتماعي من اتساع الهوة الاجتماعية بين فئة المتقاعدين وباقي المواطنين، معتبرين أن غياب إجراءات حقيقية لدعم هذه الفئة يهدد الاستقرار الاجتماعي، خاصة مع التغيرات الديمغرافية وتزايد نسبة الشيخوخة.
يؤكد المحتجون أن نضالهم لا يقتصر فقط على المطالب المالية، بل يتضمن أيضا بعدا اجتماعيا، ويهدف إلى الاعتراف بالدور الذي لعبه المتقاعدون في مختلف مراحل بناء الدولة ومرافقها، مشددين على أن «الاهتمام بالمتقاعد هو استثمار في القيم والذاكرة الوطنية».
يبقى السؤال المطروح: هل ستتجاوب الحكومة مع هذه المطالب المستعجلة، الأيام المقبلة، أم أن صرخات المتقاعدين ستُقابل مجددا بسياسة التجاهل والتأجيل؟ خاصة ما بعد اجتماع اللجنة التقنية للتقاعد.
تنامي احتجاج المتقاعدين بالرباط للمطالبة بزيادة المعاشات وتحسين أوضاعهم الاجتماعية

الكاتب : عبد الحق الريحاني
بتاريخ : 20/09/2025