تهنئة جلالة الملك للعداءين البقالي وكردادي رسالة مشفرة إلى إدارة جامعة ألعاب القوى

 

خلت برقية التهنئة التي وجهها جلالة الملك محمد السادس إلى العداءة المغربية فاطمة الزهراء كردادي، بمناسبة فوزها بالميدالية النحاسية في بطولة العالم لألعاب القوى، التي جرت مؤخرا بالعاصمة الهنغارية بودابيست، من أي إشارة إلى جامعة ألعاب القوى، ما يوحي بعدم الرضى عن الأوضاع التي تعيشها أم الألعاب خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة، عكس الديباجة التي دأبت عليها رسائل التهنئة الملكية لمختلف الرياضات المتوجة دوليا، على غرار منتخبات كرة القدم، التي حرص فيها جلالته مرارا على التنويه «بجهود كل من ساهم في تحقيق هذا التألق من لاعبين ومدربين وطاقم تقني وطبي وإداري، وكذا رئيس ومسيري الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم».
وهنأ جلالة الملك العداءة كردادي وأشاد بإنجازها، الذي اعتبره مستحقا «يشرف الرياضة المغربية ويؤكد حضورها المتألق في مختلف الملتقيات الدولية».
كما عبر جلالة الملك عن متمنياته لها بـ «موصول النجاح والتوفيق في مشوارك الرياضي، مشمولة بسابغ عطفنا ورضانا».
وكان جلالة الملك قد فعل الأمر نفسه حينما هنأ البطل العالمي سفيان البقالي، بعد احتفاظه بلقبه العالمي في سباق 3000 متر موانع، حيث أشاد جلالته بأدائه المتميز للظفر للمرة الثانية على التوالي بهذا اللقب العالمي المشرف للرياضة المغربية.
ومما جاء في برقية جلالة الملك «وإننا لنقدر بالغ التقدير ما تبذله من جهود حثيثة وعمل دؤوب، وما تتحلى به من عزيمة وروح وطنية عالية لتمثيل بلدك خير تمثيل بمواصلة رفع رايته خفاقة سامقة في المحافل الدولية».
ورغم أن المغرب فاز بميداليتين في بطولة العالم لألعاب القوى، إلا أن الحصيلة اعتبرت دون مستوى التطلعات، لأن المغرب يمتلك كل المقومات لتسجيل أفضل النتائج، كيف لا وهو الذي أصبح خلال أواخر القرن الماضي مدرسة رائدة على مستوى العالم، وأنجب أبطالا مازالت أسماؤهم مخلدة في الدفتر الذهبي لألعاب القوى وطنيا وعالميا، بفضل العمل الذي تم القيام به، عندما كانت تتواجد إدارة تقنية قوية وصارمة، تسهر على كل التفاصيل، وليست إدارة تقنية صورية، تنفذ أوامر وتوجيهات الجهات النافذة داخل فضاء أم الألعاب المغربية.
ويشتكي العديد من الفاعلين والمهتمين من كون ألعاب القوى الوطنية تحولت إلى محمية في ملكية أشخاص معدودين على رؤوس أصابع اليد الواحدة، وغيرهم مجرد كومبارس يؤثث الفضاء، حيث أن العارفين بخبايا هذه الرياضة على المستوى الوطني، لا يعرفون حتى أعضاء المكتب المديري للجامعة، لأن الغالبية لم تمر من الحلبة، وليست لهم دراية بتفاصيلها.
إن تتويج فاطمة الزهراء كردادي بالميدالية النحاسية كان تحديا شخصيا لهذه البطلة، التي قاومت التهميش والإقصاء وحتى الاتهام بتناول المنشطات، لأنها رفضت التعامل مع مدربي الإدارة التقنية، وأصرت على الاحتفاظ بمدربها، المغضوب عليه والمهمش من طرف الإدارة التقنية، رغم أنه كفاءة تقنية عالية،حيث يعد من أحسن مدربي سباق الماراثون على المستوى العالمي، بشهادة خبراء هذا النوع من السباقات.
لقد كان من الممكن أن تكون غلة الميداليات أكبر، لو تعاملت الإدارة التقنية الوطنية بالموضوعية المطلوبة مع مختلف العدائين، حيث أصبحت المشاركة في ماراثون الرباط وملتقى محمد السادس البوابة المشرعة لتمثيل المغرب دوليا، فعلى سبيل المثال، أقصي العداء عثمان الكومري، صاحب خامس أحسن توقيت عالمي، والفائز بالرتبة الثانية في ماراثون برشلونة، ومنح مكانه لعدائين يقلونه مستوى، فقط لأنه لم يشارك في مارثون الرباط.
إن التهميش تجذر في عروق هذه الرياضة، وطال الكفاءات في مختلف المجالات، فحتى الأطر التقنية غادرت صوب دول أخرى توفر لها فضاء مناسبا للاشتغال.
ويبقى الأمل، أن تفتح العيون مستقبلا، ويرحل كل من ساهم في هذا التراجع، حتى تستعيد أم الألعاب بريقها، وتستثمر في المواهب، التي ما أكثرها في المغرب، والتي تحتاج فقط إلى العناية والاهتمام، عبر توفير الملاعب وحلبات التباري، بدل التبجح بتوفير ملايين الدراهم في حسابات الجامعة، لأن المنطق يقتضي تخصيصها لدعم العدائين والجمعيات النشيطة، بدل الاقتصار على ذوي الحظوة، مع ضرورة فتح تحقيق حول الأسباب التي دفعت العشرات من العدائين المغاربة والأطر إلى الهجرة وتفصيل الدفاع عن ألوان أخرى غير القميص الوطني.


الكاتب : إبراهيم العماري

  

بتاريخ : 31/08/2023